الرائدة في صحافة الموبايل

ندوة تفاعلية تحت شعار “نحو مقاربة قانونية لمشكلة الإدمان تنتصر لصحة الإنسان وللفرصة الثانية “

الإعلامية نادية الصبار – دنا بريس

ارتباطا ب”اليوم العالمي للتحرك” وضمن حملة “ندعم.. ولا نعاقب”، التي نظمتها الجمعية الوطنية للتقليص من مخاطر المخدرات فرع الرباط، وبعد الندوة التفاعلية الأولى والورشات التوعوية والأنشطة الهادفة بمركز طب الإدمان بالرباط، تواصل الجمعية حملتها بندوة ختامية تفاعلية عبر تقنية زووم في موضوع “نحو مقاربة قانونية لمشكلة الإدمان.. تنتصر لصحة الإنسان وللفرصة الثانية ” بتاريخ 2 يونيو الجاري.

سير الندوة الأستاذة :سميرة جبال ” رئيسة الجمعية الوطنية للتقليص من مخاطر المخدرات فرع الرباط، وبحضور كل من السادة الدكتور “خالد لحسيكة ” أستاذ علم الاجتماع وعضو الجمعية كذلك، وبمشاركة “يوسف الفلاح ” رئيس مكتب المغرب ل “Amrrican Bar Association-Rule of law initiative” ، وكذا القطب الطبي لمركز الإدمان يعقوب المنصور بالرباط ممثلا بكل من الدكتورة “ربيعة المساني” مختصة بطب الإدمان و الممرض المجاز “محمد لدبر “.

أخذت الكلمة الأستاذة سميرة جبال رئيسة الجمعية، رحبت بداية بالضيوف كل باسمه وصفته، كما تحدثت عن أهمية الحملة التي تقودها الجمعية الوطنية للتقليص من مخاطر المخدرات، فرع الرباط، تحت شعار “ندعم ولا نعاقب”.

أشارت سميرة جبال بأن المبادرة لا تخص الجمعية وحدها، بقدر ما هي مبادرة مجتمعية شاملة، تهدف إلى الحد من مخاطر المخدرات ودعم السياسات التي تركز على الصحة العامة وحقوق الإنسان. فهي مبادرة؛ تقول سميرة جبال، تروم إدراج قضية الحد من المخاطر على جدول الأعمال السياسية من خلال تعزيز القدرة على تعبئة المجتمعات المتضررة وحلفائها، وفتح الحوار مع صانعي القرار وزيادة الوعي بين وسائل الإعلام وعامة الناس لتسليط الضوء على “التقدم” في مجال مكافحة المخدرات من منظور عقابي صرف.

تعالج الدكتورة ربيعة المساني في مستهل حديثها مسألة الوصم والعار والعيب، هذا الوصم يصبح لصيقا بالشخص المدمن، مما يترتب عنه آثارا سلبية على الشخص المدمن، كما له عواقب وخيمة على مستوى تمثل الذات والهوية الاجتماعية لدى الفرد المدمن.

ركزت ربيعة المساني على متلازمة الوصم والإقصاء الذي يعاني منه المتعاطون للمخدرات، مما يؤثر سلبا على حياة هؤلاء وعلى حالتهم النفسية، وبالتالي على نجاعة العلاج، “لا ننكر جهود كثير من الفعاليات السياسية والمدنية والحقوقية في قضايا الإدمان، لكنها تذهب أدراج الرياح، لأن الوصم يقف حائلا بينها وبين تحقيق النتائج المرجوة ” تقول ربيعة المساني.

فالوصم رمز للعار الذي يبقى عالقا بالموصوم ويلازمه احيانا كثيرة مدى الحياة، ولذلك فالموصوم لا يقبل ذاته كما لا يقبله المحيط، فهو شخص مرفوض مرتين، مرة من ذاته ومرة من المحيط .. مما يجعل العلاج والخلاص من الإدمان أمرا غير يسير.

هذا وتحدث محمد لدبر الممرض بمركز الإدمان عن أسلوب الوصم من طرف المجتمع على مستخدمي المخدرات والذي يقف حائلا دون اندماج متعاطي المخدرات في المجتمع.

كما أشار إلى نقطة من الأهمية بمكان، ألا وهي كيف يتمثل المجتمع الشخص المدمن، فقد يكون التمثل إيجابيا، بحيث يتم اعتبار المدمن إنسانا معقولا ومقبولا، وأصحاب هذا التمثل قلة. وقد يكون التمثل سلبيا يرى في المدمن إنسانا عنيفا، مجرما بل خطيرا. وهؤلاء يشكلون وللأسف أغلبية ساحقة.. كما أشار إلى أن الإنسان المدمن شخص مرفوض نظرا لكون المجتمع يربط بشكل آلي بين الإدمان وظواهر أخرى كالعنف والسرقة والإجرام.

أما الأستاذ يوسف الفلاح فقد تناول في مداخلته الأسباب والإكراهات التي تحول دون النظر للمتعاطي للمخدرات؛ على كونه مريض بل مجرم، وهذا إكراه متمثل في جانب ثقافي لدى الأجهزة القضائية والأمنية المرتبط بالوصم مرة أخرى، فغالبا ما تطغى أثناء تطبيق القانون والمساطر أيديولوجية “الوصم” تجاه الفرد المتعاطي (الجاني) في ظل غياب معطى يحدد طبيعة الفرد ويتعامل معه على أنه شخص مريض وليس بالضرورة شخصا مجرما.

هذا وقد قارب السوسيولوجي د. خالد حسيكة الموضوع من وجهة نظر علم الاجتماع، فقد تحدث في مداخلته القيمة عن الوصم كعنوان كبير يتجاوز حدود التعاطي للمخدرات ، لأننا أمام مجتمعات حديثة تصنع الوصم باستمرار للتمييز بين الأفراد العاديين وغير العاديين، فالاعتيادية إذا بناء معياري يضم فئة من الأفراد ويقصي أخرى وفقا لمصالح اقتصادية وثقافية.

فالسلوك اليومي للأسخاص هو تحديد للهوية العامة بكل تفاصيلها، فهناك من له القدرة على التكيف معها وهناك من لا يقوى على التخلي عن هذه الهوية العامة ليعتبر خارج المجتمع وهي نوع من الانحراف… فغياب انشغالات علمية دقيقة لمعرفة كيف يتم الانتقال من العادي المقبول وانزياحها إلى حقل غير عادي كظواهر مرضية.

كما أشار د. خالد لحسيكة في معرض حديثه، لنقطة مهمة تتعلق بتاريخ التجريم في المغرب، والذي يرتبط أساسا بفرنسا وبمصالح اقتصادية معينة (الكحول والتبغ مثلا)، فهناك منطق المصلحة المفروض علينا…

كما لم يفت د. حسن لحسيكة أن تطرق لمسألة النوع الاجتماعي كمحدد للتعامل مع قضايا استعمال المخدرات والتعامل القانوني معها، بما ان آلية الوصم تشتغل وفق بناء معياري معين، كأن يكون الشخص حاملا لخصوصيات معينة ( أم مدمنة، لها تجربة سجنية..) فالوصم المرتبط بالإدمان هو أكثر ثقلا على الأشخاص لأنه مرتبط بالمسؤولية والوصم بالإدمان يؤدي إلى الإقصاء.

هذا وقد دعا يوسف الفلاح في ختام الندوة لجملة من التوصيات تتمثل في ضرورة النظر لمتعاطي المخدرات على أنه ضحية لمجموعة من العوامل سوسيواقتصادية، حتى لا تتم معالجة قضية الإدمان في معزل عن البيئة والظروف التي ساهمت في وجودها وزادت من انتشارها.

كما أكد يوسف الملاح على أهمية التكوين لفائدة الأطقم والأجهزة القضائية والأمنية في قضايا الإدمان تفاديا للوقوع في مطب عقلية “الوصم”.كما راهن وبشدة على المجتمع المدني الذي يمكنه أن يلعب دورا طلائعيا في قضية تعاطي المخدرات وملفات وقضايا المدمنين، من خلال الترافع ونصرة قضاياهم، جميعا نحو تغيير نظرة المجتمع بكل مؤسساته لهذا الفرد على أنه شخص مريض وليس شخصا مجرما.

مع ضرورة تطبيق سياسات تمتاز بالسلاسة والمرونة في التعامل مع فئة المتعاطين بدل تطبيق السياسة الجنائية المبنية على العقاب، فالعقاب أثبت عدم نجاعته، بل كان من الأسباب التي قد تحفز الإدمان وتؤكده، فقد أثبتت التجربة إقبال المعاقبين داخل السجون على مواد مخدرة أخرى، مع اكتسابهم لكثير من السلوكات الشاذة داخل السجون بسبب غياب المواكبة الاجتماعية والنفسية لهؤلاء.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد