الرائدة في صحافة الموبايل

تشومسكي.. والاقتراب من الرعب

متابعة الإعلامي محمد امشيش

في إطلالة إعلامية للمفكر الأمريكي نعوم تشومسكي ضمن حلقة DiEM25 TV والتي نشرتها جريدة البندكت العالمية، على خلفية الأحداث التي يعيشها العالم جراء تفشي فيروس كورفيد 19، جاء تحذيره المعتاد من المخاطر الاقتصادية والاجتماعية التي أصبح العالم يغرق فيها، لأن ما سيترتب عنه حسبه تنذر بالأسوأ وذلك بتزايد تهديدات الحرب النووية، ومخاطر الاحتباس الحراري المهدد لحياة الكوكب.

تشومسكي الذي يستحضر ذكريات طفولته والأحدات التاريخية التي عاشها، يأتي على ذكر أول مقالة له في سن العاشرة عن الحرب الأهلية الإسبانية بعد سقوط برشلونة سنة 1938، تحدث فيها عما شهدته أوربا من انتشار الطاعون الفاشي في جميع أنحاء أوربا. في تحليله إلى أين سيفضي هذا الوباء، يقول، بعدما تم تحرير الوثائق الداخلية أن محلل حكومة الولايات المتحدة في ذلك الوقت توقع أن تنتهي الحرب بانقسام العالم إلى الهواء الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة والمناطق التي تسيطر عليها، ومنطقة أخرى تسيطر عليها ألمانيا في أوروبا. وتبين لي أن مخاوف طفولتي كانت في محلها.
يضيف أن خطابات هتلر التي كان يستمع إليها أنذاك على الراديو لم يفهمها ولكن كان لها وقع خاص وفهم مغزى كلماتها،الشيء الذي يشعر به تجاه خرجات ترامب البهلوانية رغم شعوره بأن الرئيس الأمريكي ليس بالفاشي بل معتل اجتماعي، لأن الفاشية لديها الكثير من الاديولوجيات التي لن يرقى إليها.

واعتبر أن حدث انتشار الفيروس التاجي شكل حدثا عظيما في التاريخ، وصفه بأنه سباق نحو الهاوية، والرئيس الأمريكي وزبانيته في صدارة هذا السباق نحو الكارثة، هاته الأخيرة التي تتمثل في التهديد المتزايد للإحتباس الحراري والحرب النووية، كما أن الفيروس يمكن أن تكون له عوامل مرعبة، لا يمكن بعدها العودة إلى الوراء حتى لو تم التعافي، هكذا يقول تشومسكي، “تأتي ذكريات الطفولة لتعود وتطاردني، ببعد مختلف”.
منذ انتخاب ترامب يقول، طفت على السطح ثلاثة أشياء هي، تهديد الحرب النووية والاحتباس الحراري وتدهور الديمقراطية، مع أن هذه الأخيرة هي السبيل الوحيد إلى حل الأزمة، اذا تركنا الأمور تسير على أهواء ترامب سننتهي، وذلك حسب رأيه لأن الولايات التحدة الأمريكية الأقوى والوحيدة القادرة على فرض عقوبات مدمرة وما على الجميع إلا الطاعة والامتثال، وإلا كان مصيره الطرد من النظام الدولي المالي والاقتصادي.

حسب تعبيره فإن الإجراءات الاستثنائية الداخلية والخارجية التي تطبقها الحكومات لا سيما العزل (الحجر الصحي) كاسبانيا وإيطاليا وفرنسا ودول أخرى عديدة قد تتسبب بتدهو الديمقراطية والنزوع إلى الاستبداد في كثير من مناطق العالم. واستخدام السياسيين، ترامب وماكرون لقاموس الحرب والمعارك على منصات الإعلام.
إن التعامل مع الوضعية الحالية يتطلب التحرك والتعبئة العامة، فالولايات المتحدة الأمريكية لديه الموارد للتغلب على المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي يتسبب فيها الفيروس مثل ما حدث في الحرب العالمية بالدين الذي حظيت به كدعم ساهم في إقلاع اقتصادي مهم.

اليوم نحتاج إلى أقل من ذلك للتعامل مع الوباء، نحتاج إلى عقلية الحركة الاجتماعية. عقلية الحركة الاجتماعية من أجل التغلب – وعلى المدى القصير- على أزمة شديدة تعّبر عن فشل ذريع للنيوليبرالية، واقتصاد السوق لا يكف عن التزايد. ويمكن هنا أن نتذكر كيف تم التعامل مع إنفلونزا الخنازير عام 2009، وتعافى مئات الآلاف من الناس من الأسوأ، وتم إيجاد لقاح للقضاء على الوباء حين تحركنا بسرعة”.

ويضيف أن هذا لم يحدث اليوم رغم توفر مجموعة من الامكانيات والوسائل على من توفر المعلومات من يناير 2019، حيث كان تحرك ترامب وأوروبا بطيئ وغير مسؤول لأن ذلك سيكون له جانب سلبي على المجال الاقتصادي، إضافة إلى أن شركات الأدوية لم تلعب الدور الإنساني المنوط بها لأن ليست خاضعة لمساءلة الشعب، مقابل تبعيتها لمصلحة النيوليبرالية المتوحشة ولقانون العرض والطلب.

وإذ يتساءل حول مصير البشرية بعد كورونا، يعتبر تشومسكي أن الفيروس التاجي حمل معه أشياء إيجابية هي إشارات تحذيرية لنا من الخطر الداهم الذي يلوح في المستقبل القريب ليحثنا على التحرك والاستعداد. بخاصة أن الديمقراطية في خطر بسبب حالة الاستثناء التي يتحكم فيها “قلة قليلة هم أسياد النيوليبرالية”. وسيواصلون التحكم برأيه إن لم تتم الإجابة عن سؤال وجودي يطرحه تشومسكي بإلحاح الآن تحت السحابة السوداء لهذه الأزمة وهو: أي عالم نريد أن نعيش فيه؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد