الرائدة في صحافة الموبايل

Odt.. ضد إلغاء التوظيف وانصياع الحكومة لإملاءات صندوق النقد التقشفية

بيان للرأي العام وللشغيلة المغربية

إن المكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل، يعبر عن استيائه العميق، واستهجانه الشديد، لما ورد في منشور رئيس الحكومة رقم 2020 –09 بتاريخ 01 يوليوز 2020، والمتعلق بموضوع تحيين المقترحات المتعلقة بالبرمجة الميزانياتية للسنوات الثلاث 2021-2023، والقاضي بإلغاء التوظيف بغالبية القطاعات خلال النصف الثاني من سنة 2020 وسنة 2021، والذي ينضاف إلى الحجز على مستحقات الموظفين من خلال تأجيل تسوية جميع الترقيات المبرمجة في ميزانية السنة الجارية، ودعوة الآمرين بالصرف لعدم عرضها على مصالح المراقبة المالية، وكل ذلك بدعوى تخفيف العبء على ميزانية الدولة لمواجهة التحديات المطروحة المرتبطة بتداعيات جائحة كورونا، فضلا عن الاقتطاع الذي مس أجور جميع موظفي الدولة و الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية كمساهمة إجبارية في صندوق تدبير أزمة كورونا؛

وكأن الاستهداف الممنهج لفئة الموظفين وعموم الشغيلة المغربية من لدن الحكومة في نسختيها العثمانية والبنكيرانية، يشكل الخيار الاستراتيجي الأوحد والأساس ضمن أجندة هذه الحكومة لتغطية عجزها المالي وأزماتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بتكريسها وتغذيتها لأمراض الريع والفساد، واستغلال الطبقة العاملة وحرمانها من حقوق إنسانية كشفت عنها جائحة كورونا فيروس المستجد، ولعل أفظعها ما أصبح ينعت بفضيحة سياسية وأخلاقية لوزيري حقوق الإنسان والتشغيل والإدماج المهني والمتمثلة في عدم التصريح بمستخدمين في مكاتبهما الخاصة لدى الصندوق الوطني الضمان الاجتماعي، و هو يثبت بما لا يدع مجالا للشك، أن هذه الحكومة قد خانت الوعود التي قدمتها للمغاربة في برامجها الانتخابية، بل أصبحت من خلال هذه التدابير فاقدة للشرعية السياسية والأخلاقية؛

إن المكتب التنفيذي يؤكد ويوضح للرأي العام وللشغيلة المغربية، أن منشور رئيس الحكومة المومأ إليه، يكشف مرة أخرى النهج اللاشعبي والتوجه المعاكس لهذه الحكومة في نسختيها السابقة والحالية، لكل ما هو اجتماعي، و إمعانها الممنهج، في الانصياع الفاضح ل”تعاليم ” وتعليمات مراكز القرار بصندوق النقد الدولي، الرامية إلى الإجهاز المتواتر على مختلف القطاعات الاجتماعية والمؤسسات التي تؤدي مهام المرفق العام، عبر العديد من الإجراءات والتدابير المجحفة التي اقترفتها هذه الحكومة بصيغتيها في حق الشغيلة المغربية، علما أن هذه الأخيرة هي القلب النابض لكل دواليب الاقتصاد والإدارة والمرافق والمؤسسات، وهي الفئة المعقود عليها الآمال لاستدامة وتنشيط الطلب والاستهلاك الداخلي، وبث نفس ودينامية جديدة في دائرة الرواج التجاري والاقتصادي والمالي، باعتبارها الشريحة الفاعلة، المنتجة والمحركة لعجلة الإنتاجية؛. و العمود الفقري لأي نموذج تنموي وطني منشود؛

إن هذه الحكومة ذات النزعة النيولبرالية المتوحشة، والتي ما فتئت تغدق من المال العام على فئة من “الأثرياء الجدد”، الذين احتكروا المال والأعمال، والتعليم الخصوصي والمقاولات والخدمات والعقار، والصيد البحري واستحوذوا على ثروات ومقدرات البلد، تكريسا للذهنية والمرجعية المتحكمة فيها المتمثلة في ثنائية “دعه يمر، دعه يسير، لاغناء الغني وتفقير الفقير”، كان حريا بها، بل من المنصف والمفروض سياسيا وأخلاقيا، ومن منطلق تكريس قيم الوطنية والمواطنة المتضامنة، إعمالا للفصل 40 من الدستور، أن تبادر إلى إخراج قانون يقر و ينظم إحداث الضريبة على الثروة؛ وتحقيق العدالة الاجتماعية غير أنها كعادتها، لجأت إلى الحلول السهلة إجرائيا، والصعبة والمكلفة على مستوى السلم الاجتماعي، من خلال صياغة المنشور المذكور آنفا، والذي تنبعث منه “مشاعر” الممانعة وانتهاك الحقوق المشروعة للشغيلة المغربية بشكل عام، وللموظفين(ات ) بشكل خاص، في خفة وتسرع، و”اندفاعية “سياسوية غير مدركة وغير آبهة بدقة وخصوصية الحالية المجتمعية التي تعيشها بلادنا وهي تواجه بعزم وتآزر جائحة كورونا كوفيد -19؛ بتوجيهات ورؤية استباقية لجلالة الملك؛

وبناء عليه، فان المكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل، إذ يعبر عن رفضه لمثل هذه التدابير المجحفة في حق الشغيلة المغربية، يسجل باستهجان في الآن ذاته، جملة من الاختلالات التي ترتبت عن النهج العشوائي للحكومة لما يقارب العقد من الزمن، في تعاطيها مع تدبير الموارد البشرية وتوظيفها وفقا لحسابات سياسية تكرس الزبونية والولاءات والمحسوبية والقرابة العائلية، على حساب استدماج الكفاءات والخبرات الوطنية التي تحتاجها المرافق والمؤسسات العمومية في احترام تام للمقتضيات الدستورية. كل هذه الممارسات التبخيسية للإدارة، التي تجسد استمرارية الدولة، ولمواردها وكفاءاتها وأدوارها المجتمعية والتنموية، مضاف إليها كل التدابير المجحفة التي اقترفتها الحكومة في حق الإدارة العمومية ، بغية تقويضها تبعا لتعليمات مراكز القرار الدولي، باتت اليوم مكشوفة للعيان في كل مرافق وقطاعات الدولة الحيوية من تعليم وصحة ومرافق إدارية عمومية؛

وتأسيسا على ذلك، نجدد في المنظمة الديمقراطية للشغل، انطلاقا من مسؤولياتنا الدستورية والنضالية والأخلاقية، نجدد التأكيد على ما يلي:

أولا: نعتبر أن إلغاء مناصب التوظيف المحدثة في القانون المالي لسنة 2020 (القليلة جدا بالنظر إلى ما ستخلفه جائحة كورونا من بطالة في القطاع الخاص والقطاع غير المهيكل)، من شأنه أن يخلف ارتفاعا لمعدل البطالة في صفوف الشباب وخريجي الجامعات بشكل مخيف ستكون له تداعيات سلبية على الاستقرار الاجتماعي؛

ثانيا: أن تأجيل تسوية جميع الترقيات المبرمجة في ميزانية السنة الجارية، قرار وتدبير استثنائي غير مبني على منطق إداري موضوعي ولا علاقة له بترشيد النفقات ومحاربة الهدر المالي للدولة، ولا بتخفيف العجز، ولا يراعي أن نفقات الأسر في هده الفترة ارتفعت بشكل كبير بسبب الحاجيات الغذائية والمعيشية والصحية التي تطلبها الحجر الصحي علما أن أجور الأغلبية الساحقة من موظفي الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية قد أصابها الشلل، من كثرة الديون والاقتطاعات لصناديق التامين والتقاعد والتامين ضد الكوارث…؛

إن المغاربة الذين عبروا إبان تفشي جائحة كورونا عن مستوى رفيع من التضامن والتآزر واللحمة الوطنية، وراء جلالة الملك، وما تم اعتماده من إجراءات استباقية، يحق لهم اليوم أن يسائلوا الحكومة حول كيفية تدبير الموارد المالية الهائلة للصندوق المذكور ومدى نجاعتها في معالجة تداعيات ومتطلبات الفئات الاجتماعية والمقاولات المستهدفة وهل تحققت بالفعل الأهداف المتوخاة من وراء احداث هذا الصندوق بكل شفافية وموضوعية واستحقاق ومسؤولية؟

كما يحق للشغيلة أن تتساءل ومعها المغاربة عن جدوى حكومة تكلف نفقات أعضائها ومكوناتها موارد مالية هائلة وتستنزف إمكانيات ووسائل لوجيستيكية ضخمة، إن لم يكن لهذه الحكومة الكفاءة التدبيرية اللازمة برؤية استراتيجية وحلول إبداعية للقيام بمبادرات واجتهادات في كيفية إيجاد وتطوير موارد جديدة للدولة، لتستحق بذلك موقعها ووظيفتها الدستورية الفضلى خدمة لإسعاد وترقية أوضاع المجتمع؟ والحال أن هذه الحكومة في نسختيها السابقة والحالية، لا تمتلك لا خبرة تدبيرية، ولا كفاءات معتبرة، والأنكى من ذلك أنها تشتغل منذ وصولها إلى تدبير الشأن العام خارج وعودها وبرامجها الانتخابية وليس لها أي تصور أو رؤية سديدة وواضحة كفيلة باخراج البلد مما وصلت إليه أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتردية؛

لكل هذه الاعتبارات ندعو رئيس الحكومة إلى مراجعة ” منشوره رقم 2020 –09 بتاريخ 01 يوليوز 2020 ، الغير مبرر والذي سيعمق حالة الغبن والإقصاء ويكرس وضعية الهشاشة والاحتقان الاجتماعيين، ناهيك عن كونه منشورا لا يستند إلى أية مسوغات منطقية أومقاربة مواطنة موضوعية عادلة، عقلانية ومنصفة، ولكون المسألة الإجتماعية باتت قطب الرحى في مغرب اليوم والغد، ندعو الحكومة الى تصحيح انزياحها في مجال الشغل عبر إحداث مناصب لتشغيل الشباب حاملي الشهادات العليا، وللرفع منها وليس إلغائها أو تعليقها كما جاء في المنشور، نظرا لما ستعرفه بلادنا من ارتفاع لنسبة البطالة نتيجة تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد الوطني والاقتصاد غير المهيكل وعلى عدد من المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا، والإفراج عن ترقيات الموظفين، لكون الموظف بالإدارات العمومية والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، رغم توفره على شرط الأقدمية للترقي المهني والمحددة في عشر سنوات، فانه يخضع إلى سيف ومنطق مرسوم الكوطا لينتظر من 14 إلى 15 سنة وأكثر، (وعدد كبير من الموظفين والموظفات أحيلوا على التقاعد بمرارة الحرمان رغم توفرهم على الشروط المطلوبة للترقي) ليستفيد من الترقية المهنية بشروط ، لتغطية مديونية أثقلت أجرته الهزيلة لسنوات.

كما وجب القطع مع الفساد وكل أشكال الريع والفساد الاداري والصفقات العمومية الملوثة و الموجهة ووضع أولويات اجتماعية في القانون المالي التعديلي من خلال تحويل نفقات الصناديق الخصوصية” السوداء ” ونفقات شراء السيارات والمحروقات والسفريات والاستثمارات المصطنعة و المخدومة، للنفخ في حسابات المقربين والمحظوظين، الى مشروع وطني اجتماعي يتمتل في التعويض عن البطالة ودعم القطاعات الاجتماعية و المقاولات الوطنية الصغيرة جدا والمتوسطة الملتزمة بقانون الشغل والحماية الاجتماعية وتشجيع المنتوج الوطني ودعم استهلاكه بتخفيض الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الدخل.

حرر بالرباط في: 04 يوليوز 2020 عن المكتب التنفيذي الكاتب العام /علي لطفي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد