الرائدة في صحافة الموبايل

أحمد آيت سي علي يجرد أعطاب الشبيبات اليسارية المغربية وأدوارها الجديدة

أحمد رباص – دنا بريس

في إطار الملتقى الرقمي الذي أطلقته حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية (حشدت) بتازة، تميزت بداية هذا الأسبوع ببث لقاء رقمي حول موضوع دور الشبيبات اليسارية اليوم. شارك في هذا اللقاء أحمد آيت سي علي، عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد.

في بداية حديثه، استحضر المتدخل موت سي عبد الرحمان اليوسفي الذي أطر الشبيبة لعاملة في معمل كوزيمار قبيل استقلال المغرب وكان مهتما بتكوين الشباب وتعبئته من أجل التحرر من رقبة الاستعمار، كما استحضر أحمد آيت سي علي التضحيات التي قدمها شباب الحركة الوطنية بقيادة المهدي بنبركة.

بعد ذلك دخل عضو المكتب السياسي في صلب الموضوع متسائلا عن موقع الشبيبات اليسارية اليوم في المشهد الشباب المغربي، وعما إذا كانت لها حاليا مكانة في تأطير الشبيبة المغربية، وعما هي أدوارها الجديدة. قادت هذه الأسئلة أحمد آيت سي علي إلى قراءة في وضعية الشباب المغربي انطلاقا من أرقام، منها أن 75 ٪ من الشباب المغربي بدون تغطية صحية، وأن 15 و34 سنة يمثلون ما نسبته 34 ٪ في من ساكنة المغرب، اي 11 مليون شاب مغربي، وأن نسبة الشباب المغربي الحاصلين على شهادة الباكالوريا هي 13 ٪ فقط. كما أن نسبة البطالة في صفوف الشباب بالمجال الحضري بلغت 43 ٪، ناهيك عن أن 270 الف شاب منقطع عن الدراسة سنويا. والمثير أن نسبة كبيرة من الشباب المغربي تشتغل بالقطاع الغير مهيكل. ولم يغفل المتحدث الإشارة إلى أن الدولة تصرف فقط 4000 درهم في السنة عن كل شاب مغربي، وإلى أن نسبة الممارسين الشباب للسياسة بشكل منتظم لا تتجاوز 1٪.

وفي حديثه عن الشبيبات اليسارية (الشبيبة الإشتراكية، الشبيبة الإتحادية، الشبيبة الطليعية، منظمة الشباب الإتحادي، حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية، شبيبة النهج الديمقراطي) بين الأمس واليوم، قدم الفاعل السياسي جردا موجزا لنضالات الشبيبة الإتحادية التي شهدت سنة 1981 حملة اعتقالات واسعة داخل صفوفها واعتقال كاتبها العام عبد الهادي خيرات و الحكم عليه بسنة سجنا نافذة.

وفي سنة 1992 خاضت حملة وطنية دولية من أجل إطلاق سراح النقابي محمد نوبير الأموي، أما في السنة الموالية فقد تم إصدار جريدة أسبوعية خاصة بهذه الشبيبة أختير لها من الأسماء “النشرة”. وفي هذا السياق، نوه المتحدث بمواقف مجيدة سجلت لهذا الفصيل الشبيبي، خاصة معارضة محمد الساسي لما سمي بحكومة التناوب بقيادة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، ورفض محمد حفيظ لمقعد برلماني مُزور.

كما أن الشبيبات الحزبية، والمقصود شبيبات الحركة الوطنية، كانت الرقيب الأخلاقي على سلوك الفاعل السياسي للمعارضة، حيث لم تتردد هذه الشبيبات في إعلان مواقف متعارضة مع أحزابها، كما حدث مثلا في معارضة الشبيبة الاتحادية، على عهد محمد الساسي، التصويت بنعم لدستور 1996، في خلاف مع موقف الحزب الذي كان يستعد لحكومة التناوب التوافقي بقيادة المرحوم عبد الرحمن اليوسفي.

وبالنسبة لحشدت التي تأسست في شتنبر 1985 وفق قانون الجمعيات ما شكل في حد ذاته حدثا تاريخيا لارتباطه بفئة الشباب، فقد ضمت شبابا ينتمي إلى فئات اجتماعية مختلفة كالطلبة والعمال والفلاحين، وراهنت على الإستقلالية التنظيمية الفاعلة والمنتجة بالمعنى الحقيقي، كما تبنت المرونة في استقطاب الشباب حيث تم السماح لهم بالانخراط في صفوفها دون أن يكونوا منتسبين لمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي. وبما أنها ركزت على أنشطة الشباب وأرادت أن تكون مساحة لتفجير طاقاته، فقد عملت على اقتحام دور الشباب؛ الشيء الذي أعطاها امتدادا كبيرا ومكنها من الاحتكاك المباشر مع قضايا الشباب. وهذا ما جعلها تناضل وتترافع ضد المذكرة المشؤؤمة التي حاولت منع الشبيبات الحزبية من النشاط بدور الشباب.

وفي سنة 1990 التي شهدت تأسيس المجلس الوطني للشباب والمستقبل، تقدمت حشدت بمذكرة حول تشغيل الشباب معبرة عن خشيتها من أن يكون هذا المجلس مجرد واجهة للتغطية على المشكل الحقيقي للبلاد. وقبل ذلك التاريخ بأربع سنوات، صدرت عن المؤتمر الأول للمنظمة ”الوثيقة المطلبية” التي رفعت للدولة سنة 1987 متضمنة جميع قضايا الشباب. كما أشار المتحدث، في هذا الإطار، إلى أن تصور حشدت قاد إلى العمل على توحيد جهود الشباب في كل المجالات. من هنا جاء تأسيس لجنة التنسيق الوطنية للشبيبات الديمقراطية (الشبيبة الاتحادية، حشدت، الشبيبة الاستقلالية، الشبيبة الاشتراكية). وفي هذه الأثناء تمت المناداة بشعار “الشباب ليس للقيام بالحملات الانتخابية فقط” ما مهد لترشيح قيادات شبابية في دوائر انتخابية سنة 1997.

على ضوء التحولات التي حفل بها المشهد السياسي، خصوصا بعد حكومة التناوب التوافقي التي ظهرت سنة 1998، فطن أحمد آين سي علي إلى تصنيف الشبيبات اليسارية في صفين. الصف الأول ضم شبيبات يسارية اصطفت إلى جانب أحزابها التي تفوق المخزن في ترويضها. وهكذا انتقلنا – يقول الفاعل السياسي – من مرحلة كانت فيها الشبيبات اليسارية هي ضمير الحزب ومسانده النقدي كرفض الشبيبة الاتحادية خوض حزبها لتجربة التوافق، إلى مرحلة أصبحت فيها الشبيبات تتصارع في ما بينها على المناصب في ما عرف بحرب الدواوين، والمعني هنا الشبيبة الاشتراكية والشبيبة الاتحادية.

أما الصف الثاني فيتكون من شبيبات فيدرالية اليسار الديمقراطي وشبيبة النهج الديمقراطي. ما يميز مكونات الصف الثاني هو أنها ظلت ملتزمة بقضايا الشباب المغربي العادلة مع تأثير محدود على مستوى دائرة الفعل الشبابي.

ومع ذلك، أسست الشبيبات المذكورة في عام 2002 حركة المطالبة بدستور ديمقراطيي، وفي غضون ذلك ولدت الهيئة الوطبنية لحماية المال العام وتلاها إنشاء الاتحاد المغربي للشباب لكنه لم يكتمل، إلا أنه ساهم في الدفاع عن القضية الوطنية في لقاء باريس مفندا أطروحات ممثلي شباب البوليزاريو.

من هذه الإطلالة التاريخية السريعة، استنتج أحمد آيت سي علي أن الشبيبات اليسارية ظلت ملتزمة بالقضايا العادلة للشباب المغربي مع تأثير محدود على مستوى دائرة الفعل الشبابي وبرود في الإلتزام بالقضايا الأساسية للشباب المغربي من شغل وتعليم وصحة وسكن، إلخ.. بعد ذلك، تساءل عن عدد الشباب الذين تؤطرهم الشبيبات اليسارية اليوم؛ علما بأن هناك 11 مليون شاب مغربي تترواح أعمارهم مابين 15 و 36 سنة. كما تساءل عن مساحة الإمتداد الوطني لهذه التنظيمات الموازية وعن عدد فروع في الأقاليم والجهات.

بعد هذه الأسئلة، انتقل عضو المكتب السياسي إلى الحديث عن نقط الضعف التي تشكو منها حاليا الشبيبات اليسارية حيث خص بالذكر الأعطاب التنظيمية وكلاسيكية الأداة التنظيمية وإشكالية الخطاب وعدم تجديده والإبتعاد عن القضايا الحقيقية للشباب
وغياب التفاعل الحقيقي مع قضايا الشباب المغربي خاصة منها قضايا التشغيل والتعليم والسكن.

وفي صلة وثقى بهذا الجانب، وقف المتحدث على ضعف تشبيك نضالات الشبيبات اليسارية حيث لاحظ أن شبيبات يسارية تنسق عملها مع شيبات الإسلام السياسي وشبيبات الأحزاب الإدارية مشيرا إلى المعهد الوطني للشباب والديمقراطية كمسرح لهذه التحالفات والتنسيقات الشاذة. كما لاحظ أن شبيبات فيدارلية اليسار الديمقراطي عوض أن تنسق نضالتها في قضايا الشباب إذا بها تجتمع على نقطة واحدة وهي توظيفها في مسار اندماج احزاب الفيدارلية، في حين يجب عليها أن تنسق نضالاتها في القضايا الحقيقية للشباب المغربي من أجل توسيع دائرة الفعل الشبابي.

وفي موضوع العلاقة التفاعلية للشبيبات اليسارية مع الاحتجاجات الجديدة التي تمثلت في حركة 20 فبراير والحراكات التي نهضت في الريف وجرادة وغيرهما من مناطق المغرب، تم التذكير بالموقف المتخاذل للشبيبة الاشتراكية التي لم تحرك ساكنا عندما أصدر حزبها (PPS) بيانه المشهور حول تخوين حراك 20 فبراير الذي أحرج بعنف المنظمات الشبابية الحزبية من خلال قدرة شبابه وجرأته وشجاعته على المبادرة والتضحية والوفاء والنضال المستميت رغم عنف السلطة وانتهازية “النخب” وانتظارية شبيبات الأحزاب وعجز هذه الأخيرة، كتنظيمات وليس كأفراد، عن الإبداع والمبادرة مكتفية بلغة البيانات والبلاغات على صدر صفحات الفايسبوك!

وبما أن أحزابا محسوبة على الصف اليساري انجرت إلى تخوين حراك الريف واتهامه بالانفصال، فقد حق لأحمد آيت سي علي اعتبارها الآن خارجة من ذلك الصف على اعتبار ان اليسار ليس خطابا وإنما هو ممارسة في الميدان تختبرها المواقف واللحظات السياسية الحرجة.
وبحكم استفادته من تجربته كمناضل سابق في حشدت، أقترح أحمد آيت سي علي على حشدت الانفتاح على شكل احتجاجي جديد أبدعته فصائل الإلتراس التي بلغ عددها 60 فصيلا تؤطر حوالي 80 ألف شاب وشابة في السنة. ومن المعلوم – يقول عضو المكتب السياسي – أن خطاب فصائل المشجعين الشباب هؤلاء انتقل من البعد الرياضي إلى البعد السياسي وأن سقف خطابهم أصبح أعلى من سقف خطاب الشبيبات اليسارية. والأنكى ذلك، لم تتفاعل الشبيبات الحزبية اليسارية مع اللحظة التي جرى فيها منع الإلتراس، ولم يكن لها رأي حول الاعتقالات التي طالت بعض الشباب المنتمين لهذا النوع من الفصائل بموجب القانون 09/09 الذي أريد به زجر شغب الملاعب.

وفي الأخير، ختم أيت سي علي حديثه بخمسة مداخل أساسية لشبيبات يسارية فاعلة في المشهد الشبابي المغربي؛ وهي كما يلي:

  • إستعادة الأدوار الحقيقية للعمل الشبيبي عبر تبني القضايا الحقيقية للشباب؛
  • الإنفتاح المنتج على الشباب المغربي عبر العودة لفضاءات التأطير العمومية ( دور الشباب، دور الثقافة…)؛
  • تجديد الخطاب وإعادة قراء حاجيات الشباب بما يتناسب lu الخصوصيات المحلية للبلاد؛
  • تعزيز مبدإ التكوين المستمر كأداة لتمكين المناضلين من أدوات التحليل والمبادرة؛
  • تشبيك نضالات الشبيبات الديمقراطية وتبني القضايا الأساسية للشباب؛
    أما الخلاصة التي اختارها لمداخلته فهي: لنتواصل مع الشباب، لنكون الشباب، لنترافع على قضايا الشباب.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد