الرائدة في صحافة الموبايل

التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني.. خيار استراتيجي أم خضوع لهيمنة أمريكية؟

بقلم وطلحة علي

في ظل ما تشهده الساحة العربية من صراعات وأزمات لجأت بعض الأنظمة السياسية العربية للتطبيع مع الكيان الصهيوني، على الرغم من استمرار الرفض الشعبي العربي لهذا التطبيع، سواء كان هذا الأخير معلنا أو غير معلنا أم كان جزئيا أو كليا فهو يبقى اعترافا  صريحا من هذه الدول بهذا الكيان الغاصب والذي سيزيد من فرصه للتوسع أكثر وفرض السيطرة على المنطقة

وبالرجوع إلى تاريخ العلاقات العربية الإسرائيلية، فإن هناك ثلاث دول عربية اعترفت سابقا بإسرائيل وهي (مصر والأردن وموريتانيا) ، وهناك دول أخرى كانت لها علاقات دبلوماسية بإسرائيل قبل اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية (سنة 2000) ، بالإضافة إلى دول أخرى كانت لها علاقات اقتصادية بإسرائيل مثل قطر وسلطنة عمان.

وفي هذا الصدد ، وقبل أيام قليلة نم الإعلان عن إتفاق التطبيع بين الإمارات والكيان الصهيوني برعاية من الولايات المتحدة الأمريكية المتبنية لرؤية السلام في المنطقة والتي تسعى من خلالها إلى دمج الكيان الصهيوني في أحلاف إقليمية قبل التوصل إلى حل القضية الفلسطينية.

في نفس الإطار ، أعلن السيد “غاريد كوشنر” كبير مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، عن إجراء محادثات مع دول أخرى لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، مما يبين لنا بالملموس الضغوط الأمريكية على الدول العربية للسلام مع الكيان الصهيوني ، وهو الشيء الذي تأكد بعد قيام البحرين بأيام قليلة بعد الإمارات بالتطبيع مع إسرائيل، وهو أمر كان متوقعا بعد أن استضافت البحرين مؤتمر المنامة عام 2019 الذي تم فيه الإعلان عن الجانب الإقتصادي من “صفقة القرن”.

وفي نفس السياق ، ورغم الحديث على أن اتفاقات السلام التي نهجتها هذه الدول مع هذا الكيان هي خيار استراتيجي ،كما جاء على لسان العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى ال خليفة أثناء اتصال هاتفي له مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعقاب التوقيع على اتفاقية التطبيع البحريني الإسرائيلي ، خيار قائم على الحوار والتعاون وتعزيز التعايش والتقارب بين الشعوب ومختلف الثقافات بعيدا عن التوترات . إلا أنه يبدو أن الهدف الحقيقي من هذا التطبيع كسب ود الإدارة الأمريكية خوفا من التهديدات الإقليمية الجديدة (وخاصة التهديد الإيراني) التي تجعل دول المنطقة تهرول نحو عقد السلام.

ويظهر أن قادم الأيام ستعرف علاقات تطبيع جديدة مع الكيان الصهيوني وخاصة مع دولة السودان ، حيث سبق أن اتفق رئيس الوزراء الإسرائيلي “نتنياهو” ورئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان في فبراير الماضي من السنة الجارية على “بدء التعاون المؤدي إلى التطبيع” ، حيث من المنتظر أن يتم إعلان اتفاق التطبيع السوداني الإسرائيلي قبل متم هذه السنة. هذا إضافة إلى العديد من الدول الأخرى كسلطنة عمان والسعودية وقطر والتي تربطهم علاقات جيدة مع هذا الكيان الشيء الذي يجعل التطبيع معها أمرا ممكنا في المستقبل القريب.

وبالنسبة للموقف المغربي من التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني ، فقد جاء على لسان رئيس الحكومة سعد الدين العثماني في كلمة ألقاها الشهر الماضي خلال الجلسة الإفتتاحية للملتقى الوطني 16 لشبيبة حزب العدالة والتنمية ، أن موقف المغرب ملكا وحكومة وشعبا يتمثل في رفض كل عمليات التطبيع بشتى أنواعها مع الكيان الصهيوني.

هكذا ،  يتضح لنا أن الإدارة الأمريكية ترغب في فرض الصيغة الأمريكية للسلام ، إرضاءاً  لإسرائيل. عبر ضغطها المستمر من خلال زياراتها المتكررة لأغلب الدول العربية بغية تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني ، إلا أن تعاظم مخاطر الهيمنة الإسرائيلية على دول المنطقة العربية خاصة المجاورة لها سيجعل من الوصول لهذا الهدف أمرا صعبا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد