الرائدة في صحافة الموبايل

مارتن لوثر كينغ.. “ليس لدينا بديل سوى الاحتجاج “

ضمن العدد السادس من سلسلة “أساطين الفكر على مر التاريخ” ، فكرة وإعداد ياسين شكور

“ليس لدينا بديل سوى الاحتجاج، وقد أظهرنا لسنوات عديدة صبرًا مذهلًا، وأعطينا أحيانًا إخواننا البيض الشعور بأننا نحب الطريقة التي نعامل بها. لكننا نأتي إلى هنا الليلة لنتخلص من ذلك الصبر الذي يجعلنا نصبر على أي شيء أقل من الحرية والعدالة”
‘مارتن لوثر كينغ’

“لدي حلم بأنه في يوم من الأيام، أطفالي الأربعة سيعيشون في بلد لا يكون فيه الحكم على الناس تبعًا لألوان جلودهم، وإنما بما تنطوي عليه أخلاقهم”
‘مارتن لوثر كينغ’

مارتن لوثر كينغ، Martin Luther King؛ مناضل وخطيب ورجل دين أميركي من أصل أفريقي، اشتهر بنضاله السلمي في سبيل حصول السود الأميركيين على حقوقهم السياسية والمدنية. ولد كينع يوم 15 يناير عام 1929 في ممفيس بولاية تينيسي في الولايات المتحدة.

دخل مارتن المدرسة الابتدائية في أتلانتا عام 1935، ثم التحق بمدرسة بوكر واشنطن، وفي عام 1942 التحق بالجامعة، فدرس في كلية مورهاوس الخاصة بالسود، وفيها حصل على درجة البكالوريوس عام 1948، ثم التحق بجامعة بوسطن وحصل على الدكتوراه في الفلسفة عام 1955. وفي عام 1951م حصل على بكالوريوس في اللاهوت، وفي عام 1955م حصل على درجة الدكتوراه في التخصص نفسه.

دافع مارتن عن السود في أميركا مبرزا ما يعانونه من تمييز عنصري واضطهاد، واختار عدم العنف وسيلة لاحتجاجاته طالبا من السود في البداية مقاطعة شركات النقل التي تمارس تمييزا ضدهم بعد إدانة روزا باركس، وحكم عليها بدفع غرامة مالية إضافة لرسوم المحكمة بسبب جلوسها بالصف الأول الخاص بالبيض في حافلة “للملونين” ، ورفضها التخلّي عن مكانها، بمعنى انتهاكها لقانون مدينة مونتجومري الذي يلزم على السود التخلي عن مقعدهم والوقوف عندما تكون الحافلات مزدحمة ولم يجد البيض مكانًا.

في الليلة التي قُبض فيها على روزا باركس، اجتمع أي.دي. نيكسون، رئيس فرع NAACP المحلي بمارتن لوثر كينغ وغيره من قادة الحقوق المدنية المحلية للتخطيط لمقاطعة الحافلات على مستوى المدينة. انتُخب كينغ لقيادة هذه المقاطعة لأنه كان شابًا مثقفًا وله صلات عائلية قوية كما أن له مكانة مهنية، وما يزال جديدًا على المجتمع وليس عنده كثيرٌ من الأعداء، لذلك شعروا أنه سيكون ذا مصداقية قوية مع المجتمع الأسود.

في كلمته الأولى كرئيس للجماعة، أعلن كينغ: “ليس لدينا بديل سوى الاحتجاج، وقد أظهرنا لسنوات عديدة صبرًا مذهلًا، وأعطينا أحيانًا إخواننا البيض الشعور بأننا نحب الطريقة التي نعامل بها. لكننا نأتي إلى هنا الليلة لنتخلص من ذلك الصبر الذي يجعلنا نصبر على أي شيء أقل من الحرية والعدالة”.

قرر كينغ في أواخر صيف عام 1963 بدء سلسلة من المظاهرات في برمنجهام، وعمل على تعبئة الشعور الاجتماعي بمظاهرة رمزية في الطريق العام، وفي اليوم التالي وقعت أول معركة علنية بين السود المتظاهرين ورجال الشرطة البيض الذين اقتحموا صفوف المتظاهرين بالعصي والكلاب البوليسية الشرسة، لكن المشهد كان على مرأى من كاميرات التلفاز، ولم يعد ممكنًا إخفاء الأخبار عن الناس، مما أثار حفيظة الملايين.

انتشرت في أرجاء العالم صور كلاب الشرطة وهي تنهش الأطفال، وبذلك نجح كينغ في خلق الأزمة التي كان يسعى إليها، ثم أعلن أن الضغط لن يخف، مضيفًا: “إننا على استعداد للتفاوض، ولكنه سيكون تفاوض الأقوياء”. فلم يسع البيض من سكان المدينة إلا أن يخولوا على الفور لجنة بالتفاوض مع زعماء الأفارقة، وبعد مفاوضات طويلة شاقة تمت الموافقة على برنامج ينفذ على مراحل بهدف إلغاء التفرقة وإقامة نظام عادل وكذلك الإفراج عن المتظاهرين.

في نهاية عام 1963 قام كينغ ومؤيدوه بمظاهرة زاد المشاركون فيها عن 200.00 شخص اتجهت صوب نصب لنيكولن التذكاري، فكانت أكبر مظاهرة في تاريخ الحقوق المدنية، وهنالك ألقى كينغ أروع خطبه: “لدي حلم” والتي قال فيها: “لدي حلم بأنه في يوم من الأيام، أطفالي الأربعة سيعيشون في بلد لا يكون فيه الحكم على الناس تبعًا لألوان جلودهم، وإنما بما تنطوي عليه أخلاقهم”.

وصف كينغ المتظاهرين “كما لو كانوا قد اجتمعوا لاقتضاء دين مستحق لهم، ولم تف أمريكا بسداده “فبدلًا من أن تفي بشرف ما تعهدت به، أعطت أمريكا السود شيكًا بدون رصيد، شيكًا أعيد وقد كتب عليه “إن الرصيد لا يكفي لصرفه”. في تلك السنة، صدر قانون حقوق التصويت الانتخابي الفيدرالي. وفي عقد الستينيات برز العديد من الزعماء السود، أمثال هيوي نيوتن، ومالكوم إكس، وإلدريدج كليفر. كذلك عارض كينغ حرب فيتنام.

في عام 1964 صدر قانون الحقوق المدنية في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي العام نفسه أطلقت مجلة “تايم” على كينغ لقب “رجل العام”، فكان أول رجل من أصل أفريقي يمُنح هذا اللقب، ثم حصل في عام 1964 على جائزة نوبل للسلام لدعوته إلى اللاعنف، وسهّل الأمر كونه قسيسًا، فكان بذلك أصغر رجل في التاريخ يفوز بهذه الجائزة -35 عامًا.

أصيب مارتن لوثر كينغ يوم 14 فبراير 1968 برصاصة من أحد البيض المتعصبين، وهو يستعد لقيادة مظاهرة لإضراب جامعي النفايات في مائة مدينة أميركية.
وبعد وفاته منح جائزة الرئاسة للحرية في عهد الرئيس السابق جيمي كارتر، ومنحه الكونغرس ميداليته الذهبية عام 2004، كما أعلنت أميركا عن يوم مارتن لوثر كينغ عيدا سنويا، وهو يوم الاثنين الثالث من يناير من كل سنة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد