الرائدة في صحافة الموبايل

معالي عبد الرحمن اليوسفي.. المجاهد بلغة المعاصر الذي أخلص في العطاء

في نعي فقيد المغرب الكبير الأستاذ عبدالرحمان اليوسفي.. الدكتور العيساوي صالح الزبيدي الوزير المفوض لدى السفارة الليبية بالمملكة المغربية يكتب :
الهامة والقامة الفذة عبدالرحمان اليوسفي المجاهد الذي أخلص العطاء لوطنه، فكان نهجه ترسيخ قيم العدالة والدفاع عن القضايا الإنسانية العادلة.. هو رجل الثبات على القيم والمبادئ..

بقلم: الدكتور العيساوي صالح الزبيدي.
الوزير المفوض لدى السفارة الليببة بالمملكة المغربية.

نؤيد حقاً القول الذي مفاده أن المغرب الرابض على أطلس و أطالس أخرى بعلو أعاليها و ما اعتلى قد آلمه و آلمنا ما أَلَمَّ به من تغييب شاءت له الحكمة الإلهية أن ينزل بساحتها مكاناً و زماناً و إنساناً بغير موعد رغم التوقع الدائم بجريانه علينا ليطال من وقع عليه خيار الله الحكيم قاهر العباد بالموت ، هذا النقل للحياة البرزخية في عالم الحقيقة :
لرمز من الرموز
و كنز من الكنوز

مثمتلاً في انتقال الهَامَةُ والقامةُ الفذة عبدالرحمان اليوسفي المزداد في طنجةو أبصر النور في 1924/03/08 م والمنتقل في الجمعة2020/05/29م بالدارالبيضاء، يرحمه الله ، هذا المجاهد بلغة المعاصرة الذي أخلص في عطاءه بشهادة التقاة منتظراً لحظة المفارقة هذه ، المرتقبة من كل عاقل ورعٍ بما يستعد به لها ، و هو أحد مظاهر أسراره بإصراره فيما انتهج واعتمد ، فكان وكانوا يعملون و يناضلون لرفع الظلم و ترسيخ مبادئ العدل والعدالة والاعتدال تحت لواء قيادة رشيدة قد أكرمها الله بالرشد الذي يَعُمْ ، و بتكريم هؤلاء القمم ليكونوا لها عوناً على إرساء جُل الخطط الطموحة الواعدة لشعب ما اعتاد غير ذلك بفطرة مبسطة ارتقت لتكون منهجاً مُركزَّاً عند أوطان أخرى يستلهمون منه مُدِرَّات النضج ليقدموا و يتقدموا على أسس تليق بهم شَعباً و شُعَبَاً بعد البيعة لآل بيت حَسَني أضفى و أضاف ، حُسنَهُ و حسناته و إحسانه ، و ارتقى به المغرب في علياء دُرى المجد بإقرار الخُلَّص من الأمم بأن ريادة المغرب استحقاق وليست إشفاق أو ارتزاق ، و أن ثوابته أعراق و أخلاق ، فكان من بينها الذين ترعرعوا في كنف هذه الدوحة اليانعة والفيحاء المتسعة لمن ضاق به الحال او اتسع به المجال ، لتضم الجميع من الإنس الذين لا يتحقق الأُنس بهم حتى لغة إلا بالضم كحركة إعراب لا أعراب ، فيكون التبادل ومقاربة التعادل ، الجغرافية الطاهرة الباهرة مَلَكَاً و مُلكَاُ ، فمنهم فقيدنا اليوسفي كما استبقه أسلافه أمثال السيد المقاوم الخطابي والمناضل عبدالرحيم بوعبيد ،والمقاوم موحى أوحمو الزياني ، والمقاوم عسو أو بسلام ، المتقي أشهبار ، إبراهيم السرفاتي ، الشريف محمد أمزيان و غيرهم من الذين نطرب لكتابة أسماءهم بماء الذهب إن رضوا ، و إلا فهم أرفع من أن نمر على حصاد أعوامهم وسنينهم مرور البيادر ، باعتبار أن ما يوثقه التاريخ والتأريخ لهم هو توفيق من الله مع إخلاص منهم في العطاء المتدفق لدرجة الرضا بهوان الأرواح مقابل المبادئ والأمة والوطن بقيمه ومقامه ومن يقيم به ، و في هذا الشأن يحق لنا أن ننحث في كل المدائن ما سطروه أبطالنا من بطولات لم تقتصر على مكافحة المستدمر فحسب، بل امتدت امتداداً واعتداداً لتطال استلامهم لدفة القيادة الحكومية و إدارة الشؤون الحكومية بالدولة كجزء من هيكل المملكة العامر في عمومه في الفترة من1998م إلى2002م ، تاركاً تقييم المرحلة للنقاد و الإستفادة مما يرونه قصور غير متعمد ليستفاد من درءه في حقب حكومية لاحقة و تنطلق سفينة الرعاة والرعية في بحرها الزاخر بنفيس الجَني ظاهراً وباطناً و يُطَمئِنُ كل من على ظهرها أو اعتلاه ، بارتياح تام لوضوح المسار و اقتراب معظم شطآن الأمان لترسو عليها حين الحاجة أو التزود بما ينفع الناس حقاً.

و من هذا وغيره و ما يحتوي عليه المغرب من نِعمٍ يعيها أهل العلو لموقعهم الرفيع الذي يمكنهم من مد البصر ليروا آفاقاً لا يتسنى للقاصرين والقِصار و ما اقتصروا عليه رؤيتها بوضوح جلي ، نظراً لأن زاوية النظر والإطلالة ليست واحدة ، فما يراه الشاهين لا تراه القُبرة ، لا لتقليل لكونها خِلقة بل لوضع النصاب حين إسقاط المعنى ، فعش الأول في أعلى و أما هى لا تروم غير الحُفر الأرضية أو نباتات البرية على سطح دانٍ ، فطرة فيها ، و لكن في ذلك التميز بذاته مما جعله و نعتبره بمعيارنا الظاهر أننا به نفخر و لا نسخر ،
و عليه ، نستسمح من يسطر ويعطر المراثي و الرثاء EULOGY و هو مدح خصال الميت ، كما تنص الشريعة { اذكروا محاسن موتاكم } في حق من غادرونا بأن نصوب اصطلاح (انطفاء الشمعة) الذي نصنفه موت كلامي و إنهاء إيلامي في حق من يعجز الكلم والكلام في حصر مناقبهم ، و لا يراعي النوارنية التي أضاءت محيطاتهم حيثما بانوا وأينما كانوا ، و كأن أبناء أمتنا ستموت ذكراهم عقب انطفاء شموعهم الدنيوية حسب قول البعض ، فهذا سياق لا نُقِرُّهُ ، لأن لنا معتقد متأصل على خلود الشهداء بأمتنا ، كما بالآية 169سورة آل عمران ، و إن من لم نحتسبه كذلك ، فإنما نحسن الظن بربنا في أن ينال العفو من رب العَفوِالعَفُو ، و لينمو لعلم الجميع بأن العالم الذي قد انتقلوا إليه هو عالم البرزخ و الحقيقة ، و ما آلوا إليه هو بداية لحياة أعظم و أطول مما كانوا فيه من زمن مقتصر محدد ، فالقُصرُ ملازم لنا ، من صلب الأب لرحم الأم الى الأرض فالبرزخ ثم الآخرة و الخلود ، فالدنيا ليست محطتنا المرجوة لأنها ممر لمقر ، أما ما انتقل إليه فقيدنا فهو عالم يهتز لمن أتاه من الرجال والنساء القمم من أمة الإسلام كما كان لسيدنا سعد بن معاذ و الذي انبأنا عنه الحبيب عليه الصلاة والسلام في قوله { لقد اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ } لحفاوة مَن فيه بمن أتى إليه و زائريه النازليه فيه ، ليس اهتزاز حركة بل اهتزاز بركة و رحمة مشتركة ، اهتزاز بهجة و طرب ، مما يوافقه معنى مفردة الاهتزاز المفرح ما ينص عليه معنى الآية 39 سورة فصلت {كلما أنزلنا عليها الماء اهتزت و رَبَت } صدق الله العظيم.

و هو اهتزاز من اعتزاز ، و اعتزاز من اكتناز ، و قد عرضنا هذا في مستهل هذا النص ، [ اليوسفى الرمز والكنز ] و نختم ذلك بأن ارتحالهم للآخرة قد رافقه الترحم و نصوع صفحاتهم و عبق نفحاتهم بما يشهد به الورى الذين ألسنتهم أقلام البارئ استشهادا بما ورد عن أخينا عبدالبارئ ، كما وجبت لصاحبي الجنازتين (العقاب والثواب)عند مرورهما أمام الرسول عليه السلام وصحابته الكُمَّل رضوان الله عليهم ، و بهذا الموت الذي رحل بالمناضل اليوسفي ، عبدالرحمان الذي ناداه الرحمن في أيام شوال المباركة في يوم يتزامن ومسماه بأن الخالق قد خلق فيه الدنيا و ستقوم فيه القيامة و التقى فيه سيدنا آدم عليه السلام مع أمنا حواء و ان الحج نفسه كركن لنا تعد الوقفة بعرفات فيه لها من النعم ما لا يخفى عليكم ، فكيف بالكريم الأكرم و هو يستضيف في غير عالمنا المنظور المرئي عبداً من عباده قد قدَّم للأمة و الوطن و طاعة أولياء أمره من المعروف و الواجب والتضحيات ما تعددت الأقلام بذكره لا حصره ، فطاف إسمه الصحف و تصدر وسائل التراسل والتواصل و أقيمت له جنازة رغم ما يعيشه العالم ، و اتجهت فيه التعازي من الأسرة الى أمير المؤمنين بغير ما اعتاد الناس في شعوب اخرى ، كإحساس نبيل لمصاف الصفوة بأن غياب اليوسفي مؤلم لجلالة الملك نصره الله ، و ما لهم كعائلة إلا النصيب المفروض المقدر لأنه رهن حياته و روحه للوطن والأمة ، و هذا هو راعي الوطن والأمة و إمامها ، فوجبت لزاماً تعزيته في خطوة لم نشهد لها مثيلاً فيمن رأينا من دول و ممالك كدلالة على أن المغرب كيان مترابط واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى ، و بوصفه يستأهل توجيه الخطاب له كدائرة تعاضدية تكمل بعضها كما شاهدنا حرم الفقيد المصونة و هى توجه ذلك لأمير المؤمنين كتخفيف لمصاب الإثنين بتكافل يهدئ من روع المكلومين بروعة ما كان بين الأسرة وأمير المؤمنين

يحفظ الله المغرب ، و لا يساورنا أدنى قلق في حق فقيدنا المغوار بروح البواسل لأنه نزل بالعظيم الأعظم الجليل الأرحم ، الذي نحسن الظن به ، و هو القائل في حديثه القدسي { أنا عند حسن ظن عبدي بي فليظن بي عبدي ما يشاء } و نختمها بأن نبراس و سراج حبيبنا اليوسفي كان وضاء بيننا و رحل للرب النور ، فلن يكون بأى حال من الأحوال أن الخلق الفقراء سيجزلون في كرم الفقيد بالاعتراف بنور آني محدد ، بأكثر من المانح لنورانية في مقام مخلد .
نَمْ قرير العين أيها الممجد .
و أنتم السابقون و نحن إن شاء الله بكم للاحقون .
و ليكن الدرس لمن ألقى السمع و هو شهيد .
“إنا لله وإنا إليه راجعون”..صدق الله العظيم.
أخوكم الشقيق من بلد شقيق.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد