الرائدة في صحافة الموبايل

حوار مع أحد أعمدة التنمية البشرية د. هشام صدقي من غزة

حاورته نادية الصبار

الدكتور هشام صدقي ابو يونس من فلسطين ، أستاذ جامعي و مدرب واستشاري تدريب فن الإدارة و القيادة و تنمية المهارات البشرية بفلسطين و الوطن العربي ، معنا اليوم في حوار خاص حول موضوع التنمية البشرية ، ماهيتها ، أهدافها و غاياتها و معيقاتها ، والذي نهنئه بمناسبة فوزه بجائزة الريادة والإبداع العربي ببيروت حيث تم تكريمه بوسام الابداع والريادة على مستوى العالم العربي تحت رعاية رئيس الحكومة سعد الحريري ، كما تم تكريمه للمرة الثانية في مؤتمر غذاؤك صحتك بجمهورية مصر العربية.

شخصية فذة وللصمود عنوان، فمن رحم المعاناة ومن قلب الألم والبؤس والمرارة وحاجة ملحة لحياة كريمة، جعل المحال ممكنا، فمن بين الركام راكم تجربة عمادها الإصرار و عتادها الانطلاق في رحلة جعلت التعمق في النفس البشرية غايتها، والغوص فيها مهمة أساسية، فبعد مسيرة تأمل طويلة وجد أن الواجد عز و جل أوجدنا و منحنا الحياة كي ننعم بها لا أن نتعذب ، فكانت مسيرته عطاء لا ينضب ، فأينما حل أو ارتحل ينثر رياحين الأمل.

يلف مجال التنمية البشريّة الكثير من الغموض ، فهلا سمحتم بأن تقدموا للمهتمين تعريفا مبسطا و مركزا له؟

التنمية البشرية أو التنمية الذاتية هي عمليّة زيادة الخيارات المتوفّرة للأفراد، وتشمل ثلاثة خيارات رئيسيّة، وهي توفير حياة صحيّة وبعيدة عن الأمراض، وزيادة انتشار المعرفة، وتوفير الموارد التي تُساهم في وصول الأفراد إلى مستوىً حياتيٍ لائقٍ، كما تُعرَّف التنمية البشريّة بأنّها العمليّة التي تهدف إلى زيادة كميّة الخيارات المتاحة للنّاس وحجمها؛ عن طريق زيادة المهارات والمُؤهّلات البشريّة.

اذا التنمية الذاتية تحفز المرء على الزيادة من كمية خياراته الممكنة ، فكيف تتم عملية تطوير الكفاءة لدى الأفراد للزيادة من حجم الخيارات لديهم ؟

تتجلى مهمة خبراء التنمية البشرية مهمة في مساعدة الأشخاص على تحقيق أهدافهم من خلال تفعيل قدراتهم الشخصية الكامنة، وذلك من أجل رفع الأداء الى أقصى درجة ممكنة، وكل ذلك يتم من خلال مساعدة الشخص على التعلم بدلاً من تعليمه. بطبيعة الحال هم يتقاضون المال مقابل خدماتهم، وعادة المبالغ المطلوبة تختلف بين مدرب وآخر وفق السمعة وحتى سنوات الخبرة، ولكنها في كل الأحوال مكلفة. ولكن بالتدريب والتطوير وغرس الامل للاخرين لإعطاء أمل للحياة التي يعيشونها وتعديل سلوك الاخرين نحو الأمثل لأنه ليس بالمال وحده يعيش الإنسان…هنا الفرق بين مدرب وآخر فمنا من ينظر للتنمية البشرية على أنها مكسب مادي و شخصي و منا من يجد متعة في التغيير وتطوير قدرات الآخرين نحو الأمثل .

حسبكم يمكن الحديث عن أهداف نبيلة للتنمية الذاتية بعيدا عن هاجس الربح و الشهرة التي يمكن لخبيرالتنمية جنيها ، فماهي إذا هذه الأهداف ؟

للتنمية البشرية العديد من الأهداف، منها ما يأتي: تنمية المعرفة والمهارات المكتسبة؛ وذلك من خلال دعم نظام التعليم الأساسيّ، بالإضافة إلى تدريب الشباب مهنياً، ومساعدتهم على اكتساب بعضٍ من مهارات العمل الضروريّة. العيش في بيئةٍ صحيّةٍ؛ ويتحقّق ذلك بتقديم خدماتٍ صحيّةٍ أساسيّةٍ يحتاجها الإنسان، وتوفير مرافق الرعاية الصحيّة، والخدمات الوقائيّة والطبيّة، والرعاية المختصّة بكلّ مرحلةٍ من مراحل حياة الإنسان العمريّة. توفير المستوى الجيد اللائق من المعيشة للإنسان؛ عن طريق تقديم خدمات الحماية الاجتماعيّة للأفراد، وخاصّة الفقراء منهم، وتقديم الإعانات الغذائيّة والنقديّة التي تحتاجها الأُسر الأشدّ فقراً، وكذلك توفير المساكن لمن يحتاجها، ومن الطرق التي تُساعد على رفع مستوى المعيشة: تقديم قروضٍ صغيرةٍ لمن يحتاج إلى عملٍ؛ لتُدِرّ عليه الدّخل الذي يُؤمّن له كفايته، ويسدّ حاجته.

تمتّع الإنسان بأقصى درجات الحقوق التي يمكن توفيرها، ومنع جميع أنواع الإساءات التي قد يتعرّض لها، والبحث عن الأسباب التي تكون وراء حدوث أي اعتداء على الإنسان ، وانتهاك لحقوقه . تحسين مستوى أداء الفرد، فإذا كان الفرد جديداً في عملٍ ما، يتمّ تدريبه على إتقان عمله وكيفيّة إنجازه بكفاءة، أمّا إذا كان الفرد من الأشخاص الذين لديهم خبرةٌ في العمل، فتتمّ تنمية ما لديه من خبرات. تقليل حوادث العمل قدر الإمكان؛ التي يعود سببها إلى عدم وجود الكفاءة لدى الأفراد، وبتدريب هؤلاء الأفراد يقلّ تكرار الحوادث معهم. النموّ والارتقاء الشخصيّ، الذي يتمثل بتحسين ثقة الفرد بنفسه، وشعورهِ بكفاءته الذاتيّة، وتحسين صورته عن ذاته . تحسين المستوى الاجتماعيّ، ممّا يضمن للأفراد فرصاً أفضل للعمل، وكسب أجورٍ أعلى، والشعور بأهميّتهم في المجتمع. رفع المعنويات لدى الأفراد؛ فإذا تحسّنت المهارات لديهم وارتفع مستواها وزادت المعرفة، فإنّ ثقة الأفراد بأنفسهم سترتفع، ويزداد استقرارهم النفسيّ، وترتفع روحهم المعنويّة. وهناك أهدافٌ أخرى تتحقق ضمن أهداف التنمية البشريّة، كالأهداف الإداريّة التي تشمل تخفيف العبء عن المُشرفين؛ فعمليّة الإشراف والمتابعة تحتاج إلى وقتٍ كبير، بينما بوجود كوادر مُدرَّبة وذات مهارة عالية، تصبح العمليّة أسهل، وتأخذ وقتاً أقلّ، وبتدريب الموارد البشريّة وتنميتها يمكن العمل على المبدأ الذي يقول: (الرجل المناسب في المكان المناسب)، حيث يتمّ تطبيق هذا المبدأ بعد اكتشاف الكفاءات والمهارات لدى كل فرد في العمل.

كثيرا مايتم الحديث عن الأهداف الإجرائيّة، فهلا أخبرتتا دكتور هشام عن هذه الإجراءات ؟

إنها الاستخدام الأمثل للموارد المُتاحة، وذلك باستغلال ما لدى الأفراد من مهارات مُكتسبة .

و كيف تتحقق إذا ؟!

تتحقق الأهداف الإجرائيّة أيضاً بوجود التوافق الدائم والمستمرّ بين ما يمتلكه العاملون من مهاراتٍ وقدراتٍ، وما يحدث من تغيّرات مستمرة في بيئة العمل، ومتطلّباتهِ العديدة.

دكتور هشام أبو صدقي هلا أخبرتنا كيف و أين تتجلى أهمية التنمية البشريّة ؟

للتنمية البشرية أهميّة كبيرة في مجالات الأعمال والصناعات، منها:أنّ الأفراد عند التحاقهم بعملٍ جديد، يكونون بحاجةٍ إلى دورات تدريبيّة خاصة؛ للقيام بمهامّ الوظائف الجديدة التي سيشغلونها. إنّ الوظائف والأعمال في تغير مستمرّ، وبعض الأفراد ينتقلون من عملٍ إلى آخر، فلا يؤدّون عملاً واحداً، لذلك يكون من الضروري إعادة تدريبهم على الأعمال والوظائف التي يُشغلونها حالياً. إنّ وجود التطور التكنولوجي وتقدمه، وما يترتب عليه من أمورٍ مستحدثةٍ كإدخال وظائف جديدة إلى سوق العمل، وإلغاء وظائف أخرى لتتناسب مع التكنولوجيا الحاصلة، يستدعي تنمية الأفراد وتدريبهم وإعدادهم لذلك الأمر. إنشاء صناعات ومجالات جديدة لم تكن من قبل، وهذا يتطلّب من أصحاب هذه المؤسسات تدريب العاملين على مهاراتٍ معينةٍ، لتتناسب قدراتهم مع العمل الجديد، وحتى لو كان هؤلاء الأفراد ذووا مهارةٍ وكفاءةٍ عاليتين، فإنّهم بحاجةٍ إلى تدريبٍ خاصّ على تلك الأعمال.

هذا على المستوى النظري ، عمليا أكيد أن ثمة معيقات تعوق التنمية البشرية و تعوق خبراء التنمية في أداء مهامهم ؟

هناك مشكلاتٌ عديدة تُعيق التنمية البشريّة، على رأسها المشكلات السياسيّة وهي كُبرى المشكلات التي تواجه التنمية البشريّة، وأساسها، خاصةً إذا ترتّبت عليها حروبٌ بين الأمم، أو حصارٌ اقتصاديّ. المشكلات الاقتصاديّة: تأتي بالدرجة الثانية في الأهميّة بعد المشكلات السياسيّة؛ فإذا تدهورت الظروف السياسيّة وساءت، ساء الوضع الاقتصادي تِبعاً لذلك؛ فالاقتصاد هو الركيزة التي تقوم عليها الأمم لتطويرها، ووضع دعائم البنية التحتيّة لبلادها على كافة المستويات. المشكلات الصحيّة كذلك عائق نحو الننمية البشرية فالحروب والتدهور الاقتصادي الذي نشأ عنه، يتسبب لدى الأمم بمشاكل صحيّة عديدة، كسوء التغذية الناتج عن الفقر، أو انتشار الأمراض والأوبئة المُترتّبة عن الفقر الشديد. هذا دون أن نستثني من الحديث المشكلات التعليميّة: فالتعليم يعتمد في نجاحه وتقدّمه عند الأمم على استقرارها، ومدى درجة التنمية التي وصلت إليها. أيضا المشكلات الاجتماعيّة والثقافيّة: فهي قمّة الهرم لمشكلات التنمية البشريّة، و التي هي نتاج لتداخل ما سبق من المشكلات الذي يعطي حالة من الجهل والتعصب تؤدي لخلافات وصراعات دائمة.

بعيدا عن السياسة و المال ، ماهي العوائق الأخرى التي تتسبب بشكل أو بآخر في إعاقة عملية التنمية البشرية ؟

نعم ، ثمة عوائق أخرى و التي سأجملها في غياب عنصر التدريب وتطوير المهارات في مؤسسات المجتمع المحلى والرسمي، و حتى إن وجد يكون ضعيفا ،إلا أن هناك بعض الدول كفلسطين الأردن ومصر والمغرب يوجد بها هيئات تدريب متخصصه رسمية تقوم على التدريب والتطوير بصورة مستدامة ،وكوني فلسطيني أعيش في دولة فلسطين أقول لكم بأن هناك هيئة التدريب تسعى دوماً لتدريب الكوادر وتأهيل الشباب في شتى الميادين وفق الأسس العلمية والعالمية والعملية. ، في حين تفتقد دول أخرى لذلك، في حين تعتمد الأيادي العاملة ببعض البلدان على نفسها في تطوير ذاتها، بالوقت الذي يفترض فيه على صاحب العمل و المشغل أن يعمل على تدريب وتوجيه جهودهم ، هذا و أن الافتقار لذوي الاختصاص والكفاءة في الموارد البشرية يزيد الطين بلة ، أضف غياب الوعي المؤسسي والفردي بمدى أهمية التنمية البشرية، وإهمالها كما يمكن الإشارة في هذا الباب لتدني مستويات الميزانية في مشروعات التنمية البشرية مما يجعلها عاجزة عن التطور والنمو إذا ما انضاف له عدم قيام أرباب العمل بدورهم المتوقع في التنمية البشرية و اذا ما رافقه غياب التنسيق بين تنظيمات المجتمع المدني للتأثير بمشروعات التنمية البشرية والاستفادة منها .

ماذا يمكن لخبراء التنمية البشرية تقديمه من أجل رقي المجتمع و حياة أفضل ؟

يُعتبر علم التنمية البشرية واحداً من أهم العلوم وأكثرها تأثيراً على حياة الإنسان ومستقبله، يستطيع خبراء التنمية البشرية تقديم العديد من اسهاماتهم في المجتمع حول تعديل السلوك ونبذ العادات والتقاليد السلبية وحث الاخرين نحو التخلص من السلبيات وزرع بذور الامل وصناعة التغير نحو المستقبل خبراء بالاضافة تقديم العديد من المحاضرات والكتب التي تهدف جميعها لمساعدة الإنسان على تخطي مختلف المشاكل الحياتيّة، وكذلك بتطوير مؤسسات الدوله .

كفلسطيني ، من قلب الحصار و المعاناة ما مدى مساهمة هذه الخبرة في تغيير الأوضاع و التخفيف من وطأة الاستيطان؟

لاداعي لهذا السؤال لانه لا انا ولا الأمة العربية قاطبة تستطيع فك الحصار وتخفيف الاستيطان لأنها قضية استعمار عرقي ، إذ لاتوجد بقعة على الارض مستعمرة ومحتله الا فلسطين لذلك لاداعي لخلط السياسة بالتنمية البشرية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد