الرائدة في صحافة الموبايل

حالة الطوارئ الصحية بالمغرب.. من التجارب المقارنة إلى التأصيل الدستوري وتنزيل المقتضيات.

بقلم : عبدالعالي الطاهري.

ارتباطا بالنقاش العمومي الذي أثاره ولا يزال المرسوم بقانون المتعلق بفرض حالة الطوارئ الصحية،خاصة في ظل التمديد الذي عرفه المرسرم بقانون المذكور و ما أثاره من ردود أفعال متباينة . سوف نطرح هذا الموضوع بالدراسة والتحليل،من خلال زاوتَي معالجة٬الأولى تتعلق بسياق حالة الحظر الصحي ارتباطاً بالتجارب المقارنة،والزاوية الثانية تهُمُّ البعد التأصيلي لهذا المرسوم بقانون على المستوى الدستوري والقانوني.

تُناط بالبرلمان مجموعة من الاختصاصات والمهام طبقا لأحكام الدستور والقوانين التنظيمية والأنظمة الداخلية،وتعتبر وظيفة التشريع من أهم هذه الوظائف التي يقوم بأدائها.ويُقصد بالتشريع وضع القواعد القانونية في صورة مكتوبة لتنظيم مختلف مجالات الحياة في المجتمع،والأصل أن وضع القوانين حكر على السلطة التشريعية،إلاَّ أن الدستور  المغربي جعل هذه الوظيفة مشتركة بين السلطة التشريعية صاحبة الاختصاص الأصيل والجهاز التنفيذي باعتباره سلطة تشريعية فرعية،ويدخل في نطاق التشريع البرلماني نوعين من القوانين:القوانين التنظيمية التي تعتبر امتدادا وتكميلا لنصوص الدستور،والقوانين العادية المحددة في الفصل 71 من دستور 2011،ويمارس مهمته هذه وفق مسطرة تشريعية محددة تتضمن  مجموعة من المراحل والإجراءات المتتالية والكفيلة بتنظيم هذه العملية.

 فالدساتير المغربية من أول دستور سنة  1962 حتى دستور سنة 2011،أكدت صراحة على أن سلطة سن التشريع تعود للبرلمان، كما نصت في الوقت ذاته على أن هذه السلطة ليست مطلقة، بل هي مقيدة بما ورد بشأنه نص خاص في الدستور.

وعليه فإن اختصاص البرلمان في مجال سن القوانين قد بينه الدستور على سبيل الحصر، يباشره وفق الأحكام المنصوص عليها دستوريا.

وتبعا للنظامين الداخليين للبرلمان بمجلسيه،وبالرغم من هذا التحديد الدستوري والتراجع المؤسساتي ،فإنه مازال يصدر عن البرلمان العديد من القوانين وما فتئ جدول أعماله مزدحما بمشاريع ومقترحات القوانين،كما أنه مازال يملك عدة وسائل وتقنيات تسمح له بالإسهام في العملية التشريعية. فإلى جانب التشريع في مجال القانون مازال البرلمان إلى حد ما يتحكم في المسطرة التشريعية،إضافة إلى صلاحياته في مجال القوانين التنظيمية وامتلاكه لبعض الاختصاصات في المجال المالي،الذي هو مجال يعود أصلا إلى السلطة التنفيذية.

كما أناط الدستور بالبرلمان ممارسة السلطة التشريعية والتصويت على القوانين، وخوَّل لرئيس الحكومة ولأعضاء البرلمان، على السواء، حق التقدم بمقترحات القوانين.

ومهما يكن المصدر الأصلي للمبادرة التشريعية، سواء من الحكومة (مشاريع القوانين) أو من البرلمان بمجلسيه (مقترحات القوانين)، فإنها تخضع لأحكام الدستور ولمقتضيات القوانين التنظيمية وكذا للقواعد الواردة في النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان..

وإذا كـان النظـام القـانوني العـادي قـد وُضـع لـيحكم حيـاة الـدول والأفـراد فـي الأوضـاع الطبيعية، فإن هذا النظام قد يعجز في وقت الأزمـات عـن تقـديم الحمايـة اللازمـة لاستمرار الأمة والدولة واستقرارها، وفـي سـبيل مواجهـة هـذه الظـروف غيـر العاديـة والاسـتثنائية لجـأت الـدول لمنح صلاحيات تشريعية استثنائية للسلطة التنفيذية عامة و لرئيس الدولة خاصـة، عُرفـت بتشريع الضرورة، ويُفسر الكثيرون منح هذه السلطات لرئيس الدولة في الغالب إلى تمتّعـه بمكانة مرموقة تفوق التوزيع الوظيفي بين السـلطات.

وتأسيسـاً علـى ذلـك فتشـريع الضـرورة آليـة قانونيـة لمواجهـة الظـروف الاسـتثنائية ويقـوم علــى فكــرة الضــرورة، لكــن تجــدر الإشــارة إلــى أّنــه محــل تطبيــق فــي الــدول القانونيــة دون الدولة البوليسية، ذلك أنه رغم خطورته فهو لا يخـرج عـن نطـاق مبـدأ المشـروعية ولا ينتهكـه،بل هو توسيع من نطاقه ومداه في إطار جديد ومؤقت يُعرَّف بالمشروعية الاستثنائية. وقــد تعــددت آراء فقهــاء القــانون فــي تحديــد مفهــوم فكــرة الضــرورة، حيــث يراها الفقــه الألمــاني أّنهــا هــي الحالــة التــي تعطــي الدولــة الحــق فــي اتخــاذ الإجــراءات اللازمــة عامــة للمحافظـة علـى سـلامة الدولـة والمجتمع،ولـو أّدى ذلـك إلـى مخالفـة القـوانين القائمـة، إذ أن الإجـراءات التي تتخذها في هذه الحالة تعد مشـروعة، فـي حـين أن فكـرة الضـرورة عنـد الفقـه الفرنسـي، هي الحالة التي تمكن الحكومـة أن تتّخـذ مـن الإجـراءات والتـدابير المخالفـة للقـوانين القائمـة،بشـرط أن تكـون هنـاك اسـتحالة ماديـة فـي جمـع البرلمـان أو علـى الأقـل ألا يكـون البرلمـان خلال عرض المراحل الأساسية التي تميز الإنتاج التشريعي للقوانين، سواء كانت مشاريع قوانين أو مقترحات قوانين، باختلاف أنواعها وتراتبيتها، في البناء القانوني كما سيأتي تفصيله.إذن يمكن تحليل هذا الموضوع بناءا على المقتضيات الدستورية والأنظمة الداخلية للبرلمان،علاوةً على بسط تشريع الضرورة حسب طبيعة الوارد في المنظومة التشريعية المغربية وكذا التجارب المقارنة دراسةً وتصويتاً.

كوفيد 19 ..أو  عندما يبرر الوباء “تشريع الضرورة”

منذ بداية انتشار فيروس كورونا من الصين البؤرة العالمية الأولى وامتداده جغرافيا في العديد من الأقطار العالمية، تفاعلت الدولة المغربية وبشكل سريع مع انتشار جائحة « كوفيد «  19 ، الذي أوقف الحركة البشرية في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في كل ربوع 

العالم ، حيث كانت المملكة المغربية من الدول الأولى في العالم التي اتخذت قرارات جريئة وسريعة وقائية واحترازية للحد من انتشار هذا الوباء، رغم ما يمكن أن تخلفه هذه القرارات من 

أضرار على كل المستويات، لكنها راهنت على سلامة أفرادها قبل كل شيء،

عكس ما قامت به بعض الدول الأوروبية خاصة إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وكذا

 الولايات المتحدة الأمريكية، حيث عرفت هذه الدول معدلات هائلة من الوفيات 

والإصابات بالفيروس بسبب عدم اتخاذها لقرارات سريعة وجريئة واستهانت 

بقوة وخطورة الفيروس ورجحت المصلحة الاقتصادية على المصلحة الإنسانية .

إلى ذلك فقد سارعت المملكة المغربية إلى مأسسة تدخلاتها الاحترازية للحد من 

تفشي هذا الفيروس ، عبر وضع الآليات القانونية لجعلها مشروعة وفقا للقانون والمقتضيات الدستورية،وإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة

 انتشار  فيروس كورونا – كوفيد19، لذلك عملت السلطة التنفيذية ممثلة في الحكومة المغربية  على إصدار مرسوم بقانون في سياق ما يصطلح عليه في الفقه القانوني والدستوري

 بتشريع الضرورة٬تحت رقم 2.20.292 بتاريخ 23 مارس 2020  المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها،الذي جاء بناء على الفصول 21 و24  و 81 من الدستور،وكذا بناء على اللوائح التنظيمية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، وبعد المداولة  في

 مجلس الحكومة  بتاريخ 23 مارس 2020 ،وباتفاق مع اللجنتين المعنيتين 

بالأمر في مجلس النواب ومجلس المستشارين،قامت السلطة التنفيذية بإصدار 

مرسوم بقانون استنادا للفصل 81 من الدستور،و الذي ينص على أنه يمكن

 للحكومة أن تصدر خلال الفترة الفاصلة بين الدورات، وباتفاق مع اللجان التي

 يعنيها الأمر في كلا المجلسين، مراسيم قوانين، ويجب عرضها بقصد المصادقة عليها من طرف البرلمان، خلال دورته العادية الموالية.إذ يودَعُ مشروع المرسوم بقانون لدى مكتب مجلس النواب، وتناقشه بالتتابع 

اللجان المعنية في كلا المجلسين، بُغية التوصل داخل أجل ستة أيام، إلى قرار

 مشترك بينهما في شأنه٬وإذا لم يحصل هذا الاتفاق، فإن القرار يرجع إلى اللجنة

 المعنية في مجلس النواب .

يؤطر هذا النوع من النصوص الفصل 81 من الدستور المغربي الذي ينص على أنه “يمكن للحكومة أن تصدر، خلال الفترة الفاصلة بين الدورات، وباتفاق مع اللجان التي يعنيها الأمر في كِلا المجلسين، مراسيم قوانين،يجب عرضها بقصد المصادقة عليها من طرف البرلمان خلال الدورة العادية الموالية.

و يُودَع مشروع مرسوم القانون لدى مكتب مجلس النواب، وتناقشه بالتتابع اللجان المعنية في كلا المجلسين، بغية التوصل داخل أجل ستة أيام إلى قرار مشترك بينهما في شأنه،وإذا لم يحصل هذا الاتفاق فإن القرار يرجع إلى اللجنة المعنية في مجلس النواب .

وتثير الصياغة العامة والتنظيم المختصر لهذه الإمكانية المُخوَّلة للحكومة العديد من الملاحظات التي يمكن إجمالها فيما يلي :

  1. جاءت عبارة (القانون) عامة وبدون تقييد أو تخصيص،وهو مايمكن أن يُفهم منه أنه يحق للحكومة تقديم مشاريع مراسيم قوانين في جميع المواد التي من اختصاص القانون،في حين أن طبيعة هذه المراسيم تتنافى مع خصوصيات بعض هذه المواد، ومنها مثلا تلك التي أحال فيها الدستور على قوانين تنظيمية، أو القوانين التي تتم المصادقة بمقتضاها على بعض المعاهدات والاتفاقيات الدولية.
  2. خلافاً لموقف الدستور المغربي الذى أعطى للحكومة صلاحية إصدار هذه المراسيم،منحت بعض الدساتير المقارنة هذه الصلاحية لرئيس الدولة، ومنها الدستور المصري الذي نص في المادة 156 منه على أنه إذا حدث في غير دورة انعقاد مجلس النواب ما يُوجِب الإسراع في اتخاد تدابير لا تحتمل التأخير، يدعو رئيس الجمهورية المجلس لانعقاد اجتماع  طارئ لعرض الأمر عليه، وإذا كان مجلس النواب غير قائم، يجوز لرئيس الجمهورية إصدار قرارات بقوانين، على أن يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال خمسة عشر يوما من انعقاد المجلس الجديد،فإذا لم تُعرض وتناقش أو إذا عُرضت ولم يُقِرَّها المجلس، زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون، دون حاجة إلى إصدار قانون بذلك، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة، أو تسوية ما ترتب عليها من آثار . والدستور الجزائري الذي نص في المادة 142 منه على أنه ” لرئيس الجمهورية أن يُشرِّع بأوامر في مسائل عاجلة في حالة شغور المجلس الشعبي أو خلال العطل البرلمانية، بعد رأي مجلس الدولة. ويعرض رئيس الجمهوربة النصوص التي اتخذها على كل غرفة من البرلمان في أول دورة له لتوافق عليها،وتُعَدُّ   ُّلاغية الأوامر التي   صوت عليها البرلمان.والدستور الكويتي بمقتضى المادة 71 منه التي أكدت على أنه ” إذا حدث فيما بين دورات انعقاد مجلس الأمة أو في فترة حله،ما يوجب الإسراع في اتخاد تدابير لا تحتمل التأخير، جاز للأمير أن يُصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون، على أن لا تكون مخالفة للدستور أو للتقديرات المالية الواردة في قانون المالية….”.

لا تكون الحكومة ملزمة بالحصول على إذن من أجل إصدار مراسيم القوانين،كما هو الحال بالنسبة للمراسيم المتخذة بناءً على تفويض أو إذن من القانون، وإنما يكون من حقها ذلك متى فرضت الضرورة ذلك بشرط ألا يكون البرلمان منعقدا. وبالتالي فهو تشريع يكون بناءً على تفويض دستوري تلقائي يمارَس متى توفرت شروطه فقط دون إذن من القانون بذلك.

ويعود للحكومة على العموم سلطة تقدير حالة الاستعجال أو حالة الضرورة باعتبارها صاحبة المبادرة في عرض الأمر على اللجان البرلمانية المختصة، على أن هذا لاينفي دور هذه الأخيرة في مراقبة المبررات والأسباب التي استندت عليها الحكومة لتبرير حالة الاستعجال،ومدى ملائمة مشاريع المراسيم بقوانين للوضعيات التي تم تشريعها فيها،خاصة وأن سلوك هذه المسطرة الاستثنائية يكون في العديد من الحالات ،له مبررات سياسية أكثر منها دستورية أو قانونية،بحيث تتجنب الحكومة بسلوكها الانتقادات والجدال الذي يمكن أن تكون مشاريع هذه النصوص موضوعا لها من طرف البرلمانيين عموما، والمعارضة على وجه الخصوص،بالنظر إلى سهولة تمريرها أمام اللجان البرلمانية المختصة.

عموما، ما يلاحظ من خلال التنظيم الدستوري لهذه الإمكانية المتاحة للحكومة،أن الُمشرِّع قَلَّل من الشكليات والإجراءات المنظمة لكيفية تبني هذه المراسيم بقوانين،وذلك مقارنة مع ما كان منصوصا عليه في الفصل 55 من المراجعة الدستورية لسنة 1996،التي كانت تنص على أنه « … يودع مشروع المرسوم بقانون بمكتب أحد المجلسين، وتناقشه اللجان المعنية في كليهما بالتتابع بغية التوصل إلى قرار مشترك في شأنه، وإذا لم يتأت  الاتفاق على ذلك داخل أجل ستة أيام من إيداع المشروع، يُباشَر بطلب من الحكومة تشكيل لجنة ثنائية مختلطة من أعضاء المجلسين تتولى في ظرف ثلاثة أيام من عرض الأمر،اقتراح قرار مشترك داخل الأجل المضروب لها ،أو إذا لم توافق اللجان البرلمانية المعنية على القرار المقترح عليها داخل أجل أربعة أيام « .

وبالتالي أصبح تبني المراسيم بقوانين، في ظل الدستور المغربي الحالي، يخضع فقط إلى الإجراءات والشكليات التالية :

أولا: يتعين أن يُصادِق مجلس الحكومة،وفقا لمقتضيات الفصل 96 من الدستور، على مشاريع هذه المراسيم بقوانين، وذلك بعد التداول بشأنها، كما يتعين أيضا أن تتم المصادقة على هذه المشاريع في المجلس الوزاري  متى كانت تتعلق بالمجلس العسكري، وذلك استنادا للعبارات الواسعة المنصوص عليها  في الفصل 49 من الدستور؛

ثانيا: لا يحق للحكومة التقدُّم بمشاريع مراسيم بقوانين خلال انعقاد مجلسي البرلمان، وإنما خلال الفترة الفاصلة بين دورات المجلسين، أي خلال فترات غياب أو عطلة مجلسي البرلمان. وقد حدد المجلس الدستوري في قرار صادر عنه بتاريخ 16 غشت 1994 المقصود بالفترة الفاصلة بين الدورتين، بأنها تقتصر على الدورات المتعلقة بنفس الولاية التشريعية، ولا يمتد للفترة الفاصلة بين نهاية ولاية تشريعية معينة وبداية ولاية أخرى.

أما خلال انعقاد مجلسي البرلمان، فلا يمكن للحكومة إصدار مراسيم في مجال القانون إلا بناءً على قانون الإذن. كما لا يمكن للحكومة إصدار مراسيم قوانين متى انتهت ولاية البرلمان أو في الفترة التي تلي حله من طرف الملك أو من طرف رئيس الحكومة، وهو نفس المنع الذي يطال إصدار مراسيم قوانين بعد آخر دورة في الولاية التشريعية، بحيث لا يمكن جمع البرلمان في دورة استثنائية من أجل عرض هذه المراسيم للمصادقة .

ويبقى عنصر الزمن ،على العموم،جد مؤثر في تحديد موقف اللجان المختصة من مشروع المرسوم بقانون، بحيث سيكون من غير المقبول مثلا تقديم مشاريع مراسيم بقوانين في الوقت الذي لم يبق معه إلا أيام معدودة أو أسبوع أو أسبوعين لاستئناف البرلمان لنشاطه العادي.

وقد تكفَّل الفصل 65 من الدستور المغربي بتحديد أوقات عقد جلسات البرلمان ،حيث نصَّ على أنه ” يعقد البرلمان جلساته أثناء دورتين في السنة، ويرأس الملك افتتاح الدورة الأولى، التي تبتدئ يوم الجمعة الثانية من شهر أكتوبر،وتُفتتح الدورة الثانية  يوم الجمعة الثانية من شهر أبريل. و إذا استمرت جلسات البرلمان أربعة أشهر على الأقل في كل دورة،جاز ختم الدورة بمرسوم،وبالتالي فإن البرلمان يكون غائبا فقط ما بين انتهاء دورة أكتوبر وبداية دورة أبريل، ومابين نهاية هذه الأخيرة وبداية دورة أكتوبر من السنة النيابية اللاحقة. وقد قلَّص الدستور بذلك نوعاً من فترات غياب مجلسي البرلمان،على اعتبار أن الفقرة الثانية من الفصل 65 من الدستور قد حَدَّدت مدة الدورة في أربعة أشهرعلى الأقل، في حين كان الفصل 55 من الوثيقة الدستورية لسنة 1996 يُحدد هذه المدة في ثلاثة أشهر فقط ،وبالتالي فإن مدة دورات مجلسي البرلمان لم تعد تقل عن ثمانية أشهر، أي أكثر من ثلثي السنة، بل وليس هناك ما يمنع أن تستمر لمدة أطول بحسب الحالات، وهو ما يمكن أن يقلل من حالات لجوء الحكومة إلى هذا النوع من المراسيم ويقصرها على حالات الضرورة والاستعجال غير القابلة للتأخير بأي حال من الأحوال.

وما يعزز هذا الطرح أنه يمكن جمع البرلمان في دورة استثنائية خارج الدورات العادية،وذلك إما بمرسوم حكومي أو بطلب من ثلثي أعضاء مجلس النواب أو بأغلبية أعضاء مجلس المستشارين، وذلك على أساس جدول أعمال محدد، وعندما تتم المناقشة في القضايا التي يتضمنها جدول الأعمال يتم ختم الدورة بمرسوم.

ثالثا: يتم إيداع مشروع المرسوم بقانون لدى مكتب مجلس النواب، وفور التوصل به، يُحيل هذا المكتب مشروع المرسوم بقانون على اللجنة المختصة، ثم يقوم رئيس هذه اللجنة بإحاطة أعضاء اللجنة علماً بالمشروع المُتوَصَّل به، ويدعو أعضاء اللجنة للانعقاد خلال 24 ساعة من تاريخ إيداع المشروع لدى مكتب المجلس،ثم تتولى اللجنة بحضور ممثل الحكومة، دراسة المشروع والتصويت عليه بُغية التوصل إلى اتفاق  مع الحكومة بشأنه. وبعد الدراسة والتصويت على مشروع المرسوم بقانون من طرف اللجنة المختصة بمجلس النواب،يُحيله رئيس هذه الأخيرة على رئيس مجلس النواب، قصد إحالته على مجلس المستشارين للقيام بنفس الإجراءات المذكورة وفي نطاق الآجال القانونية المحددة.

وبمجرد إحالة مشروع مرسوم بقانون على مجلس المستشارين،يستدعى رئيس

 هذا الأخير أو رئيس اللجنة المعنية أعضاء اللجنة للاجتماع في أجل أقصاه

 24 ساعة، ولا يمكن تأجيل الاجتماعات المخصصة لدراسته إلا باتفاق مع الحكومة،وفي نطاق الآجال القانونية المحددة.

رابعا: في حالة عدم التوصل إلى اتفاق بين اللجنتين المخصصتين بالمجلسين بشأنه داخل أجل ستة أيام، يُحال المشروع من جديد على مجلس النواب، ويُعرض على اللجنة الدائمة المختصة لاتخاد قرار نهائي بشأنه؛

خامسا: في حالة الموافقة على مشروع المرسوم بقانون من طرف اللجنتين المعنيتين بمجلسي البرلمان، أو اللجنة المختصة بمجلس النواب في حالة عدم اتفاق اللجنتين السابقتين،وذلك سواء في نسخته الأصلية المقدمة من طرف الحكومة أو بعد إدخال تعديلات عليه،يتم نشر المرسوم بقانون بالجريدة الرسمية دون الحاجة لظهير شريف بإصداره، ويبدأ العمل به ابتداءً من تاريخ هذا النشر، ولكن يتعين عرضه على البرلمان من أجل المصادقة عليه خلال دورته العادية الموالية، ولا يمكن أن يمتد سريانه إلا بعد انتهاء هذه الدورة العادية،إلا إذا تم عرضه على البرلمان وتمت الموافقة عليه،وإلا أصبح عديم الأثر القانوني كما لو تم رفضه بعد عرضه على البرلمان.

عموماً، يمكن للبرلمان بالطبع أن يوافق على المرسوم بقانون ويُقره بقانون، ويصبح هذا الأخير بالتالي مثل القوانين الأخرى، بحيث ليس هناك ما يمنع من خضوعه لمراقبة المحكمة الدستورية متى تمت إحالته عليها، كما لا يمكن تغييره أو تتميمه أوتغييره وتتميمه أو نَسْخُه أو إلغاءه إلا بمقتضى قانون. كما يمكن للبرلمان ألاَّ يصادق على المرسوم بقانون المعروض عليه بسبب شرط إصداره أوعدم موافقة البرلمانيين عليه،لأن البرلمان لا يكون مُقيداً بموافقة اللِّجان المختصة عليه من قبل، وفي هذه الحالة يزول بأثر رجعي، أي من تاريخ صدوره، ما كان له من قوة القانون.

إلا أنه يبدأ العمل بمرسوم القانون لمدة معينة وينتج آثارا قانونية في المراكز القانونية والحقوق المكتسبة للأشخاص، ثم قد يتم رفض المصادقة عليه من طرف البرلمان  بعد عرضه على هذا الأخير، وهنا يُثار تساؤل حول مآل تلك الآثار والحقوق والمراكز ومدى صحتها والاحتفاظ بها. وفي ذلك نعتقد أن البرلمان في هذه الحالة يستطيع ،في حال عدم وجود تنصيص دستوري على المنع الصريح لذلك، حصر آثار عدم المصادقة على المستقبل فقط ،دون الفترة السابقة على ذلك حفاظا على تلك المراكز القانونية والحقوق المكتسبة التي ترتبت عن تطبيق المرسوم بقانون وسريانه بشكل دستوري، كما يمكنه أن يقرر سريان آثار عدم المصادقة بأثر رجعي.

المرسوم بقانون المتعلق بحالة الطوارئ الصحية بالمغرب نموذجا..مسطرة الدراسة والتصويت

شكل فيروس كورونا المستجد – كوفيد 19 – جائحة عالمية حسب منظمة الصحة العالمية، هذه الجائحة التي ضربت بلدان العالم بما فيها المغرب، الأمر الذي فرض التعجيل باتخاذ تدابير استثنائية لمواجهة تفشي هذا الوباء بالمملكة، كان أبرزها إغلاق الحدود، وإحداث صندوق خاص لمواجهة هذه الجائحة بتعليمات من عاهل البلاد جلالة الملك محمد السادس، إلى الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية بمقتضى بلاغ رسمي مشترك بين وزارة الداخلية ووزارة الصحة، وذلك ابتداء من يوم الجمعة 20 مارس على الساعة السادسة مساء، ليتم بعد ذلك المصادقة على مرسوم بقانون رقم 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها والصادر بتاريخ 28 رجب 1441 الموافق لـ 23 مارس 2020، والذي تم نشره بالجريدة الرسمية تحت عدد 6867 مكرر بتاريخ 24 مارس 2020، هذا المرسوم بقانون الذي حدد حالة الطوارئ الصحية بالمملكة المغربية ابتداء من 20 مارس 2020 إلى غاية 20 أبريل 2020. وهو المرسوم بقانون ذاته الذي مُدد لفترتين إثنتين متتاليتين.

وبالرجوع لديباجة المرسوم بقانون السالف الذكر نجدها تشير صراحة على أن هذا الأخير تم في إطار الفصول 21 و 24 (الفقرة 4) و 81 من الدستور، واعتماداً على اللوائح التنظيمية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، وبعد المداولة في مجلس الحكومة المنعقد بتاريخ 22 مارس 2020، وباتفاق مع اللجنتين المعنيتين بالأمر بمجلس النواب ومجلس المستشارين.

وبالرجوع للفصل 21 من الدستور نجده ينص على أنه :” لكل فرد الحق في سلامة شخصه وأقربائه، وحماية ممتلكاته”.

تضْمَن السلطات العمومية سلامة السكان، وسلامة التراب الوطني، في إطار احترام الحريات والحقوق الأساسية المكفولة للجميع”، فيما تنص الفقرة الرابعة من الفصل 24 على أن : “حرية التنقل عبر التراب الوطني والاستقرار فيه، والخروج منه، والعودة إليه، مضمونة للجميع وفق القانون”.

أما الفصل 81 من الدستور فإنه ينص على أنه : “يمكن للحكومة أن تصدر، خلال الفترة الفاصلة بين الدورات، وباتفاق مع اللجان التي يعنيها الأمر في كلا المجلسين، مراسيم قوانين، يجب عرضها بقصد المصادقة عليها من طرف البرلمان، خلال دورته العادية الموالية ”.

يُودَعُ مشروع المرسوم بقانون لدى مكتب مجلس النواب، وتناقشه بالتتابع اللجان المعنية في كلا المجلسين، بُغية التوصل داخل أجل ستة أيام، إلى قرار مشترك بينهما في شأنه. وإذا لم يحصل هذا الاتفاق، فإن القرار يرجع إلى اللجنة المعنية في مجلس النواب”.

كما أنه،وفي إطار ما تخوله المادة 49 من اللوائح الصحية الدولية لسنة 2005 للمدير العام لمنظمة الصحة العالمية،فقد أصدر هذا الأخير توصياته المؤقتة بتاريخ 29 فبراير 2020، والتي جاء فيها أنه : “ وفقاً 

لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، للدول الأعضاء الحق السيادي في التشريع، وتطبيق تشريعاتها الوطنية وفقاً لسياساتها الصحية، حتى لو كان ذلك يعني تقييد حركة الأشخاص”.

وبناء على ما سبق، وحيث إن دستور المملكة المغربية لسنة 2011،قد أسس لمجموعة من الحقوق التي لا يمكن التنازل عنها،منها الحق في الحياة والحق في السلامة والحق في الصحة،والمنصوص عليها توالياً في الفصول 20 و 21 و 31 منه، وهي حقوق منبثقة عن المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، هذه الحقوق التي لا يسوغ التنازل عنها، فإنه ونظرا لانتشار فيروس كورونا المستجد – كوفيد 19 – في المملكة المغربية، والذي صنفته منظمة الصحة العالمية كجائحة عالمية، وما له من آثار وخيمة خاصة على مستوى تهديد الحقوق السالفة الذكر، أمرٌ فرض على السلطات المغربية التدخل لحمايتها – الحقوق – من هذا الطارئ العالمي، مستندة لمقتضيات الفصول 20 و 24 و81 من الدستور، واللوائح التنظيمية لمنظمة الصحة العالمية، وذلك بإصدار المرسوم بقانون رقم 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها.

وبالرجوع للمرسوم المذكور نجده ينص في مادته الرابعة في فقرتها الثانية على أنه : ”يعاقَبُ على مخالفة أحكام الفقرة السابقة بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر و بغرامة تتراوح بين 300 و1300 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، وذلك دون الإخلال بالعقوبة الجنائية الأشد”.

والملاحَظ أن المُشرِّع ارتقى من خلال المادة السالفة بالعقوبة من مخالفة إلى جنحة، بغية ردع المخالفين، وضمان تقيُدهم بالأوامر والتعليمات الصادرة عن السلطات العمومية إبَّان فترة الطوارئ الصحية، وذلك دون الإخلال بالعقوبة الجنائية الأشد، وبذلك فالمادة الرابعة من المرسوم بقانون المذكور،تُحيل صراحة على مقتضيات القانون الجنائي، في مواده من 300 إلى 308 والمتعلقة بجريمة العصيان.

فبالرجوع للفصل 300 من القانون الجنائي، نجده ينص على أن:” كل هجوم أو مقاومة، بواسطة العنف أو الإيذاء ضد موظفي أو ممثلي السلطة العامة القائمين بتنفيذ الأوامر أو القرارات الصادرة من تلك السلطة أو القائمين بتنفيذ القوانين أو النُّظُم أو أحكام القضاء أو قراراته أو الأوامر القضائية يعتبر عصياناً والتهديد بالعنف يعتبر مماثلاً للعنف نفسه”.

هذه الأفعال أقر الفصل 301 من نفس القانون عقوباتها على الشكل التالي :

– عقوبة الحبس من شهر إلى سنة والغرامة من ستين إلى مائة درهم إذا كان مرتكب الجريمة شخص أو شخصين؛

– الحبس يكون من ثلاثة أشهر إلى سنتين والغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم إذا كان مرتكب الجريمة أو أحد مرتكبيها مسلحاً.

فيما أقرَّ الفصل 302 من القانون الجنائي المغربي العقوبات التالية :

– الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وغرامة من مائتين إلى ألف درهم في حالة ارتكاب الجريمة من طرف أكثر من شخصين مجتمعين.

– يكون الحبس من سنتين إلى خمس سنوات،والغرامة من مائتين إلى ألف درهم إذا كان في الاجتماع أكثر من شخصين يحملون أسلحة ظاهرة.

– أما إذا وُجد أحد الأشخاص حاملاً لسلاح غير ظاهر، فإن العقوبة المقررة في الفقرة السابقة تطبق عليه وحده.

زِد على كل ما سبق ذكره أعلاه أنه وحسب الفصل 304 من القانون الجنائي المغربي فإنه : “يعتبر مرتكباً للعصيان من حرَّض عليه، سواءً بخُطَب أُلقيت في أمكنة أو اجتماعات عامة أو بواسطة ملصقات أو إعلانات أو منشورات أو كتابات”.

كما جاء في الفصل 305 من القانون الجنائي المغربي،على أنه:” زيادة على العقوبات المُشار إليها في الفصل السابق، فإنه يمكن أن يُحكَم على المحرضين أو المتزعمين للعصيان بالمنع من الإقامة مدة أدناها خمس سنوات وأقصاها عشر سنوات”.

كما تجب الإشارة على أن مقتضيات الفصل 308 من القانون الجنائي  المغربي تنص على أنَّ : ” كل من قاوم أشغال أمرت بتنفيذها السلطة العامة أو صرحت بها،يعاقَب بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن مائتي درهم ولا تتجاوز ربع مبلغ التعويضات ”.

أما الأشخاص الذين يعترضون على تنفيذ هذه الأشغال بواسطة التجمهر أو التهديد أو العنف فإنهم يعاقبون بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وبالغرامة المشار إليها في الفقرة السالفة”.

وبناء عليه، فإنه وإن كانت المادة الرابعة من مرسوم القانون المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها تُطبَّق على المخالفين حَسَنِي النية والذين لا تنطبق عليهم المقتضيات المتعلقة بارتكاب أفعال تدخل ضمن خانة الأفعال المُجرَّمَة بمقتضى الفصول من 300 إلى 308 من القانون الجنائي المغربي والمتعلقة بجريمة العصيان، فإنه في اعتقادنا ونظراً لحساسية المرحلة، وتجنباً لاكتظاظ المؤسسات السجنية بالمعتقلين، كان من الأجدى الإقرار بالغرامات المالية المُشدَّدة على المخالفين المذكورين وتحويلها إلى الصندوق الخاص بمواجهة جائحة كورونا، ولو أن الفصل الرابع من المرسوم بقانون خَيَّر القاضي في الحكم بما له من سلطة في تفريد العقاب بين العقوبة الحبسية والغرامة المالية حسب الظروف الشخصية لكل متهم.

ولابد من الإشارة إلى أن المادة السادسة من نفس المرسوم بقانون المشار إليه أعلاه، قد نصَّت على توقيف جميع الآجال المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل خلال فترة حالة الطوارئ الصحية المعلن عنها، على أساس أن يُستأنف احتسابها ابتداء من اليوم الموالي لرفع حالة الطوارئ المذكورة، مع استثناء آجال الطعن بالاستئناف الخاصة بقضايا الأشخاص المتابَعين في حالة اعتقال، وكذا مُدَد الوضع تحت تدابير الحراسة النظرية والاعتقال الاحتياطي، لما لهذه الأخيرة من آثار لارتباطها بحرية الأشخاص.

تمديد ثالث بإجراءات تخفيفية 

تمديد ثالث للمرسوم بقانون المتعلق بحالة الطوارئ الصحية مع تخفيف مقتضى الحجر الصحي حسب تباين الحالة الوبائية بين جهات المملكة:

صادق مجلس الحكومة المغربي الثلاثاء 09 يونيو الجاري على قرار التخفيف التدريجي لتدابير الحجر الصحي مع تمديد حالة الطوارئ الصحية المفروضة على البلاد منذ 20 مارس الماضي إثر تفشي مرض كوفيد-19 الناجم عن فيروس كورونا.

 وأصدرت الحكومة المغربية بلاغا في نهاية اجتماع لمجلس الحكومة ،أعلنت فيه المصادقة على “التخفيف التدريجي لتدابير الحجر الصحي عبر مراحل، أخذا بعين الاعتبار التفاوت الحاصل في الوضعية الوبائية بين الجهات”.

وسبق وأن أعلن المغرب في 20 مارس الماضي حالة طوارئ صحية فرض بموجبها حجرا يحد من التنقلات بقصد التصدي لانتشار الوباء، وقد مددت مذاك مرتين. وعزز هذا الإجراء بإلزامية وضع الكمامات الواقية للمرخص لهم بالتنقل.

وقررت الحكومة تمديد حالة الطوارئ الصحية “التي تمكن الحكومة من اتخاذ تدابير استثنائية للحد من تداعيات هذا الوباء” شهرا آخر حتى 10 يوليوز، بحسب البلاغ . وقد قدم رئيس الحكومة سعد الدين العثماني الأربعاء 10 يونيو الجاري عرضا أمام البرلمان،بسطَ من خلاله الإجراءات المزمع اتباعاها لتنزيل مقتضيات التخفيف حسب الحالة الوبائية بين مختلف جهات وأقاليم وجماعات المملكة. 

و يبقى أسلوب التفويض التشريعي – على أهميته – مشوباً بشيء من الغموض والقصور، يجعل ممارسة هذا الترخيص الممنوح للحكومة قد يخرج عما وُضع لأجله. فإذا كانت الوظيفة التشريعية كحق أصيل يمارسه البرلمان، والتفويض التشريعي استثناء يرد على القاعدة، فإن هذا الاستثناء كترخيص يتعيَّن أن يُقاس بقدره وأن يمارَس وفق ضوابط ينبغي تحديدها بدقة،وشروط واضحة تُصاغ في نصوص دستورية غاية في التحديد بعيدة عن منطق التأويل الذي يُخوِّل أي فرصة من فرص الخروج عما وجد من أجله،كأن تلجأ إليه السلطة التنفيذية )الحكومة( وتفعيله بدون سبب فعلي يستوجبه، وبالتالي التطاول على اختصاص البرلمان وتوظيف هذا الأسلوب على النحو الذي قد يخدم مصالح برنامج الحكومة بشكل غير مشروع.

وختاماً فإن استحضار الضمير الواعي والمسؤول، يبقى السبيل الوحيد والأنجع للقضاء على هذه الجائحة أو فيروس كورونا المستجد، فاليوم كلنا مسؤولون أمام هذا الوطن والعالم أجمع، وكلنا معنيون وسيشهد التاريخ بذلك لتجنيب بلدنا انتشاراً مهولاً لهذا الوباء وعواقب كارثية لا قدَّرَ الله،اقتصاديا واجتماعيا وبدرجة أكبر وأخطر صحيا،وذلك من خلال احترام مقتضيات المرسوم السالف الذكر، والالتزام التام بحالة الطوارئ الصحية إلا في حدود استثناءات ضيقة محصورة أقرتها السلطات حسب تطور أو تراجع الحالة الوبائية من منطقة إلى أخرى.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد