الرائدة في صحافة الموبايل

نبيلة منيب.. السياسة صراع واليسار المغربي يعاني من التصحر الفكري

أحمد رباص – دنا بريس

في آخر خروج إعلامي لها عن بعد، سلطت الأمينة العامة للاشتراكي الموحد الضوء على أسباب وخلفيات الهجمة الإعلامية التي استهدفتها مؤخر، وناقشت القضايا المتعلقة بحزبها ومشروع تأسيس الحزب اليساري الموحد . ذلك ما قامت به نبيلة منيب في ضيافة الموقع الإخباري lesiteinfo من خلال إجابتها عن بعض أسئلة منشط برنامج “ضيف خاص” في حلقته الأخيرة التي أذيعت منذ صباح يوم أمس في شريط فيديو عبر موقع التواصل الاجتماعي “يوتوب”.
تطرق أول سؤال طرحه المنشط على ضيفته الكريمة في هذه المقابلة للهجمة الإعلامية الأخيرة المسبوقة التي تعرضت لها وكبف تفسرها. في جوابها، أشارت إلى أن المشهد السياسي المغربي مشهد صعب ضمن السياق العام الذي نتحرك فيه اليوم في ظل جائحة كورونا التي وجدت بلادنا متخلفة في عدد من المجالات وجعلت المناضلين في الحزب أو في فيدرالية اليسار الديمقراطي يكثفون من حركاتهم من أجل التواصل وإبداء وجهات نظرهم. هذا الزخم النضالي – تقول منيب – أدى إلى ردود فعل صادرة عن جهات متعددة.
وتابعت نبيلة منيب جوابها بإعلان تفهمها لارتباط السياسة بالصراع ووعيها بوجود أحزاب أخلت بتعاقدها مع الشعب المغربي، تحملت المسؤولية بدون أن تتحملها بالفعل، وأدت إلى تراجع عدة مكتسبات، خصوصا ونحن على مشارف محطة مهمة وهي الانتخابات المقبلة. لهذا تأتي الضربات تباعا لأن المسألة مسألة صراع، وهذا كل ما في الأمر. من جهة أخرى، تعي المتحدثة جيدا أن الاشتراكي الموحد والمكونين الآخرين للفيدرالية ربحوا مجالا شعبيا من التعاطف معهم لكونهم لم يسبق لهم أن شاركوا في الحكومة.
وفضلا عن ذلك، تضيف منيب، تتسم هذه الأحزاب الثلاثة بجرأتها وشجاعتها لأنها عبرت عن موقفها بدون لبس من الحراكات الشعبية التي يعتبرها المناضلون اليساريون مستجدا في الساحة السياسية، ظهر من خلاله الشعب كفاعل سياسي يتحرك ويطالب بحقوقه، فاستحق بذلك منهم المساندة والوقوف إلى جانبه في الوقت الذي خونته وشيطنته أحزاب أخرى متهمة إياه بالعمالة مع الخارج.
تواصل منيب سردها لدواعي هذا الهجوم الإعلامي السافر الذي تستهدفها لتأتي على ذكر موقف الاشتراكي الموحد من مشكل المغاربة العالقين في الخارج والداخل، وكيف أن الحكومة المغربية للم تقم، في ظل هذه الجائحة التي لم يكن أحد ينتظرها، بواجبها كاملا لإيجاد حل لهذا المشكل. وضمن المواقف الأخرى التي جعلت الحزب إياه عرضة السب والقذف والتشهير، ذكرت الأمينة العامة تحرير الرفيقات في القطاع النسائي وفي القطاع الحقوقي أرسلن عبر الحزب رسالة إلى الهاكا يحتججن فيها على طبيب ذهب عبر إحدى القنوات التلفزية إلى أن سبب شيوع ظاهرة اغتصاب الطفلات هو امتناع النساء عن الزواج. تم الرد على هذا الزعم بشكل حضاري يعكس رفض النساء المحتجات تمرير مثل هذه الأفكار غبر التلفزيون.
وفي نفس السياق، طلب منشط هذه الحلقة الجديدة الأخرى من برنامج “ضيف خاص” تفسير كون الانتقادات اللاذعة هي التي تكون موجهة لنبيلة منيب. أجابت الأخيرة بأن لهذا الأمر عدة تفسيرات، منها أن منيب تتكلم بصراحة وشجاعة ولا تخشى في قول الحق لومة لائم، شأنها في ذلك شأن عدد من الرفاق والوجوه التي تمثل اليسار. وأضافت أن الضربات تأتي من جهات مختلفة، بما فيها أولئك الناس يؤمنون بالمجتمع المدني، إنما يزعجهم أن يروا امرأة في المجال السياسي بمثل هذه الشجاعة، متوهمين أن مواجهة امرأة أسهل عليهم من مواجهة رجل.
لكن منيب تقول لهؤلاء المهاجمين إنكم لا تواجهون امرأة، بل تواجهون أمينة عامة لحزب سياسي، مشروعا سياسيا، وهذا هو ما يرفضون فهمه. في هذا الإطار، ألمحت منيب للحركة النسائية في المغرب التي قدمت الكثير ولا زالت تتقدم إلى الأمام بخطوات ثابتة أذت إلى ان يكون عندنا في المغرب الذي ما زال متخلفا امرأة على رأس حزب، علما بان المراة لا تنتظر ان تفرش لها السجادة الحمراء لتمشي فوقها.
واعتبرت إيقونة اليسار أنه من العادي ان يحدث القذف والتشهير في غير محله، ما يعني أن هؤلاء الناس وصلت بهم الوقاحة إلى حد المس بعائلتها وعائلة زوجها، مع أنها لا تتكلم عنهما. ثم تساءلت من ماذا أخجل؟ إنها تخجل من نبل عائلتها وشرفها وهي لا تريد أن يقال عنها إنها تتبجح بكون والدها رجلا يقتدى، واحدا من رفاق المهدي بنبركة ومنخرطا في صفوف حزب الشورى والاستقلال.
في سؤال آخر، أشار منشط الحلقة إلى أن هناك من هو مع الانتقال إلى مرحلة الاندماج بدعوى أن جميع الشروط السياسية والفكرية والتنظيمية متوفرة وأن هناك طرف آخر له وزنه السياسي يعتبر أن تلك الشروط غير ناضجة تماما. وبناء على هذا المعطى، سأل المنشط ضيفته عن موقفها من هذين الرأين وهل تؤيد أحدهما دون الآخر وإلى أي حد هذان الطرفان متصارعان داخل الحزب من حيث الأفكار.
في جوابها أكدت الأمينة العامة للاشتراكي الموحد أن مشروع وحدة اليسار حلم كل اليساريين الشرفاء الصادقين وأن المقصود به عند مناضلي مكونات الفدرالية إعادة بناء اليسار، لأن الأخير لم يعد ذلك اليسار السبعيني أو الثمانيني، إذ حصلت تغيرات على المستوى العالمي. وهنا تعبر زعيمة حزب الشمعة عن أسفها لتراجع اليسار، خصوصا بعد انهيار جدار برلين، حيث أصبحنا امام هذه الليبرالية المنتصرة التي تركع الشعوب وتفرض على الأوطان ما تريد. وفي خضم تغول وغطرسة هذا النظام الفيودالي – تقول منيب – رأينا حتى الحكومات اليسارية عبر العالم كيف أنها حاولت أن تتأقلم مع هذه الهيمنة النيوليبرالية فانتقلت إلى ديمقراطية اجتماعية، ثم تحللت في الليبرالية الاجتماعية، وانتهت إلى الاستسلام لهذا النظام النيوليبرالي؛ الشيء الذي جعل الناس يتكلمون عن ليبرالية يمينية وليبرالية يسارية.
واستكمالا لعناصر جوابها، قالت المتحدثة إن أحزاب الفيدرالية تقرا ما يجري في العالم وما حققه اليسار من تقدم في أمريكا اللاتينية وما أنجزته حركة الغاضبين والحراكات الشعبية في منطقتنا المغاربية والعربية. هذه القراءة – تقول منيب – مهمة لتحيين مشروع وحدة اليسار ولمعرفة الأسس التي يجب أن توحد عليها جول مشروع حد أدنى. دون أن يعني ذلك أن المشروع لم ينطلق العمل فيه بعد، بل شرع فيه منذ تحالف اليسار الديمقراطي (2007) وتواصل مع فيدرالية اليسار الديمقراطي (2014). ولكن رغم هذه الخطوات ما زالت الأهداف المرسومة بعيدة المنال إلى حد ما، لأن اليسار الذي تمثله منيب لا يني يجتر بعض الاختلالات التي يعرفها المجتمع المغربي.
وقالت منيب لقد اتفقت مكونات الفدرالية على أن تكون هذه التجربة الوحدوية منفتحة على فعاليات ومؤسسات وطنية تقدمية وجمعيات جادة، كما تعترف بان مرحلة الانفتاح لم تكتمل وبأن مناقشة هذا الموضوع لم يتوف حقه بعد. هناك بعض الأسئلة لم يتم طرحها في الأرضيات الثلاثة التي تقدمت بها أحزاب الفيدرالية وهذا يعني في نظر المتحدثة أن لم يكتمل في حده الأدنى.
السؤال المطروح: من مع الاندماج؟ من ضذ الاندماج؟ سؤال مغلوط في نظر الأمينة العامة. ذلك أن قيادات الفدرالية اتفقت على وحدة اليسار كهدف وليس من مصلحتها إضاعة هذه الفرضة السانحة؛ علما بأن تاريخ اليسار في بلادنا هو تاريخ الفرص الضائعة، كما قال بنسعيد آيت إيدر وآخرون. وهذا ليس رأي نبيلة منيب كشخص، بل كعضو في الهيئة التنفيذية للفيدرالية وكرئيسة لحزب له مؤسساته. فعندما تتكلم منيب فهي تتكلم باسم الحزب الذي تترأسه، هذا الحزب الذي توزع مناضلوه بين رأين. الأول يستعجل الاندماج ويرفض الانتظار ويطالب بالانطلاق مع احتمال المحاولة والخطإ إلى أن يتحقق النجاح في نهاية المطاف. أما الآخر فيقول كل ما يجب فعله هو الاتفاق مع مناضلي المكونين الآخرين والمضي قدما على درب التوحيد بثبات لأن الأزمة المستجدة فرصة يجب استغلالها.
في تقييمها لهذين الرأين، اعتبرت منيب أن الرأي الثاني سائد وأغلبي داخل الحزب الاشتراكي الموحد. أما عن الشروط، فأولها يتمثل في كون اليسار العالمي بصدد إعادة البناء،؛ أي أنه يبحث عن الكيفية التي ينظم بها ذاته وبعد ذلك يتغلغل داخل الشعب حتى يمكن له محاصرة القوى الأصولية والقوى اليمينية المتطرفة، لأنه لايكفي أن يكون لك مشروع، بل ينبغي أن يكون الشعب واعيا بذلك المشروع. وهنا تعترف المتحدثة بان اليسار في المغرب لم يتغلغل وسط الشعب بما فيه الكفاية، مشيرة إلى العدد الكبير من الجمعيات المساندة للتيارات الإسلامية.
على المستوى الفكري، يعاني اليسار المغربي من تصحر فكري منبه إلى عدم كفاية وأهمية ما كتب ونشر، بل الأهم هو استعادة المشروع البديل الذي نتكلم عنه والذي يجب استبطانه، كما ترى نبيلة منيب. فنتيجة سياسة الانفتاح التي طبقها حزبها، التحق به شباب ليبرالي يستسهل الأمور، ويبين عن حاجته إلى مدرسة تكوينية يجب على مناضلي الحزب الإسراع إلى تأسيسها. بالإضافة إلى ذلك، تساءلت زعيمة الاشتراكي الموحد: هل يحق لأعضاء الهيئة التنفيذية أن يقرروا الاندماج في أسرع وقت دون التشاور مع رفاقهم في الفروع والقطاعات؟ جوابها بالنفي لأن إدماج هذا الشعب من المناضلين في عملية التوحيد أساسي وضروري.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد