الرائدة في صحافة الموبايل

كورونا.. عندما تساعدنا الفلسفة على التفكير في الأزمة

ترجمة: أحمد رباص

من أجل توضيح الرؤية حول هذا الموضوع، اتصل موقع lanouvellerepublique الفرنسي بأرنو فرانسوا، أستاذ الفلسفة بجامعة بواتيي (Poitiers)، ليطرح عليه مجموعة من الأسئلة التي أجاب عنها بكل أريحية. في ما يلي النص الكامل لهذا الحوار.

  • ما الذي يمكن أن تقدمه لنا الفلسفة في هذه المرحلة؟
    يمكن للفلسفة أن تقدم ارتفاعا، مسافة ليست بالضرورة مهمة للغاية لأنها ليست مرحبا بها دائما، يجب أن نكون قادرين على التراحم والاهتمام. تواجه الفلسفة صعوبة في منتصف الطريق بين هذين النقيضين.
  • من هم الفلاسفة الذين يمكنهم مساعدتنا؟
    شيء واحد أقترحه هو القراءات وليس بالضرورة الفلاسفة، بل تلك التي تأمل فيها الفلاسفة، مثل حكايات الأوبئة العظيمة. اثنان في الواقع لا مفر منهما ويتحدثان عن نفس الحدث: ثوسيديديس (460 ق.م. – 395 ق.م.) الذي يحكي عن الحرب بين سبارتا وأثينا ووباء الطاعون في بداية هذه الحرب، والتي تم نسخها حرفياً تقريبا في قصيدته الشاعر والفيلسوف الروماني لوكريتيوس (99ق. م. – 55 ق. م.) تحت عنوان “في طبيعة الأشياء”.
  • ماذا قدموا لنا؟
    ثمة شيء مثير للدهشة، هو أن الأوبئة تزعزع المعتقدات، الدينية مثلا: حزن ثيوسيديديس، وسر لوكريتيوس. هذا شيء نعاينه اليوم، يتأثر الإيمان بالنمو بشكل كبير بواقع الوباء. إنها مقارنة مذهلة.
  • هل سنشهد عودة الديني؟
    ربما في هذه الحالة من الممكن أن يكون لدى الإنسانية رد فعل من المخاوف، ولكن يجب أن نثق في إنسانية يمكنها أن تتفاعل عن طريق تغيير شروط الإنتاج والاستهلاك، بدلاً من عودة الديني.
  • بمقربة منا، يتحدث الناس كثيرا عن كامو وعن قصته “الطاعون”، هل هذا كتاب تلزم قراءته الآن؟
    هذا نص رائع يمكن أن يفيدنا من حيث رسالته السياسية: الطاعون هو طاعون متخيل يستولي على وهران، وهو استعارة سياسية عن الفاشية، والطاعون هو الفاشية بحد ذاتها، ولكن الناس الذين يقاومون الفاشية يتأثرون، يعانون أيضا. رسالة كامو هي أنه لا يوجد أحد محصن ضد الظاهرة الفاشية، ويجب على كل واحد أن يكون متيقظا في جميع الأوقات. عشنا حدثا كبيرا للغاية عندما رأينا ردود الفعل على الفيروس، الغالبية العظمى أظهرت التضامن، ولكن أخوف ما نخافه عودة الشك، الانطواء على الذات، يجب أن نأمل أن نتمكن من حماية أنفسنا من ذلك.
  • هل هذا هو الحال عندما يُتهم الصينيون بنشر الفيروس، أو بعض المعالجين بجلب العدوى إلى العمارة؟
    هذا بالضبط ما أشير إليه، عندما تنظر إلى الشعبوية، تجد أنها تندفع إلى فرصة إلقاء اللعنة على مجتمعات معينة. يسارع اليمين المتطرف دائما إلى التنديد بالسكان عندما يكون هناك وباء، لكنه لا يحدد المتهمين بارتفاع درجات الحرارة أو بانقراض التنوع البيولوجي لأن ذلك من الصعوبة بمكان.
  • هل يستطيع سارتر بمسرحيته “الأبواب المقفلة” أن يساعدنا على فهم اللحظة التي نعيش فيها؟
    وي كلو (Huis clos)، كل الأبواب مقفلة، إنها مسرحية، مثل رواية “الطاعون” لكامو، تم تقديمها في سياق نهاية الحرب العالمية الثانية؛ وهي مليئة بالإحالات والتفكير في العلاقة مع الآخرين: جزء من كياني في عيون الآخرين. هذا يمكن أن يفيدنا بشكل جيد في الوقت الحالي: كيف يشعر الشخص الذي يخشى أن ينظر إليه بعين الريبة؟ بعض الفلاسفة، مثل Sandro Mezzadra (أستاذ باحث في الفلسفة السياسية بجامعة بولونيا)، يساعدون على التفكير في ما تم فرضه من عزل وحجر. هذا بالنسبة لأولئك المحجورين، وكذا لأولئك الذين هم خارج الحدود، فماذا عن المنفيين؟ من جهة، المنعزلون، ومن جهة أخرى، المستبعدون.
  • مع الحجر، قد يكون الآخر زوجا أوولدا ، كيف يمكننا تعريف أنفسنا، من هم الكتاب الذين يمكنهم مساعدتنا؟
    على المرء أن يجد هويته مع أقربائه، وهذا شيء حفز السوسيولوجيا بشكل كبير مع دوركهايم الذي اهتم بسلوك المجتمعات في حالات الأزمات، هذه إحدى القراءات الأساسية، مع موس.
  • كيف تتصور العودة إلى الوضع الطبيعي، نحو وضع سابق أو مختلف؟
    أعتقد أن الأمور ستكون مختلفة، لن يكون هناك شيء واحد. هناك حاجة إلى خمسة اتجاهات للتفكير: إيكولوجي، اجتماعي، ديمقراطي، أوروبي ونسوي. يمكن للفلسفة أن تساعد، بالنسبة للمجتمع ، يجب أن نفكر في جميع أوجه عدم المساواة التي أصبحت واضحة للغاية مع الأزمة، بالنسبة للمسنين، بين الرجال والنساء، والمتهالكين، والمشردين، والطلاب الذين لديهم إنترنت أو الذين لا إنترنت لهم. في الجانب البيئي، ستتطور مثل هذه الأوبئة مع ذوبان التربة الصقيعية، وسوف تستيقظ الجراثيم، مع إزالة الغابات، تتناقص المسافات بين الأنواع. هناك مجال كبير للتفكير.
  • الاقتصاد له الأسبقية على جميع التخصصات، هل للتخصصات الأخرى، مثل الفلسفة،نصيب من النجاح؟
    الفيلسوف الأسترالي، جلين ألبريشت، أسس مفهوم السولاستالجيا، اعتمادا على التشابك بين ثلاثة علوم وهي الاقتصاد والسوسيولوجيا والجيولوجيا. يقترح عكس العلاقة والتفكير في الاقتصاد في علاقة بالمجتمع وفي المجتمع في علاقة بالبيئة. سيتعين على الاقتصاد التخلي عن أسبقيته والموافقة على الخضوع للمساءلة.
  • هل يمكن أن يكون للوباء آثار إيجابية؟
    من الصعب الإجابة عن هذا السؤال، لأنه حدث مروع أصاب الكثير منا، الإحصائيات مخيفة، المرض قاتل لا محالة، بأكثر من 10٪ في الحقيقة. من المحزن أن نكون بحاجة إلى فرصة درامية للتأكد من حقائق معينة. ربما امكنه تنبيهنا لبعض الأمور. الخطر هو أن بعض الحكومات الاستبدادية قد تستغلها لوضع تدابير قمعية لن يتم رفعها لاحقا، مثلما فعل فيكتور أوربان في هنغاريا (رئيس الوزراء الذي استخدم الجيش وأفرغ المستشفيات ومارس الرقابة على المعارضة من أجل التصدي للجائحة). يجب أن نكون متيقظين للغاية، يجب أن نتحقق من إلغاء جميع الأحكام الاستثنائية. “
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد