الرائدة في صحافة الموبايل

الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي بفرنسا تدعو إلى مؤتمر استثنائي من أجل مصالحة وطنية وافتتاح شامل

متابعة أحمد رباص

احتضنت باريس مرتين خلال هذا الشهر (12 و25) اجتماع أعضاء الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي بفرنسا، لأجل استعراض الأوضاع العامة على المستوى الدولي والوطني في الظروف الاستثنائية لجائحة كورونا، وتدارس قضايا مغاربة العالم و لوضع الحزبي في ضوء التطورات الأخيرة.
في بيان ذي صلة مؤرخ ب26 يونيو الحالي (حصلت دنا بريس على نسخة منه) تم الاعتراف بأن الحزب يجتاز “لحظات تاريخية عصيبة، حيث أصبح واضحا جليا أن قيادته السياسية أظهرت عجزها عن ضمان انسجام بين أعضاء الحزب وأقاليمه وفروعه، نتيجة تراكمات أخطاء جسيمة في تدبير مرحلة سياسية دقيقة (مشروع قانون 22-20 ) غابت فيها المواقف المبدئية المنسجمة مع تاريخ الحزب وتراثه الفكري ومقررات مؤتمراته، ولا سيما مقررات مؤتمره العاشر وبيانه العام، وكذا غياب الديقراطية الداخلية.”
وعزا البيان “ما يعرفه الحزب من تخبط وارتباك” إلى “غياب رؤية سياسية واضحة، سواء في قراءتها للأوضاع الداخلية والمحيط الخارجي أو للتحولات التي تعرفها المجتمعات، ومن بينها المجتمع المغربي.” وإن حقق الحزب تراكمات سياسية وفكرية متقدمة فهي لا توظف في “عرض سياسي يستجيب لتطلعات القوات الشعبية، وأصبحت تُوظَّف فقط لتأثيث الصورة، دون أن يتم تفعيلها على أرض الواقع.”
من القيم المقصودة بتلك التراكمات، يذكر البيان العدالة والمساواة وإلانصاف ومحاربة الفساد والريع والدفاع عن الجماهير المقهورة والتصدي للممارسات والسياسات والقوانين المناقضة للديمقراطية وحقوق إلا نسان. فعوض الإخلاص لهذه المبادئ والالتزام بها تم “اعتماد منهجية الزبونية والمحسوبية، لتمرير القرارات والدفاع عنها، من خلال أعضاء الدواوين واستعمال مجالس الحكامة، كوسيلة لشراء الذمم، والانخراط في ظاهرة صناعة النخب الجديدة، التي تنهجها الدولة، عبر شراء الولا ءات ومنح الامتيازات وسياسة الريع الاقتصادي.”
من ذلك يستنتج البيان أن الهدف من تحمل المسؤولية لم يعد هو تحقيق المشروع المجتمعي للحزب، وتطبيق برنامجه والعمل على تطوير أدائه. كل هذا أدى الى المس بقيم و روح الاتحاد ورأسماله الوحيد وهو المبادئ ونظافة اليد، يندد البيانش
ويعتبر أعضاء الكتابة الإقليمية أن هذه ذ”الوضعية المتأزمة تتطلب معالجة مبنية على إعادة بناء الحزب، و الالتزام بمبادئ الحكامة الجيدة التي تضمن للمؤسسات الحزبية استقلاليتها، وتؤهلها لتقوم بدور المراقب الحكيم لفرض احترام قواعد المسؤولية والعمل الحزبي في إطار القوانين الجاري بها العمل داخل الحزب وإعادة الاعتبار للمجلس الوطني كأعلى هيئة تقريرية بعد المؤتمر الوطني.
كما يوجهون الدعوة إلى عقد مؤتمر وطني استثنائي قبل استحقاقات 2021، وفق خريطة الطريق المقترحة من طرف لجنة التحكيم والاخلاقيات الحزبية و تحت إشراف لجنة تحضيرية منفتحة على كل الطاقات والكفاءات الاتحادية كيفما كان موقعها اليوم.
في هذا الإطار، يضم الاتحاديون في فرنسا صوتهم إلى المبادرات العديدة التي تم التعبير عنها مناديةً بالتعجيل بفتح النقاش حول الأسباب العميقة للتراجع الشعبي الذي يعرفه الحزب حاليا. كما يشددون على أن المدخل الأولي لتجاوز أزمة الحزب، ينطلق من العمل على تجاوز الخلافات الهامشية، وفتح صفحة جديدة بين أطر الحزب وقياداته الحالية والسابقة، أملا في تحقيق المصالحة، انسجاما للأمانة والمسؤولية الملقاتين على عاتق كل الاتحاديات والاتحاديين، بهدف إعادة بناء الحزب، واسترجاع القوة والمكانة التي يستحقها في المشهد السياسي، ليلعب دوره المعتاد في الدفاع عن الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة والإنصاف، كما يشهد على ذلك مساره النضالي وسيرة قادته التاريخيين.
فضلا عن ذلك، يدينون أسلوب التخوين، و ينددون ببعض الممارسات المُخِلّة بأدنى شروط احترام النقاش والاختلاف والتعدد في الآراء، تلك الممارسات التي تستعمل أساليب السب و القذف و التهجم و التشهير، من طرف بعض أعضاء الحزب، في حق مناضلات ومناضلين اتحاديات واتحاديين، ومصادرة حقهم في التعبير عن مواقفهم، وهو ما يتعارض بشكل تام مع القانون الأساسي للحزب ونظامه الداخلي، و لذا يتعين تفعيل دور لجنة التحكيم و الأخالقيات، يقترح البيان.
كما يهيبون بعموم المواطنين، داخل المغرب وخارجه، إلى الالتفاف حول الحزب والالتحاق بالفروع والأقاليم وتجديد الانخراط بالنسبة للاتحاديين الذين ابتعدوا عن التنظيم، والتنسيق بين المناضلين في مختلف الربوع من أجل إعادة بناء الاتحاد في تحالف مع القوات الشعبية لمواجهة التخلف الكبير الذي تعرفه بلادنا على المستويات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والمؤسساتية .
ولم تفتهم الفرصة لتوجيه نداء إلى قوى اليسار الوطني لنبذ الصراعات الهامشية والخلافات الجانبية، والتوافق حول تكوين قطب يساري كبير، في أفق تشكيل حزب يساري يستوعب كل التيارات، للدفاع عن الديمقراطية والحداثة والعدالة الاجتماعية والمساواة، والتكتل ضد الرجعية ولوبيات الفساد والريع.
إلى جانب ذلك، يؤكدون رفضهم المشاركة في حكومة يمينية يسيطر عليها حزب رجعي يوظّف الدين الإسلامي والعمل الخيري، في السياسة والانتخابات، ويقتسم الكعكة مع التكنوقراط، مما يضرب في العمق مبادئ الحزب ومشروعه المجتمعي، من خلال تزكيته لهذه الخلطة الهجينة.
وفي شأن مساهمة الاتحاد الاشتراكي في الحكومة، قال البيان إنها ليست هدفًا في حد ذاتا ولا يمكنها أن تكون غير مشروطة، لأن تحمل الحزب المسؤوليةَ الحكومية يجب أن يتم في إطار اختيار منسجم مع تاريخه النضالي واختياراته البرنامجية والأيديولوجية. كما أن هذا الوضع – يواصل البيان – يضع على المحك أيضا الجدوى من الانتخابات، التي من المفروض أن تفضي إلى حكومة سياسية تتحمل كامل المسؤولية لتحاسب عليها، دون خلط للأوراق، كما يحدث حاليا.
اعتبارا لهذا الخلل، يطالب اتحاديو فرنسا بالانسحاب من الحكومة بوصفه ضرورة ومطلبا ملحا. فإلى جانب الاعتبارات السابقة، أضافوا مبررا معقولا للانسحاب من الحكومة تمثل بالاستهتار الشامل بالقوانين الدنيا، في المجال الاجتماعي وحقوق الانسان، من طرف عضوين في الحكومة؛ في إشارة إلى فضيحتي الرميد ومكراز.
وفي النقطة ما قبل الأخيرة، يقاطع البيان مع أطروحة الحزب الاشتراكي الموحد حيث تم التأكيد على الخيار الديمقراطي في أفق ملكية برلمانية، والذي عرف نكسة حقيقية منذ 2002، تاريخ الخروج عن المنهجية الديمقراطية. كما يعتبر البيان أن هذا الخيار هو الوحيد الكفيل بتأهيل قدرات المغرب لمواجهة تداعيات ما بعد الجائحة، وتحصين الوحدة الوطنية التي تتطلب تعبئة مستمرة يشكل فيها النساء والشباب الحجر الاساس.
في النقطة الأخيرة من البيان،استحضر المجتمعون، وهم يتداولون حول النموذج الحزبي لما بعد جائحة كورونا، الكلمة التوجيهية لشهيد الوطن المهدي بن بركة خلال المؤتمر الوطني الثاني للحزب: ” إن أهدافنا والمهام الملقاة علينا تبين بجلاء أننا لسنا حزبا سياسيا، بالمعنى الذي ينطبق على الأحزاب الأخرى، ولكننا بحق خميرة المغرب الحديث، المغرب التقدمي المزدهر الذي سيُشَيَّدُ غدًا. وإذا كانت تجربتنا الجماعية أتاحت لنا أن نتوصل، بفضل دقة التحليل الصحيح، إلى وضعية شعبناه ًوظروف كفاحه المستميت، فإننا أيضا ارتكبنا أخطاء وتكبدنا انهزامات، وأن من شأن ذلك أن يُنَمّي تجربتنا ويعّززها ويزيدها ثراءً وغنى.”

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد