الرائدة في صحافة الموبايل

اليوم الوطني للمقاومة.. دلالات وعبر، ورؤية مشرقة للحاضر والمستقبل


حميدة الجازي
القيمة على فضاء الذاكرة التاريخية
للمقاومة والتحرير بطنجة

تحل اليوم الذكرى 64 للاحتفال باليوم الوطني للمقاومة، والتي نستحضر من خلالها التضحيات الجسام التي قدمها شهداء الحرية والكفاح الوطني ذودا عن حرمة الوطن ومقدساته و رغبة في حريته واستقلاله ووحدته الترابية.
تضحيات وملاحم بطولية سجلها التاريخ بمداد من الفخر والاعتزاز نستحضرها اليوم للإشادة بالنضالات الخالدة لنساء ورجال الحركة الوطنية وجيش التحرير من أجل عزة الوطن ورفعته. ورجوعا الى هذا التاريخ المشرف، فقد اندلعت ملحمة ثورة الملك والشعب ردعا وصدا لكل مؤامرات المحتل الغاشم الذي أقدم في 20 غشت 1953 على ارتكاب فعلة مشينة يندى لها الجبين وبذلك دق أول مسمار في نعشه اذ قام بنفي بطل التحرير والاستقلال وأب الأمة جلالة المغفور له محمد الخامس رضوان الله عليه والأسرة الملكية الشريفة، معتقدا ان هذا الابعاد سيطفئ شعلة النضال الوطني، وهو ما كان برأي المحللين فيما بعد خطأ تاريخيا واستراتيجيا قاتلا، فهذا الفعل الشنيع لم يزد الشعب المغربي الا تماسكا و تمسكا بمقدساته الدينية وثوابته الوطنية، بل وقد أذكى روح الحماس في قلوب كل المغاربة وكان سببا في اندلاع ثورة بطولية تضافرت فيها كل مكونات هذا الشعب الأبي الذي رفض المس برمز له من القدسية والاحترام الشيء الكثير في نفوس المغاربة ، ثورة كانت من ابرز محطات الكفاح الوطني التي أسالت الكثير من المداد حول ارادة شعب حر ضحى بالغالي والنفيس من أجل عودة الملك محمد الخامس طيب الله ثراه ، أب الأمة الذي فضل المنفى السحيق على أن يرضخ لأهواء المستعمر ورغباته.
ومن بين أبرز مظاهر هذه” الثورة “، المظاهرات الشعبية الحاشدة التي جابت مختلف شوارع المدن المغربية طولا وعرضا متحدية دهاقنة المستعمر الغاشم ومعلنة عن ارادة شعب حر، قرر المواجهة بكل ما أوتي من قوة من خلال تكوين الخلايا ومنظمات المقاومة المسلحة بمختلف المدن والقرى المغربية الأبية.ومن بين الأبطال الأفذاذ الذين نخلد ذكرى استشهادهم اليوم، الشهيد محمد الزرقطوني” “البطل الذي تجرع السم ليحيا الوطن”، كما سمته العديد من الجرائد الوطنية ، بطل من نوع خاص إنه ابن حي السوينية بالمدينة القديمة للدار البيضاء لأب صويري وأم فاسية والشاب اليافع آنذاك الذي فهم ان القوة لا تواجه إلا بالقوة فكانت أولى خطواته النضالية سنة 1948 ، حين أسس خلية “القانون المحروق” الى جانب سبعة اخرين ، ومنها انطلقت شرارة مسيرته النضالية التي كللها سنة 1952 بالإشراف على تنظيم حفل بالدار البيضاء رفع فيه لأول مرة العلم المغربي بجانب الأعلام المغاربية الأخرى. وكانت النقطة التي أفاضت الكأس هي نفي جلالة المغفور له محمد الخامس الى المنفى السحيق في 20 غشت 1953 تزامنا مع عيد الأضحى، حين قرر الزرقطوني بمعية خليته الرد بقوة على المستعمر تزامنا مع أعياد الميلاد المسيحية من خلال عملية “مارشي سونترال”. بالدار البيضاء حيث تم تفجير قنبلة ليلة رأس السنة الميلادية كرد على نفي محمد الخامس، وأعقبتها عمليات أخرى، تم فيها تفجير القطار الرابط بين الرباط والجزائر. فأصبح محمد الزرقطوني المطلوب الأول لدى سلطات الحماية، وحين عاد الى منزله وجد رجال الشرطة في انتظاره، لكن ما لم يكن يتوقع المحتل هو الاستعداد القبلي من طرف الزرقطوني لهذه اللحظة فقد كان دائما يخبئ لديه حبة سم مخافة أن لا يتحمل مشقة التعذيب ويفضح باقي عناصر الخلية .

وتوجت جهود الزرقطوني ورفاقة ومعهم كل مكونات الشعب المغربي الأبي بمختلف أطيافه، بالعودة المظفرة لبطل التحرير والاستقلال جلالة المغفور له محمد الخامس برفقة وارث سره ورفيقه في الكفاح والمنفى جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراهما والأسرة الملكية الشريفة من المنفى إلى أرض الوطن في 16 نونبر 1955، وإعلان انتهاء عهد الحجر والحماية وإشراقة شمس الحرية والاستقلال.

وقد حرص الملك المجاهد جلالة المغفور له محمد الخامس على جعل 18 يونيو 1954 يوما يحتفل فيه بالمقاومة، اعترافا وإكبارا وفخرا بتضحيات شرفاء الوطن الذين الذين استرخصوا دمائهم فداء للوطن، فقام قدس الله روحه بوقفته التاريخية يوم 18 يونيو 1956 أمام قبر الشهيد محمد الزرقطوني رحمة الله عليه، مجسدا أسمى معاني الوفاء والاعتراف بنضالات وتضحيات الشهداء والاعتزاز بملاحم وبطولات المقاومة .

حيث قال في خطابه الشهير ” إن الشعب المغربي مفطور على الاعتراف بالجميل، ولن ينسى عمل أولئك الذين كان لهم فضل المقاومة سواء بالسلاح أو اللسان أو المال، وانه لجدير بذكرى المكافحين أمثال محمد الزرقطوني وعلال بن عبد الله أن يخصص لهم يوم يكون أحد أيامنا المشهودة لتكون ذكرى لائقة بنضالهم ناطقة بعظمة كفاحهم “.
وأضاف،… لقد كنا في منفانا، شهد الله، نتلهف شوقا إلى أخبار مقاومة أبطالنا، فكانت هي أنسنا في نهارنا، وسمرنا في ليلنا، وكان يقيننا راسخا في أن تلك المقاومة، وقد كنا أول من حمل مشعلها، ستظل تستفحل يوما بعد يوم حتى تستأصل جذور الباطل، وها نحن اليوم نستظل بدوحة الحرية التي غرسها وسقاها فدائيون بزكي دمائهم “.

البطل محمد الزرقطوني وآخرون، ضحوا بالغالي والنفيس من أجل رفعة الوطن وحريته، أحداث نستحضرها في فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بطنجة بالكثير من الفخر والاعتزاز ونعتبرها فرصة سانحة لتجديد الموقف الوطني الراسخ بخصوص قضية الوحدة الترابية مع ما يتطلبه هذا الأمر من جهد ومثابرة وتعبئة للدفاع عن قضيتنا الأولى ومواصلة المسيرة نحو مغرب التحديات والحكامة الرشيدة والمتبصرة بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده لكسب رهان انهاء النزاع الوهمي الذي افتعله خصوم وحدتنا الترابية والذي لن يغير شيئا في الحقيقة التاريخية الثابتة بخصوص صحرائنا المغربية التي كانت مغربية وستظل مغربية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد