الرائدة في صحافة الموبايل

عن أسباب تفشي الجريمة، يجيبنا د. نبيل بوحميدي

حاورته نادية الصبار
أمام التوالي الملحوظ واللافت للانتباه والنظر؛ في صفوف الجريمة بل والتمثيل بالجثث، من موقعنا الإعلامي الرافض تمام الرفض للتسابق على استهلاك صور الضحايا ونشرها على الموقع، لا لشئ إلا للزيادة من المشاهدة ومزيد من الانتشار، ولو على حساب الأخلاق العامة والسلوك السوي… فعوض هذا الانكباب الأعمى والتهافت الأبكم، ارتأينا أن نجري الحوار الآتي، ساعين من خلاله لإثارة بعض النقاط ومحاولة فهم أسباب انتشار الجريمة.

سيجيبنا على أسئلتنا التي تدور رحاها حول أسباب تفشي الجريمة في مجتمعنا المغربي، الأستاذ نبيل بوحميدي، دكتور بمجال الحقوق ومدير موقع “ماروك دروا”.

تتشرف جريدة دنا بريس بمحاورتكم من جديد، نجدد بكم الترحاب دكتور نبيل بوحميدي.

بداية وكسؤال أولي لماذا تفشت الجريمة في مجتمعنا المغربي؛ حتى بات مجتمعنا مسرحا للجريمة الشنيعة والنكراء؟ ما هو انطباعكم دكتور حول جريمة حي الفرح بالدارالبيضاء التي تم فيها تكبيل امرأة من الأيدي والأرجل ورميها بمكان عام بعد حرقها و التمثيل بجثتها؟!

إن أول انطباع يمكن أن يسيطر على الحقوقيين والباحثين الأكادميين بعد عدد من الجرائم التي أصبح يتم يقترافها مؤخرا آخرها قتل شرطي لزوجته برصاص مهني وطريقة التمثيل بجثة ضحية حي الفرح بالدار البيضاء هو أنه أصبح من اللازم التنبيه إلى أن العنف ضد النساء تجاوز مجرد الإعتداءات الجسدية إلى الإعتداء على النفس البشرية بالقتل، ما أصبح من اللازم معه أطلاق دراسة علمية ترصد بجدية أسباب هذا المسار الخطير في منحنى الجريمة بالمغرب.

*إلى ما يعزى انتشار الجريمة؟ هل له علاقة بالفقر والتهميش وغياب العدل، أم له علاقة باختلال قيمي وعقدي؟!

لنكن بداية منصفين ونعترف بأن الجريمة وتناميها ليس منحصرا في المغرب وحده؛ بل هي حالة عالمية يعانيها عدد من دول العالم، إلا أن الملاحظ على مستوى المغرب كما هو شأن أغلب الدول ذات “الثقافة المحافظة”، فإن جرائم القتل إما تكون من طرف شركاء حميمين، أو جرائم عشوائية نتيجة التعاطي للمخدرات المهلوسة. هذا إضافة إلى عدة أسباب رصدتها تقارير أممية تم إنجازها في هذا الشأن والتي تم تحديدها على سبيل المثال لا الحصر في انتشار الأسلحة والمخدرات والكحول وظواهر عدم المساواة والبطالة وعدم الاستقرار السياسي والقوالب النمطية المبنية على النوع.

*بالرجوع إلى النظريات الفلسفية التي تناولت الجريمة، فعلى اختلافها؛ فقد قومت السلوك الإجرامي على أنه سلوك مكتسب، وليس سلوكا معطى أو وراثيا له علاقة بجينات تحفز السلوك الإجرامي… فما هي أهم دوافع السلوك الإجرامي، فهل هو التقليد و المحاكاة والرفقة أم خلل في السلوك أم اضطراب في الشخصية أم تداخل مجموعة من العوامل؟

أول ما يجب الإشارة إليه كجواب هو تراجع القواعد الأخلاقية والفكر السلمي لصالح فكرة الإنتقام ومسايرة حالات الغضب التي تمنع الإنسان من إتخاذ قرارات عقلانية، وبصفة عامة فإنه من غير المنهجي تحديد دوافع معينة على مستوى السلوك للجزم انها هي الحاسمة في تغير السلوك البشري على مستوى الفعل الإجرامي، بل والأكثر من ذلك فإن جميع دراسات علم الاجرام والعلوم الموازية له المرتبطة بالسلوك الإجرامي توافقت على أنه من الخطأ تعميم أسباب الجريمة بشكل قاطع وشامل وثابت ومستقر ليطبق على كافة الأفعال الجرمية، إلا أن الأمر الواضح هو أنه على مستوى الممارسات اليومية في الشارع المغربي هناك تأثير القلق والغضب والردود السريعة والعنيفة على مستوى عدد من الخلافات العادية التي قد تفضي للجريمة.

* إذا جزمنا بأنه سلوك مكتسب ألا تساهم مسسبات أخرى في تعزيز السلوك الإجرامي، الإعلام كنموذج?! أو بعبارة أدق؛ ألا يساهم الإعلام في تعزيز السلوك الإجرامي وتأجيجه من خلال البث غير المقنن واللاعقلاني لمواد إعلامية ذات محتوى متسم بالعنف وغارق في الدم والجريمة، والنشر المجاني لها في غياب لأدناه رقابة؟!

أكيد فالملاحظ أن عددا من وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي تمرر عنفا معنويا يساهم في زيادة منسوب العنف المادي بشكل أو بآخر…

* هل يمكن أن نجزم وفي غياب لرسالة إعلامية حقيقية وواضحة المعالم؛ بأن التدافع نحو السبق والزيادة في المشاهدة معزز للجريمة؟!

هذا في حقيقة الأمر موضوع يستفاظ فيه الحديث، بإيجاز يمكن القول؛ بصفة عامة، أن ما أصبح يعرف ب”البوز” قد ساهم وبشكل كبير في تراجع الرسالة الحقة للإعلام لصالح التفاهة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد