ضمن العدد التاسع من سلسلة “أساطين الفكر على مر التاريخ”، فكرة وإعداد ياسين شكور
“غاية القانون ليس منع أو تقييد الحرية، بل حفظها وتوسيعها”.
“جون لوك”
ولِدَ الفيلسوف والطبيب جون لوك John locke، عام 1632 في قرية رينغتون Wrington، في مقاطعة سومرست Somerset الإنجليزية. كان والده يعمل كمحامي القرية وهو رجل عسكري خدم كقبطان خلال الحرب الأهلية الإنجليزية. وبسبب اتصالات والده وولائه للحكومة الإنجليزية، فقد تلقى لوك تعليمًا متميزًا حيث التحق بمدرسة وستمنستر Westminster في لندن.
في عام 1647، حصل لوك على شرف King’s Scholar، وهو امتياز حصل عليه القلة من الأولاد في ذلك الوقت وساعده ذلك في متابعة دراسته في مدرسة Christ Church في أكسفورد في عام 1652، وهي أرقى مدرسة في أكسفورد، حيث درس هناك المنطق والميتافيزيقا، فضلًا عن اللغات الكلاسيكية. وقد عاد إليها بعد عامين للحصول على درجة الماجستير في الفنون في عام 1656. وتم انتخابه كزميل في الجمعية الملكية في عام 1668. تخرج بعد ذلك حاملًا لشهادة البكالوريوس في الطب في عام 1674.
نُشِرَ مؤلفه A Letter Concerning Toleration في عام 1689، وقد كتبه باللغة اللاتينية وسرعان ما تمت ترجمته إلى لغاتٍ أخرى عديدة. وأوضح من خلال هذا المؤلف أفكاره بشأن الدين والمجتمع وأنه لا يمكن أن تتغير الكنيسة عن طريق العنف وإنما باتباع أسلوب الإقناع.
لجون لوك عمل آخرAn Essay Concerning Human Understanding ، وصف فيه عقل الإنسان عند الولادة باللائحة الفارغة التي تمتلأ بمرور الوقت بالخبرة الإنسانية. ويعتبر هذا العمل مصدرًا رئيسيًا للتجريبية في الفلسفة الحديثة. وقد ألهم من خلاله العديد من فلاسفة التنوير مثل ديفيد هيوم David Hume وجورج بيركلي .George Berkeley
كما نشر كتابًا آخر في عام 1698 بعنوان Two Treatises of Government وعلى الرغم من عدم الكشف عن هويته؛ فقد هاجم مفهوم السلطة الأبوية في الرسالة الأولى وشرح أفكاره لتشكيل مجتمع أكثر تحضرًا في الرسالة الثانية، وقد وضع هذه النظريات السياسية خلال سنوات خدمته للورد آشلي.
أكد لوك على وجود مجتمع طبيعي وقانون طبيعي سابق على القانون المدني، ومن ثم فإن حالة الطبيعة تعتبر صالحة يتمتع فيها الأفراد بالحرية والمساواة ويحكمها القانون الطبيعي، وليست حالة فوضى كما تصورها هوبز.
لا يتصور لوك وجود تجمع بشري دون نوع من القانون والنظام؛ بحيث لا يقدم أي فرد على عمل يمس حرية الآخرين أو حياتهم وممتلكاتهم، ويجمع لوك هذه الحقوق في حق الملكية الذي اعتبره أهم الحقوق في حالة الطبيعة.
يتفق الأفراد، مع لوك، فيما بينهم على العقد على أن الحاكم هو طرف في العقد مع باقي أفراد المجتمع، ويتنازل الأفراد عن ذلك الجزء من حقوقهم الذي يتيح للسلطة الجديدة الدفاع عن مصالحهم، وتأمين حقوقهم (خاصة حرية الملكية). وإذا أخلت الحكومة بالتزاماتها تجاه المجتمع وجب على على المجتمع عزلها.
العقد عند لوك مؤقت ومشروط بالتزام أطرافه، فالسلطة ليست مطلقة وإنما محكومة بحدود الوظيفة التي من أجلها تأسست، وبالتالي الشعب هو مصدر السلطات في الدولة (السلطة التشريعية)، ومهمة الحكومة مهمة إدارية تهدف إلى خدمة الجماعة وتأمين الراحة والازدهار، والحفاظ على الحرية والملكية اللتين يكتسبا عن طريق العمل. هكذا من حق الأفراد الثورة على الحكومة إذا خرجت على مقتضيات العقد وهددت الحقوق الطبيعية للأفراد، لحفظ النظام العام.
لم يتزوج جون لوك أبدًا ولم يكن لديه أي أطفال. كانت تربطه علاقة صداقة قوية مع السيدة داماريه كادوورث ماشام Damaris Cudworth Masham وقد امتدت هذه الصداقة حتى وفاته. وقد دعته ليعيش مع عائلتها خلال سنواته الأخيرة في أويتس في هاي لافر، إيسكس.
بعد معاناةٍ طويلة مع المشاكل الصحية توفي جون لوك في 28 أكتوبر 1704. وقد دُفِنَ في فناء الكنيسة قرية هاي لافر High Laver، حيث قضى أخر سنوات حياته.