الرائدة في صحافة الموبايل

النقابة المستقلة لقطاعات الصحة.. بين النظرة التقنوقراطية والسلوكات المعرقلة

أحمد رباص – دنا بريس

انعفد يوم السبت 19 شتنبر اجتماع المكتب الوطني للنقابة المستقلة لقطاعات الصحة، المنضوية تحت لواء اتحاد النقابات المستقلة بالمغرب، وتوج هذا الاجتماع بيان حصلت جريدتنا “دنا بريس” على نسخة منه. ويبدو من خلال فحوى هذا البيان أن قطاع الصحة محصور ما بين النظرة التقنوقراطية والواقعية الهادفة للرفع من الأداء وتحسين المردودية في التسيير وبين بعض السلوكيات السياسوية والإعلاموية الساعية لإعاقة المسير.
جرى الاجتماع بواسطة تقنيات التواصل عن بعد من أجل مناقشة أحداث طارئة ومستجدات القطاع، بما فيها انشغال مهنيي الصحة بكل فئاتهم، بملفاتهم المطلبية، كل حسب صنفه وقضاياه.
وقد اندرج جاء هذا الاجتماع في إطار التعبئة الشاملة لمحاربة جائحة كوفيد-19 التي تقتضي رص الصفوف ورصد الموارد الكافية لقطاع الصحة البشرية منها والمادية، ومن أجل محاولة تحسين مختلف مؤشرات التغطية بالنسبة للساكنة وذلك في حدود الإمكان.
إلا أنه، في مقابل ذلك، لوحظ تحامل منبعث من بعض الأوساط السياسية يهدف إلى ضرب وعرقلة كل المجهودات والمبادرات التي اتخذها ويتخذها الفريق الجديد، الذي لا يلقى مع كامل الأسف أي دعم من أية جهة حكومية أوهيئة سياسية، يوضح البيان.
للتدليل على هذا النهج، أشار البيان إلى ما حدث في جلسة الاستماع البرلمانية المنعقدة بتاريخ 17 شتنبر 2020 والتي خصصت لطرح ولمناقشة بعض قضايا ومستجدات القطاع، علما أن جزء كبيرا من الملفات والقضايا المثارة خلال هذه الجلسة، يدخل في صميم اختصاص هيئات المراقبة المالية بالنظر لطابعها التقني، أما دور المراقبة السياسية والاستراتيجية، فمن الطبيعي أن يضطلع به الجهاز التشريعي.
بناء على ما تقدم، تؤكد النقابة المستقلة لقطاعات الصحة أن تعيين وزير جديد ذو توجه تقنوقراطي بقطاع الصحة، جاء بمبادرة ملكية سامية، هدفها إصلاح هذا القطاع، وإبعاده عن مؤثرات العمل السياسوي الريعي الذي تسبب في تبدير موارده المالية وتحويلها إلى تحقيق أهداف شخصية وحزبية ضيقة ولا مشروعة. كما أن تسيير الموارد البشرية اتسم دائما تحت مختلف اليافطات السياسية التي أشرفت على هذا القطاع بالزبونية والمحسوبية والحزبية الضيقة، مما أثر بشكل كبير وفظيع على منظومته التسييرية، لاسيما بسبب غياب عقلنة وترشيد موارده.
في نفس الوقت، نرى ونؤكد كنقابة مستقلة على أن الاحتفاظ بنفس فريق العمل السابق، لن يسفر منطقيا إلا على نتائج مماثلة لسابقاتها. فمن حق الوزير التقنوقراطي، إذن، أن يعيد النظر بكل حرية ومشروعية في تركيبة فرق العمل التي ستشتغل إلى جانبه وبالخصوص مساعديه الأقربين.
وفي ذات السياق تعتقد النقابة أنه ليس لأية جهة كانت الحق في رفض أو فرض أو معارضة رؤيته واستراتجيته في هذا الباب. كما تبقى له كامل الصلاحية لمراجعة التعيينات السابقة التي قد لا يراها مناسبة لرهانات المرحلة أو لكونها وصلت لتلك المناصب بطرق مشبوهة أو مبنية فقط على التقاربات الحزبية أو النقابية النفعية.
وإن النقابة المستقلة لقطاعات الصحة، إنطلاقا من إيمانها بأن إسناد تدبير قطاع حكومي ما إلى حزب سياسي معين لا تعطيه أدنى حق في توزيع المناصب المرتبطة بهذا القطاع والتلاعب فيها بناء على أغراض سياسوية وانتخابوية- بالطبع مع استثناء منصب ومهام ديوان الوزير- تؤكد أن التعيين في مناصب المسؤولية يجب أن يكون لأشخاص يتوفرون على الأهلية والكفاءة والتجربة والاختصاص، سواء تعلق الأمر بمهام ومصالح مركزية أو جهوية أو إقليمية، دون إغفال تشبثها بضرورة التفكير في إعادة انتشار الأطر الطبية وشبه الطبية المتواجدة على وجه الخصوص ببعض المديريات والمصالح المركزية، وذلك للمساهمة في سد الخصاص الذي تعرفه المنظومة الصحية على المستوى الميداني، كما تدل على ذلك مختلف مؤشرات التغطية.
لهذا، فعلى كل متدخل في الشأن الصحي سواء كان انتماؤه سياسيا لمؤسسة تشريعية أو نقابيا لمنظمة مهنية أو جمعويا لهيئة من المجتمع المدني أو صحافيا تابعا لمنبر إعلامي ويرغب في توجيه انتقاداته إلى حصيلة هذه الوزارة في مجالات تدخلاتها سواء العادية منها أو الطارئة، أن يبدأ أولا بمساءلة نفسه عن مدى إسهامه في الدفاع عن هذا القطاع والمرافعة من أجل تمكينه من الموارد الكافية البشرية منها والمادية التي من شأنها أن تمكنه من تحسين مؤشراته ولو بالشيء اليسير، مع العلم أن بلادنا وكما يعرف الجميع توجد في وضعية أبعد ما تكون من المعايير التي توصي به منظمة الصحة العالمية والمؤسسات الموازية لها بخصوص نسب التغطية البشرية والمادية بالعلاقة مع الساكنة.
وفي الختام، إذ تؤكد النقابة المستقلة على إلزامية الإستجابة العاجلة للمطالب المشروعة المنتظر تنزيلها في إطار الحوار الاجتماعي بالنسبة لكل الفئات وبدون استثناء، تعبر عن تشبتها التام والمطلق بهذه المطالب وعن تضامنها مع كافة الفئات المهنية بقطاعات الصحة في هذه الظروف الإستثنائية والصعبة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد