الرائدة في صحافة الموبايل

القانون يجب أن يحمي “المُغفَلين”.. بل المستغفَلين!!

بقلم: عبدالعالي الطاهري.

باعتبار القانون الآلية الأكثر شمولية وتجسيداً لمبدأي الحماية والإنصاف في بعدهما الحقوقي الإنساني،كان لزاماً الوقوف عند مقولة استأنست بها المجتمعات الإنسانية،أفرادا وجماعات،حتى كادت تعتبر قاعدة “قانونية” مرجعية،حين الحديث عمَّن وجد نفسه في فخ غياب الوعي و المعارف القانونية،خاصة عند مواجهة نازلة قضائية أو قانونية،ليصدح أول المعلقين : القانون لا يحمي المغفلين..!!

عفوا،فقد جاز القول تحليلاً وتعليلاً أن أول المُغفَلين هو صاحب المِلكية “الفكرية” غير التفكيرية لهذه المقولة،فإذا كان القانون يحمي المستغفَلين ممن وجدوا أنفسهم ضحايا النصب والاحتيال والخيانة،بشتى تمظهراتها وتجلياتها،فكيف لا يحمي القانون ذاته “المغَفَلين”؟!.

ومتى حمَل الإنسان صفة مغفَّل فقد صار في مرتبة ما بين المرتبتين،فهو فوق الساذج ودون المعتوه،وكلها تصنيفات مُوجِبَة للحماية القانونية،فالمعتوه والساذج والغبي ومعهم وقبلهم السفيه،تصنيفات تجتمع عندها نقطة مفصلية حين محاولة إثبات المسؤولية المدنية  أو الجنائية أو الأخلاقية من عدمها،يتعلق الأمر بعنصر الأهلية،رغم أن الحديث عن المسؤولية في بعدها الأخلاقي قد سقط أو أُسقط،عمداً وقصداً لا سهواً،من قاموس معيشنا اليومي.

مناسبة الحديث عن “الغفلة” في القراءة القانونية بصيغتها الممارسَة اليومية،واقعة ليلى ومحامي الدارالبيضاء،واقعة ما كانت لتأخذ كل هذا الزخم  وتصبح قضية رأي عام وطني،لولا أن أحد أطراف القضية،قد استُغفِلت عبر استغلال ثغرات القانون لتطويعه لصالح المحامي وزوجته المحامية،في مرحلة أولى،ليتدارك القضاء الأمر ويتم الإفراج عن ليلى وتُتابع في حالة سراح،إلى حين البث النهائي في الملف،رغم أن الموضوعية تقتضي القول بأن السيدة ليلى لها جزء من المسؤولية فيما وقع،إن لم يكن على مستوى علمها بكون المحامي،أب الطفلة، متزوج،فعلى الأقل مسؤوليتها قائمة في ما يخص  دخولها في علاقة غير مؤطَرة لا شرعيا ولا قانونيا،والنتيجة طفلة ضحية عبث وشهوانية بل تجبُر شخص يوجد مجتمعياً في خانة رجال القانون،الذين يُفترض فيهم حماية القانون وضحايا الغفلة، وقد كانت ليلى ضحية استغفاله بل واستبلاده و صارت على لائحة مَن صُنّفوا في خانة “المغفَّلين”، لتجد نفسها وعائلتها وبدرجة أكثر صغيرتها،داخل دوامة ملف تأرجح بين الجنحي (الخيانة الزوجية على حد تعبير زوجة المحامي) وأُسَري (إثبات نسب الطفلة) وهو المؤكد بفعل واقع الحال وقوة المعطيات والوقائع .

إن أول من مارس مضمون هذه المقولة الغبية المتوارَثة مجتمعياً (القانون لا يحمي المغفلين) في هذه النازلة،هو المحامي وزوجته “المحامية”،بعد استدراج ليلى إلى كمين منصوب بأدوات قانونية،تجعل من الزوجة  القاضي المقرر في حالة ثبوت الخيانة الزوجية وذات الأمر بالنسبة للزوج في حال اعتقال الزوجة،أية زوجة، بذات التهمة في حالات عديدة،تروج وتموج بين ردهات المحاكم المغربية وإن اختلفت التفاصيل،وهو أمر وجب إخضاعه للمراجعة القانونية،فكيف لأحد طرفي جنحة الخيانة الزوجية أن يطلق سراحه بمبرر تنازل الزوجة(ة) ويُحتفظ بالطرف الثاني من العلاقة غير الشرعية رهن الاعتقال..؟!

القانون حماية..القانون ضمانة..القانون هيبة،ولا حماية مع تواطؤ ولاضمانة مع احتيال ولا هيبة إذا فُقدت الثقة في العدالة،والحمد لله أنَّ القضاء المغربي قد تدارك الموقف في واقعة “ليلى والمحامي ومعهما زوجته”،ووفَّر ضمانات المحاكمة العادلة وفعَّلَ روح القانون،إنصافاً لحقوق طفلة بريئة لم تختر المُغفَّلَة أماً ولا المستغفِل أباً بيولوجياً،ليبقى مفهوم الأبوة،والحالة هذه،معلقا في غياب الاعتراف وقبله تحمل المسؤولية في بعدها الأخلاقي قبل الحديث عن المسؤولية القانونية،التي يبقى تحديدها وإثباتها من اختصاص وصلاحيات القضاء.

إذا كان “القانون لا يحمي المغفَّلين/المغفَّلات” بلغة خبثاء وسماسرة و”شنَّاقة” المجال القانوني،ففي النهاية يبقى في القضاء وللقضاء المغربي نزهاؤه وشرفاؤه ممن يحملون على عاتقهم أمانة حماية المُغفَّلين والمُغفَّلات من ذئاب استغلوا مطاطية القانون ليجعلوا منه أداة انتقام وتصفية حسابات،وليس ميزان إنصاف وعدلٍ وحماية إنسانية ومجتمعية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد