الرائدة في صحافة الموبايل

اعترافات على مشارف العام الجديد…

فاطمة أنفلوس البوعناني

اخترت ان اقضي اللحظات الأخيرة من هذه السنة أمام نهر الراين.
احاول ان اغوص عميقا بداخلي، ان أراني، ان استجمع شجاعتي لأكتب دون أقنعة، دون خوف، دون رقابة ذاتية و دون مجاملات.

ان اجد الوقت أخيرا لأقول عذرا:
لكل الأصدقاء الذين مرت أحزانهم وأفراحهم دون أن اتوقف عندها.
لمن نجحوا ولم أكن هنا للفرح لهم. لمن سقطوا ولم أكن هناك لأمد يد العون. لمن مات لهم عزيز ولم اعرف، أو عرفت متأخرة فلم تسعفني حكمتي لأدرك إن كان ينبغي أن أرسل التعازي حتى بعد فوات الأوان أو أترك الناس لرحمة النسيان!؟
لفرحة او حزن ربما استصغرتهما لقلة خبرتي في الحياة أو زهدي فيها، فلم أر داعيا للتعليق.

عذرا لمن بعث بدعوة خير أو كلمة طيبة أو أمنية فلم تدركها عيني وأنا في سباق الحياة.
عذرا لمن كان واقفا ذات أمسية أو ندوة أو مهرجان على عتبة الباب ليسلم، فلم تلمحه بصيرتي وعاد أدراجه مكسور الخاطر.
عذرا للوجوه الحقيقية والقلوب النقية التي تاهت منا “لغبائنا” وسط زحمة الأقنعة.

عذرا للكتب التي لم نقرأها، للأطفال الذين لم نبتسم في وجوههم، للعواجيز اللواتي لم يعد لدينا من الصبر ما يكفي لسماع حواديثهن البريئة.
عذرا للورود التي نقطفها لتموت أمام أعيننا في غرفة الجلوس.
عذرا للطيور التي نحبسها في الاقفاص، ثم نخرج لنمشي في تظاهرة للمطالبة بحقنا في الحرية.

عذرا لأنفسنا:
حين سكتنا وكان لابد أن نصرخ
حين ضحكنا وكان لابد أن نبكي
حين بلعنا الإهانة وكان لابد أن نوقف المهزلة
حين تحملنا أكثر من طاقتنا ب اسم العيب والعار والحشومة.
حين تواضعنا جدا، حتى ظنوا أننا لا شيء (كما حكى ديستوفسكي يوما)!
وحين ابتسمنا – بسذاجة- لمن غرز الخنجر في الظهر .

عذرا لأحلامنا التي نؤجلها عاما بعد عام
للمقابر المكتظة بتنهيداتنا
لكلمة أسف لم ننطقها و همسة حب منعنا منها الكبرياء
عذرا لأننا نجهر بالكراهية ونخجل من مشاعر المحبة والامتنان
عذرا لأمهاتنا، لحليبهن الذي يكبر كما الجرح بداخلنا.
لدموعهن ونحن نخطو على درب الحياة …
عذرا للآباء، الذين ذهبنا للنوم قبل أن يعودوا من كفاحهم متعبين!

عذرا للشوق للرغبة للحنين، لأعمارنا التي سقطت منا سهوا ونحن نجوب مطارات العالم، بحثا عن … وطن !

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد