الرائدة في صحافة الموبايل

البروفيسور علي بن المنتصر بالله الكتاني.. الانطلاقة الدعوية والمنصب الجديد

الدكتورة حسناء الكتاني

كما أسلفت سابقا أدخل جدي العلامة المنتصر بالله والدي (د.علي بن المنتصر بالله الكتاني) رحمهما الله إلى مدارس البعثة الفرنسية كي يجمع بين علوم الغرب و الشرق لكنه لم يتركه للتتقاذفه الأمواج و عمل على الإشراف إشرافا كاملا على تربيته و بناء عقيدته و ترسيخ الثقافة الإسلامية فيه و روح العزة و الريادة و الاستقلال، فكان إلى جانب ذهابه إلى المدرسة يذهب إلى الكتاب لحفظ القرآن الكريم و يأخذ دروسا خصوصية في اللغة العربية، و كان يرفقه معه في حله و ترحاله و إجتماعاته بكبار القوم.

لكن الخوف الشديد و القلق من أن تبعد هذه المدارس (الطفل علي) عن هويته و الثقل الذي نزل به جدي رحمه الله للحيلولة دون ذلك جعلانه يصرف نظرا عن إدخال بقية أبنائه لنفس المدارس. 

و كان من بين ما غرسه فيه هو إنتماؤه للعالم الإسلامي الكبير و الحلم باسترجاع الوحدة الإسلامية و العودة إلى الريادة.

بقي هذا الحلم يكبر في “علي” الطفل حتى نال من العلوم الدنيوية حظا وافرا و أمره والده بالعودة من أمريكا ليخدم أمته.

بدأ نشاط والدي التنظيمي عندما كان طالبا في سويسرا حيث جمع الطلاب المغاربيين و نظمهم و في أمريكا عندما كان طالبا فيها عمل على زيارة بعض المدن و القرى في العطل لاكتشاف الوجود الإسلامي فيها.

و عندما عين والدي أستاذا جامعيا و مؤسسا لقسم الهندسة و البحث العلمي في جامعة الملك فهد للبترول و المعادن في مدينة الظهران إقترح على رابطة العالم الإسلامي في مكة (في تقرير رفعه إليها) القيام بمسح شامل للأقليات الإسلامية في العالم للعمل على تنظيمها و إعانتها حتى تحافظ على وجودها، و لهذا الغرض زار الملك الشهيد فيصل بن عبد العزيز رحمه الله فتلقى الاقتراح بكل سعادة و سرور.

فأعطى الضوء الأخضر لرابطة العالم الإسلامي لإرسال وفود لمختلف مناطق العالم لاستقصاء أحوال المسلمين. و وقع إختيار الأمانة العامة للرابطة على والدي رحمه الله و السيد  إنعام الله خان عضو مجلس الرابطة التأسيسي فأرسلتهما إلى أوروبا و أمريكا للتعرف على أحوال المسلمين.

بدأت الرحلة بتاريخ 22/10/1973 و دامت 78 يوما زارا فيها 28 دولة، منها 13 دولة في قارة أوروبا و 15 دولة في قارة أمريكا، و زارا 38 مدينة مختلفة منها 16 مدينة في أوروبا و 22 مدينة في قارة أمريكا.

و اجتمعا بالجاليات المسلمة في كل هذه الدول و اضطلعا على أحوال المسلمين فيها.

هذه الرحلة فتحت لوالدي بابا واسعا ليحظى بعلاقات وطيدة مع مختلف الجاليات المسلمة في العالم. 

ثم تبعتها رحلات أخرى إلى إفريقيا و أستراليا و آسيا (كموفد من الرابطة و في السفريات الخاصة).

 الرحلات الاستقصائية بدأت من سويسرا ثم إيطاليا و يوغسلافيا و بلغاريا و النمسا و ألمانيا و الدنمارك و السويد و فنلندا و هولندا و بريطانيا و فرنسا و بلجيكا و إسبانيا ثم أمريكا في الرحلة الثانية و فيجي و البرازيل و وصولا إلى مونتريال بكندا قادما من لشبونة في البرتغال.

تعرف والدي من خلال جولته هاته على أوضاع المسلمين في المهجر و استمع إلى مشاكلهم و أحس بمسؤولية عظمى تجاههم، أقسم بعدها في قرارة نفسه أن يرسخ جهده و عمره لدعم هاته الأقليات لربطها بعالمها الإسلامي و تنظيمها حتى يستمر وجودها و إشعاعها و يتقوى الإسلام في الأجيال فتصبح قوة وازنة يحسب لها حساب في دول الغرب.

خرج والدي رحمه الله من تلك الرحلات بنظريات جعلته يؤسس لعلم أسماه “علم الأقليات المسلمة” و جعل له فقها و آدابا و سبلا للتكتل و الوحدة تحت مسمى (إتحاد الجمعيات المسلمة العالمي).

كان من بين نظريات والدي – رحمه الله – ضرورة إنشاء مراكز إسلامية في كل منطقة من مناطق الأقليات المسلمة ليجتمع فيها المسلمون و أطفالهم.  و تحتوي هذه المراكز على مساجد و مدارس و نوادي و مرافق ترفيهية (كالملاعب و المسابح).

و الغرض من هذا هو أن يتسنى للمسلمين التجمع و التعرف على بعضهم ليتآلفوا و يتعلموا دينهم و يحافظوا على وجودهم فلا يذوبوا.

و عندما تسلم المنصب الجديد سنة 1981م (مديرا عاما للمؤسسة الإسلامية للعلوم و التكلونوحيا و التنمية IFSTAD) زادت نشاطاته الدعوية و من بين الأفكار التى سعى لتحقيقها لدعم مسلمي أستراليا أن أوعز لمنظمة المؤتمر الإسلامي سن قانون يمنع استيراد اللحوم الأسترالية إلا تحت مظلة إتحاد المراكز الإسلامية (الذي نجح هو في تأسيسه) حتى يكون مذبوحا على الطريقة الإسلامية و بهذا أصبح لها مدخول تستطيع من خلاله القيام بشؤون المسلمين هناك.

نجح والدي في إلحاق دولتين أمريكيتين بمنظمة المؤتمر الإسلامي و هما غويانا و سورينام و كاد يطير من الفرح بهذا الإنجاز الذي يكتب بماء الذهب.

بعدها لم يتوقف والدي رحمه الله عن جمع التمويل من خلال علاقاته الواسعة بأسخياء الخليج و العالم العربي و الإسلامي لبناء و تأسيس مراكز إسلامية في مختلف بقاع العالم و من بينها نيوزيلندا و نيوكاليدونيا.

حتى أن أحد النيوزيلنديين إلتقى بأحد إخوتي و قال له بأن الصغير قبل الكبير يعلم بأن د.علي الكتاني هو من نشر الإسلام في نيوزيلندا.

كان والدي رحمه الله يتسابق مع الزمن في ذاك المنصب لينجز خدمة كبيرة للمسلمين، حتى يتكتلوا و يؤسسوا “لوحدة إسلامية علمية نهضوية عالمية” و ينتشر الإسلام أكثر فأكثر،إلا أن هناك من لم يرق له هذا النشاط و تم التضييق عليه حتى اضطر إلى ترك المنصب و السعودية كلها بعد عطاء دام مدة 8 سنوات (في ذاك المنصب لوحده، عدا عن دوره في تأسيس مراكز البحث العلمي لعلوم الطاقة و كلية الهندسة الكهربائية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن)، فماتت بعدها المؤسسة الإسلامية للعلوم و التكلونوحيا و التنمية لكن أحلام والدي لم تمت لأنها لم تكن بالنسبة له رهينة بمنصب و لا بجاه. 

و تستمر الحكاية…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد