الرائدة في صحافة الموبايل

انتظارات طالت النظام الأساسي البديل لموظفي وموظفات قطاع التعليم..

أحمد رباص

في إطار سلسلة الإصلاحات التي يشهدها مجال التربية والتكوين على أكثر من صعيد، يندرج ورش إصدار نظام أساسي جديد، يستجيب لتطلعات جميع الفئات المنتمية لهذا القطاع. ومن أسباب نزول هذا الورش كون النظام الأساسي المعمول به حاليا تعتريه عدة اختلالات حتمت أن يكون محط تعديلات متكررة وذلك منذ صدوره في فبراير 2003 إلى حدود الآن؛ الشيء الذي يفرض إعادة النظر في المقتضيات القانونية، المنظمة للحياة المهنية والإدارية لموظفي قطاع التربية الوطنية.

لهذا السبب بالذات، تشكلت خلال وقت سابق لجنة مشتركة تضم ممثلين عن الوزارة الوصية، وممثلين عن النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، والتي اشتغلت طيلة ما يزيد عن سنة كاملة، توصلت من خلالها إلى صياغة أرضية تحدد التوجهات الكبرى والمداخل الرئيسية والمبادئ المؤطرة، من غير التوصل إلى صياغة مسودة للنظام الأساسي المنتظر.

ومن باب الإخبار والتواصل، ارتأيت الوقوف عند أهم توصلت إليه اللجنة المشتركة، من خلال التشخيص الذي قامت به، والتجارب التي استعرضتها لأجل بلورة الأفكار الرئيسة لبناء نظام أساسي ملائم للحظة التاريخية الراهنة.

من الناحية المنهجية، سوف تتمحور هذه الورقة حول ثلاثة محاور وهي على التوالي:

– 1) المداخل الرئيسية للنظام الأساسي الجديد؛
– 2) المبادئ المؤطرة للنظام الأساسي الجديد؛
– 3) أبرز اقتراحات المشاركين في المشاورات ولقاءات التقاسم والإغناء التي نظمتها الوزارة؛

1) يمكن إيجاز مداخل النظام الأساسي الجديد في تجميع المهن التعليمية في ثلاثة أقطاب كبرى عبر هندسة تربوية متكاملة وهي: مهنة التدريس ومهنة التأطير والمراقبة ومهنة التدبير، تبني الخيار العلمي والمنهجي المستند إلى رؤية شمولية لهندسة النظام الأساسي الجديد في إطار التشاور، اعتماد المرجعيات الدولية مع الاستئناس بها في مجال الحقوق والواجبات، احتكام المجالس التأديبية إلى منظومة قانونية بعمق تربوي إلى جانب تحديد المخالفات والعقوبات الملائمة لها وتثمين المسيرات المهنية مع ضمان الحفز المستمر على مدار الحياة المهنية.

2) أما المبادئ المؤطرة للنظام الأساسي المرتقب، فهي تشمل في الشمولية والاستحقاق وتكافؤ الفرص وفي المساواة والعدل والإنصاف والحفز، كما تقتضي أن يكون المنتج التربوي أساس تحسين المسارات المهنية والحكامة والجودة. وتبقى في نهاية هذه الفقرة الإشارة إلى مجمل ما ورد في اقتراحات المشاركين. في هذا الصدد، تم التأكيد على ضرورة إرساء نظام أساسي جديد، خاص بموظفي وزارة التربية الوطنية يراعي المكتسبات السابقة، ويرفع الحيف عن الفئات المتضررة من الأنظمة السابقة، تحقيقا لمبدإ العدالة والإنصاف بين جميع الفئات، باعتبار العنصر البشري اللبنة الأساس لتفعيل المستجدات، وتنزيل الاستراتيجية المنتظرة.

3) ومن أهم الاقتراحات الواردة في هذا الشان تنظيم العلاقة بين الموظف والجهة الوصية، في إطار ميثاق جديد يكفل التقيد بأخلاقيات المهنة، ويحقق رؤية أفضل لمخططات المسيرات الإدارية والمهنية، في أفق توحيد السيرورة المهنية لكافة الأطر، وخلق المنفذ والجسور بين مختلف الهيئات. ومن الاقتراحات ما ركز على الجوانب الاجتماعية والمادية والنفسية مراعاة لظروف العمل وذلك عن طريق الرفع من مستوى إطار التدريس والتأطير، معنويا وماديا، بما يعادل الأطر الموازية في القطاعات الأخرى. وفي ارتباط بنفس الجوانب، تمت المطالبة بتخصيص تعويض عن التنقل، والخدمات الاستثنائية، وحضور الاجتماعات وحراسة الامتحانات مع دراسة سبل إدماج تعويضات التنقل والتعويضات الكيلومترية ضمن مكونات الأجرة وتخصيص تعويضات سنوية مناسبة لكل إطار.

بعد إجراء الوزارة لمشاوراتها وتنظيمها للقاءات التقاسم والإغناء، وبعد أن أصدر المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي التقرير المتعلق بالرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030، كان من المنتظر أن تعرف المنظومة التربوية تغييرات جوهرية في القضايا التعليمية الكبرى، ومن ضمنها إصدار نظام أساسي جديد. لكن، تبين في ما بعد أن الوزارة لم تكن وفية لوعدها بخروج النظام الأساسي الجديد إلى حيز الوجود ؟ يبدو أنه من المتعذر عليها ذلك، خصوصا وأن لا حديث بعد عن مسودة جاهزة لأن تكون أولا موضوع نقاش مع الفرقاء الاجتماعيين لكي يتم فيما بعد إدخال تعديلات عليها، ناهيكم عن المدة الزمنية التي يستغرقها مرور الوثيقة من الأمانة العامة إلى الحكومة وتداولها في البرلمان بغرفتية لمناقشتها والمصادقة عليها.

وختاما، لا حاجة للمرء إلى ذكاء خارق حتى يدرك أن التعثر والبطء اللذان يطبعان مسار هذا الملف راجعان إلى غياب إرادة سياسية في إخراج القانون الأساسي الجديد إلى حيز الوجود ونهج الجهات المسؤولة لسياسة ربح الوقت بالتسويف والتماطل لعل بلوغ سن التقاعد يخلصها من الفئات المتضررة من القانون الأساسي القديم وعلى رأسهم أساتذة التعليمين الابتدائي والثانوي المحرومين من الترقية خارج السلم 11، بالإضافة إلى فئات أخرى تقوم بوظائف إدارية في المصالح المركزية والخارجية لوزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد