الأحرار والعبيد…
الدكتور مصطفى كرين، رئيس المرصد الوطني للعدالة الاجتماعية
يبدو أن هناك من فهم مقولة ” يولد كل الناس أحرارا” بشكل خاطيء تماما ، إن المقصود ب “الأحرار ” هنا ليس جماعة أو حزبا وإنما هي وصف لوضعية اجتماعية ملازمة لكل بني البشر ، وتضمن الكرامة والمساواة بين الجميع .
صحيح أن كلمة “الأحرار ” لغويا هي جمع حر وهي ضد ” العبيد” جمع “عبد ” ، وصحيح أن العلاقة بين “الأحرار” والعبيد في مخيلة الغالبية العظمى منا هي تلك الصورة التي يقوم من خلالها ” الأحرار ” ب”سلخ ” العبيد في إطار “إعادة تربيتهم ” وردهم إلى جادة ال”الصواب” من وجهة نظر ” الأحرار ” ، وصحيح أن ال” الأحرار ” عادة لم يكونوا يحتاجون إلى أي جهاز قضائي أو محكمة ولا لأية محاكمة لتملي عليهم كيف يمكنهم معاقبة “العبيد ” ، فمنهم الخصم والحكم.
ولكننا في نفس الوقت كنا نظن بأن هذه العلاقة القروسطية بين بني البشر ” أحرارا ً” و “عبيدا” قد انقرضت تماما أو تقريبا وأنه تم استبدالها ب”حقوق الإنسان ” ومبادئ الحرية والعدالة وحق الاختلاف وحرية التعبير وباقي “الشعارات الفارغة” .
وخصوصا أننا على بعد قرنين ونصف تقريبا على إلغاء العبودية في البرتغال ( فبراير 1761) وقرنين على إلغائها في فرنسا (1817) ، وقرن ونصف على إلغائها بالولايات المتحدة ( 1865) , وأربعة عشر قرنا على إلغائها في الإسلام .
يبدو أن هذه العلاقة بين ” الأحرار ” و” العبيد ” لازالت تتسم ببعض اللبس في ذهن البعض عندنا ، خصوصا حين تظن طائفة من الناس أنه يكفيها أن تطلق على نفسها ” مجموعة الأحرار ” ليصبح الآخرون أوتوماتيكيا مجرد ” مجموعة من العبيد ” وبالتالي تصبح “إعادة تربيتهم ” أمرا مشروعا بل واجبا رغم أنف القضاء والعدل.