الرائدة في صحافة الموبايل

المفكر عبد الله ساعف يحاضر طلبة ماستر فلسفة القانون حول العدالة وأسئلة العدالة الاجتماعية

  الإعلامي  ياسين شاكور – دنا بريس

 نظم ماستر فلسفة القانون درسا افتتاحيا برسم السنة الجامعية 2020-2019 بعنوان فلسفة القانون مفهوم العدالة وأسئلة العدالة الاجتماعية، ألقاه الدكتور عبد الله ساعف يوم الخميس 05 دجنبر 2019 على الساعة العاشرة صباحا بمدرج الإمام مالك في كلية الآداب والعلوم الإنسانية- المحمدية.

  انطلق الدرس الافتتاحي بكلمة قلبية ألقاها الدكتور المختار بنعبدلاوي، باسم أساتذة وطلبة ماستر فلسفة القانون، شكر فيها المفكر عبد الله ساعف على تقبله للدعوة الكريمة. شكر المفكر ساعف بدوره كل الحاضرات والحاضرين، وانطلقت مداخلته من إبرازه الارتباط القائم بين فلسفة القانون ومسألة العدالة، خاصة العدالة الاجتماعية؛ إذ شكلت هذه مركز اهتمام فلاسفة القانون، خاصة في القرن التاسع عشر، فقد ذهب كانط، على سبيل المثال لا الحصر، في نصه الشهير (نزاع الكليات)، إلى البحث عن القانون للكشف عن تطبيق صحيح له، فضلا عن وقوفه عند ماهية العدل والعدالة، وعند أساس التوزيع الذي يستحقه كل فرد على حدة في مجتمع معين. هكذا، فموقع التفكير في العدالة هو فلسفة القانون.

وتبعا لذلك، أكد الأستاذ ساعف على الأصل الألماني لفلسفة القانون، وبالضبط مع هيغل في كتابه مبادئ فلسفة القانون. إذن، اشتغل أغلب الفلاسفة على مجالات نظرية العدالة، وتوقفوا كثيرا عند مدارس القانون الطبيعي بأجياله المختلفة والمتعددة ( مثلا توقفوا عند وولف وبوفندورف، وغروشيوس في القرن 16م)؛ أي ثمة قانون طبيعي أسمى من كل القوانين الوضعية، فهو كائن في الطبيعة وفي العلاقات الاجتماعية على السواء. وبالتالي هو مُنطلق حكم البشر على القانون الوضعي، فاستعمله الناس كسلاح ضد السلطوية في تلك المرحلة للتمييز بين العادل وغير العادل، من هذا التمييز برزت فلسفة القانون. وأشار المفكر ساعف إلى وجود برامج في مرحلة من مراحل الجامعات الغربية تبين أن أساتذة النظرية السياسية والفلسفة الأخلاقية هم ممن أطروا إشكالية العدالة في فلسفة القانون، وبالتالي وقع خلط بين فلسفة القانون ونظرية القانون والدولة، وكلمة نظرية لا تعني المعنى التأملي غير الواقعي بل هي واقعية، لهذا حاولت أغلب هذه النظريات أن تكون علمية؛ فقد عنون كلسن (أحد رموز نظرية القانون والدولة) كتابه المركزي بالنظرية الخالصة للقانون؛ أي النظرية الخالية من كل الاعتبارات غير القانونية.

      علاوة على ذلك، أسهب المفكر ساعف الحديث عن أهمية الكتاب الخامس من كتاب الأخلاق إلى نيقوماخوس لأرسطو طاليس؛ بحيث بحث أرسطو فيه عن الرجل العادل، مؤكدا على أن للوصول إلى حقيقة العدل يجب أن نعدل الزوايا، والحقيقة التي نصل إليها حقيقة مؤقتة. ومن هذه الزوايا هناك اختلاف في معرفة ما هو عادل. ومعرفة ما هو عادل تتطلب ضرورة تجميع الأدلة وترتيبها لمعرفة حقيقة العدل. فيمكن تبرئة الجاني حسب درجة مهنية من يدافع عنه. لهذا فالأمر مرتبط بالإقناع من جانب أطراف المحكمة.

هذا الجانب المنهجي لا زال حاضرا حتى الآن في التفكير في أسئلة العدالة الاجتماعية. الجانب الثاني في كتاب أرسطو يؤكد أن هناك طريقتين لممارسة العدل: إما عن طريق التوزيع أو عن طريق جبر الضرر. ولا يمكن لأية عملية أن تخرج عن هاتين العمليتين البنيويتين التي تتحكمان في العدل. وبالتالي فالحاكم هو من يوزع الممتلكات المادية أو الرمزية، ومن الصعب تصور حاكم بدون موارد. لا يمكن أن تتم السلطة خارج الموارد لكن السؤال هو كيف تتوزع هذه الموارد؟ هذه الموارد تتوزع بشكل نسبي حسب الاستحقاق، فلا شيء، حسب أرسطو، مطلق. وأطروحة أرسطو تتناقض مع تصور القانون الطبيعي.

 هذا التصور هو تصور أساسي لا زال يتحكم في مفهوم العدالة، وهذه المقاربة تمتد حتى اليوم. لكن، هناك مسألة أخرى نجدها في الماركسية وهي التأكيد على أن المساواة هي العدالة، ولا يمكن للقيم الشكلية أن تتفوق على العدالة الاجتماعية التي تتميز بمضمون اقتصادي اجتماعي واضح. من جهة أخرى، مسألة العدالة كانت مقاربة مثيرة مع إرنست بلوخ الذي يؤكد على مبدأ الطوباوية باعتباره محركا للتاريخ لممارسة التغيير، وكتبه كلها تتضمن مبدأ الأمل؛ فنحن نتطلع لأفق، وهذا الأفق هو الذي يعطي دلالة لأعمالنا وحركتنا.

والعدالة عند بلوخ هي الحق في التموقع في المجتمع بكرامة، وهي مرتبطة بحقوق عينية.

يبدو أن العدالة تتموقع بين هذه الإتجاهات، فالمجتمع يمكن أن يحقق العدالة من جوانب مختلفة. لكن السؤال الذي يجب التصدي له هو ماذا نعني بالاجتماعي في العدالة؟

أولا، يوجد الاجتماعي، حسب الدكتور ساعف، في وزارة المالية؛ أي تلك الأظرفة المالية التي تُخصص لمكافحة آثار الجفاف، فضلا عن أظرفة وزارة الداخلية والفلاحة، وفي ذهن المسئول المالي أنه يساهم في العدالة الاجتماعية. 

المفهوم الثاني هو النقابات الخاصة بدفاتر المطالب، والذي يحتوي على المطالب المادية والمعنوية؛ لا يتعلق الأمر بالزيادة في الأجور والتعويضات والامتيازات المادية فقط، وإنما بتحسين ظروف العمل مثلا.

المفهوم الثالث برز في المغرب منذ التسعينات وهو مفهوم “محاربة الفقر والهشاشة” واللامساواة والتفاوتات الاجتماعية، وهو مفهوم برز بتأثير المنظمات الدولية.

المفهوم الرابع يحتوي على مطالب متعددة وهو لم يستقر بعد في المغرب. ظهر قبل الربيع العربي وطفا على السطح إبانه، وبقي بشكل متقطع ومتفاوت حسب القطاعات والمواضيع والجهات.

      أخيرا، قدم الدكتور ساعف ثلاث ملاحظات لختم هذا الاستعراض: الملاحظة الأولى؛ تتعلق بأصل التفاوتات، يمكن أن نتفق حول المؤسسات المشروعة التي تضمن التوزيع العادل سواء حسب الكتاب الخامس لأرسطو أو حسب ميزان القوى المتغير. هذا الاتفاق حول المؤسسات يمكن أن يضمن لنا توزيعا عادلا: صندوق المقاصة أو غيره في إطار الفرضية الديمقراطية. الأفراد ينشئون مؤسسات تسمح بتوزيع عادل عقلاني بين الأفراد، وبذلك نفسر التفاوت في إطار تطور المؤسسات ( كانت مسألة العدالة الاجتماعية في قلب الحركة الوطنية مع أنها غير مكتوبة وغير منصوص عليها).

الملاحظة الثانية: تبرير الوضع الاجتماعي؛ هناك مجموعة أولى تتلقى الموارد الموجودة في البلد، وهناك فئة ثانية يصلها جزء محدود من هذه الموارد. كيف يمكن تفسير هذا الفرق ؟ هل يتم تفسيره بالدين أم بالقانون الطبيعي أم بفرضية انتظار نضج الموارد للاهتمام بالتنمية. تجاوزا لهذه التأويلات الفردية للعلاقات الاجتماعية هناك مسألة السيطرة، التفاوتات بين الإمكانات المتاحة وشروط إعادة الإنتاج.

الملاحظة الثالثة: إلى أي حد تتجاوز هذه التفاوتات ما يمكن تحمله؟ التفاوت الاجتماعي يجب أن يثير ردة فعل. قد يكون نظام الفئات المغلقة أكثر عدالة من المجتمع المتفاوت، والفروق الاجتماعية المحدودة نسبيا لا يمكن قبولها. أما ‘رتياسن’ في كتابه “التفكير في اللامساواة”، يطرح مسألة التفاوتات بين الموارد والحظوظ والعيش الكريم، الخ، ويتسائل: هل يتعلق الأمر، حين نتحدث عن المساواة، باستحضار جانب واحد فقط دون الجوانب الأخرى؟ ألا يعني قبول المساواة في جانب معين تأكيدا للتفاوت في جانب آخر (الكفاءة مثلا)؟

    إذن، يجب أن يكون  النقاش حول العدالة الاجتماعية، حسب الدكتور ساعف، نقاشا مفتوحا، وينبغي استحضار مجمل عناصره. وعلى المشتغل في الحقل الفلسفي رفع مستوى النقاش العمومي حول العدالة الاجتماعية.

أخيرا، شكر الدكتور المختار بنعبدلاوي المحاضر على عرضه القيم، وأكد على أنه في حاجة إلى إعادة طرح الإشكاليات التي تطرق لها الدكتور ساعف بتركيز لأن النماذج التي قدمها الأستاذ عبد الله ساعف تمتد على 25 قرنا من المدينة الدولة في أثينا إلى راولز، فهي بقدر ما بسطت الفهم بقدر ما صعبت وعقدت العلاقة بين الاجتماعي والواقعي والتاريخي الآني والتعاقبي، ولاحظ بأن العرض كان في شقّين، شِق يمكن أنه تاريخي كوني حول مبحث العدالة ثم هناك تبرير للحالة المغربية من خلال إشكالية العدالة الاجتماعية وعلاقتها بإعادة التوزيع وبمفهوم الكرامة.

      وبالتالي، تحدث الدكتور عبد الله ساعف، في البداية، عن تصورين للعدالة، العدالة كقيمة متعالية مجردة لدى الإغريق بشكل خاص، العدالة المؤجرئة على نظريات واضحة، في هذه العلاقة تتبين لنا ثلاث حقول، حقل التأمل الفلسفي وترتبط بكيفية تأمل الفيلسوف للعدالة، الحقل الثاني، يمكن القول أنه خلاصة مغربية مبنية على هذه المقاربة التاريخية؛ وهي مفهوم العدالة الاجتماعية وحضورها كسؤال في ارتباطها بقيمة الكرامة، والقدرة على الاستجابة وعلى التفاعل معها عبر آليات قانونية.

      وعليه، كان في إمكان الأستاذ ساعف، حسب الدكتور بنعبدلاوي، أن يطرح فكرة الضريبة كآلية لإعادة التوزيع والعدالة الاجتماعية، لكنه لم يريد أن يبتعد بالحاضرات والحاضرين، وركز على دور الدولة في التوزيع وآليات جبر الضرر. من هنا فسؤال العدالة هو سؤال أمامه احتمالات متعددة:

أولا، يوجد الاجتماعي، حسب الدكتور ساعف، في وزارة المالية؛ أي تلك الأظرفة المالية التي تُخصص لمكافحة آثار الجفاف، فضلا عن أظرفة وزارة الداخلية والفلاحة، وفي ذهن المسئول المالي أنه يساهم في العدالة الاجتماعية. 

المفهوم الثاني هو النقابات الخاصة بدفاتر المطالب، والذي يحتوي على المطالب المادية والمعنوية؛ لا يتعلق الأمر بالزيادة في الأجور والتعويضات والامتيازات المادية فقط، وإنما بتحسين ظروف العمل مثلا.

المفهوم الثالث برز في المغرب منذ التسعينات وهو مفهوم “محاربة الفقر والهشاشة” واللامساواة والتفاوتات الاجتماعية، وهو مفهوم برز بتأثير المنظمات الدولية.

المفهوم الرابع يحتوي على مطالب متعددة وهو لم يستقر بعد في المغرب. ظهر قبل الربيع العربي وطفا على السطح إبانه، وبقي بشكل متقطع ومتفاوت حسب القطاعات والمواضيع والجهات.

      أخيرا، قدم الدكتور ساعف ثلاث ملاحظات لختم هذا الاستعراض:

الملاحظة الأولى؛ تتعلق بأصل التفاوتات، يمكن أن نتفق حول المؤسسات المشروعة التي تضمن التوزيع العادل سواء حسب الكتاب الخامس لأرسطو أو حسب ميزان القوى المتغير. هذا الاتفاق حول المؤسسات يمكن أن يضمن لنا توزيعا عادلا: صندوق المقاصة أو غيره في إطار الفرضية الديمقراطية. الأفراد ينشئون مؤسسات تسمح بتوزيع عادل عقلاني بين الأفراد، وبذلك نفسر التفاوت في إطار تطور المؤسسات ( كانت مسألة العدالة الاجتماعية في قلب الحركة الوطنية مع أنها غير مكتوبة وغير منصوص عليها).

الملاحظة الثانية: تبرير الوضع الاجتماعي؛ هناك مجموعة أولى تتلقى الموارد الموجودة في البلد، وهناك فئة ثانية يصلها جزء محدود من هذه الموارد. كيف يمكن تفسير هذا الفرق ؟ هل يتم تفسيره بالدين أم بالقانون الطبيعي أم بفرضية انتظار نضج الموارد للاهتمام بالتنمية. تجاوزا لهذه التأويلات الفردية للعلاقات الاجتماعية هناك مسألة السيطرة، التفاوتات بين الإمكانات المتاحة وشروط إعادة الإنتاج.

الملاحظة الثالثة: إلى أي حد تتجاوز هذه التفاوتات ما يمكن تحمله؟ التفاوت الاجتماعي يجب أن يثير ردة فعل. قد يكون نظام الفئات المغلقة أكثر عدالة من المجتمع المتفاوت، والفروق الاجتماعية المحدودة نسبيا لا يمكن قبولها. أما ‘رتياسن’ في كتابه “التفكير في اللامساواة”، يطرح مسألة التفاوتات بين الموارد والحظوظ والعيش الكريم، الخ، ويتسائل: هل يتعلق الأمر، حين نتحدث عن المساواة، باستحضار جانب واحد فقط دون الجوانب الأخرى؟ ألا يعني قبول المساواة في جانب معين تأكيدا للتفاوت في جانب آخر (الكفاءة مثلا)؟

    إذن، يجب أن يكون  النقاش حول العدالة الاجتماعية، حسب الدكتور ساعف، نقاشا مفتوحا، وينبغي استحضار مجمل عناصره. وعلى المشتغل في الحقل الفلسفي رفع مستوى النقاش العمومي حول العدالة الاجتماعية.

أخيرا، شكر الدكتور المختار بنعبدلاوي المحاضر على عرضه القيم، وأكد على أنه في حاجة إلى إعادة طرح الإشكاليات التي تطرق لها الدكتور ساعف بتركيز لأن النماذج التي قدمها الأستاذ عبد الله ساعف تمتد على 25 قرنا من المدينة الدولة في أثينا إلى راولز، فهي بقدر ما بسطت الفهم بقدر ما صعبت وعقدت العلاقة بين الاجتماعي والواقعي والتاريخي الآني والتعاقبي، ولاحظ بأن العرض كان في شقّين، شِق يمكن أنه تاريخي كوني حول مبحث العدالة ثم هناك تبرير للحالة المغربية من خلال إشكالية العدالة الاجتماعية وعلاقتها بإعادة التوزيع وبمفهوم الكرامة.

وبالتالي، تحدث الدكتور عبد الله ساعف، في البداية، عن تصورين للعدالة، العدالة كقيمة متعالية مجردة لدى الإغريق بشكل خاص، العدالة المؤجرئة على نظريات واضحة، في هذه العلاقة تتبين لنا ثلاث حقول، حقل التأمل الفلسفي وترتبط بكيفية تأمل الفيلسوف للعدالة، الحقل الثاني، يمكن القول أنه خلاصة مغربية مبنية على هذه المقاربة التاريخية؛ وهي مفهوم العدالة الاجتماعية وحضورها كسؤال في ارتباطها بقيمة الكرامة، والقدرة على الاستجابة وعلى التفاعل معها عبر آليات قانونية.

وعليه، كان في إمكان الأستاذ ساعف، حسب الدكتور بنعبدلاوي، أن يطرح فكرة الضريبة كآلية لإعادة التوزيع والعدالة الاجتماعية، لكنه لم يريد أن يبتعد بالحاضرات والحاضرين، وركز على دور الدولة في التوزيع وآليات جبر الضرر. من هنا فسؤال العدالة هو سؤال أمامه احتمالات متعددة: هل إعادة بناء الموارد تصبح أكثر قابلية للتوزيع، ممكنة، في عالم تنتقل فيه رؤوس الأموال والاستثمارات بسهولة ويُسر دائما بالعلاقة مع اتساع الأسواق، وانخفاض الجبايات، وكذلك ضعف عائدات السلع؟ هكذا، فالعرض كان غني بالأسئلة والاحتمالات والمواضيع، التي تطرح عدة إشكالات  سواء في البعد القانوني أو البعد الفلسفي، أو في تقاطعات متعددة.

    

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد