الرائدة في صحافة الموبايل

جمال العسري.. لا مجال للمقارنة بين الأصوات المعارضة في الداخل وبينها في الأقاليم الصحراوية

أحمد رباص

نشر ليلة أمس، جمال العسري، عضو المكتب السياسي للاشتراكي الموحد، تدوينة خصصها لما جرى في مدينة العيون من تأسيس “الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي” (كذا). وفي هذه التدوينة يرد جمال على من يتهم السلطات المغربية بالكيل بمكيالين في تعاملها مع الأصوات المعارضة، إذ يتعرض المعارضون بكل مدن الوطن للقمع والاعتقالات و المحاكمات مقابل إغماض العين عن ما يقوم به المعارضون في أقاليم الصحراء المغربية.
يعتقد الأستاذ جمال العسري أن ما يجري في الأقاليم الصحراوية لا يقاس عليه. ومع ذلك، يقارن البعض بين اتهام مناضلي الحراك الشعبي بالريف بتهمة الانفصال و خيانة الوطن بغير مبرر وجيه وبين إغماض العين عن معارضي الصحراء وهم الذين يعلنون جهارا عن دعوتهم للانفصال.
وكان آخر ما يؤيد هاجسهم الانفصالي تأسيسهم قبل أيام لما سموه ب”الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي” في مؤتمر عقد بمدينة العيون حضره مواطنون وثقوا حضورهم لهذا المحفل التأسيسي بالصوت و الصورة.
ردا على المقارنين، قال رفيق نبيلة منيب: لا يصح مقارنة ما لا يقارن، لا يصح مقارنة ما يجري و يقع في أقاليم الصحراء المغربية بما يقع في باقي أقاليم الوطن. علينا ألا ننسى أننا قبل بضعة أيام أحيينا الذكرى 29 لاتفاق وقف إطلاق النار، وهو الاتفاق الذي جرى بين المغرب وجبهة الپوليساريو برعاية الأمم المتحدة. وعلينا ألا ننسى أن المنطقة تعتبر في القاموس الدولي منطقة نزاع و صراع. كما يجب علينا ألا ننسى أن هناك بأقاليمنا الصحراوية قوات شبه عسكرية أممية، أطلق عليها اسم بعثة المينورسو، وأنيطت بها مهمة السهر على تنفيذ و احترام اتفاق وقف إطلاق النار. و علينا أخيرا ألا ننسى أن هذا الاتفاق أوقف حربا طاحنة امتدت لأزيد من 16 سنة وخلفت آلاف الشهداء والضحايا و المعطوبين من كلا الجانبين.
و نحن نستنكر سياسة الكيل بمكيالين علينا ألا ننسى أن المغرب والجبهة قبلا معا باجراء استفتاء تقرير المصير، وأنهما شرعا في الاعداد له عبر تحديد هوية من يحق لهم الاستفتاء. علينا ألا ننسى أن عمليات تحديد الهوية انطلقت مع بداية التسعينيات و استمرت لبضع سنوات قبل أن تتوقف وقبل أن يطرح المغرب الحل الثالث الذي اقترح الحكم الذاتي.
و نحن نتذكر هذا علينا أن نعي جيدا أننا في المغرب عندما قبلنا بإجراء الاستفتاء كنا نعرف ونعي وندرك ونعلم كل العلم أن هناك من سيصوت ضد الوطن وضد مغربية الصحراء. سوف يكون مع إقامة جمهورية أخرى شبيهة بجمهوريات الموز. وقد تكون نسبة من هؤلاء المصوتين ممن يقطنون مدن العيون والسمارة وبوجدور والداخلة. وكنا على يقين أن الانتصار سيكون لصوت الوحدة، و لن يكون هناك أي انتقام من الأصوات التي ذهبت للاتجاه الآخر.
ونحن نستنكر سياسة الكيل بمكيالين – يواصل جمال – و ندين صمت المخزن عن دعوات الانفصال التي تصدر جهارا نهارا من بعض مدن الصحراء، علينا ألا ننسى الواقع الذي تعيشه أقاليمنا الجنوبية حيث من الصعب، بل من المستخيل توجيه تهم الانفصال والخيانة العظمى والعمل ضد الدولة وغيرها من التهم السياسية أو ذات الطابع السياسي لهؤلاء المعارضين، لأنهم ببساطة في حكم القانون الدولي، وهم في نظر الأمم المتحدة يعيشون في منطقة نزاع يعترف به المغرب لدرجة أنه قبل باجراءاستفتاء من الطبيعي أن يبرز رأيا مخالفا.
قد يكون هؤلاء هم ممثلو الرأي المخالف، وعليه فأي تهمة من هذه التهم أو محاكمة بسبب هذه التهم ستعرف استنكارا و تنديدا دوليين كبيرين. إذن، لا مجال لمقارنة ما لا يقارن. فلا توجد بعثات للمينورسو إلا في أقاليمنا الجنوبية. ولا ترتفع رايات الأمم المتحدة جنب علمنا إلا بأقاليمنا المسترجعة، ولا يوجد اتفاق وقف إطلاق نار إلا هناك. فرجاء، نوقفوا عن مقارنة ما لا يقارن.
ويتابع جمال توجيه إرشاداته منبها إلى أننا مطالبون بتفادي الصدمة إن حصل ووجدنا أنفسنا ذات يوم او ذات لقاء تفاوضي بين ممثلي المغرب و ممثلي الپولساريو ووجدنا ضمن ممثلي هؤلاء “أمينتو حيدر” ورفاقها ممن هم أعضاء معها في الهيئة المذكورة أعلاه.
لن يستطيع المغرب رفض هذه التمثيلية ولا الاحتجاج عليها ومقاطعة الاجتماع، لسبب بسيط وهو أنه سبق لنا نحن المغاربة أن مثلنا في جلسات التفاوض مواطنون مغاربة كانوا في الجهة الأخرى؛ أي كانوا ذات يوم ضمن صفوف الپوليساريو، بل ضمن صفوفه القيادية ثم التحقوا بأرض الوطن، و عادوا لتمثيله في مواجهة رفاق الأمس.
وهنا يدعونا عضو المكتب السياسي لحزب الشمعة إلى تذكر أسماء مفاوضينا الذين مثلونا في سلسلة مفاوضات مانهاست التي وصلت لخمس جولات، وكيف احتجت الپوليساريو على وجود صحراويين ضمن الوفد المغربي، و لم يتم الاكتراث لاحتجاجها. فغدا قد تنقلب الصورة والواقعة كلتيهما. ويخبرنا المدون بأننا نجد ضمن وفد الپوليساريو شبابا مغاربة يتحدرون من مدن مغربية، فهل ستتم محامكتهم بالخيانة وبتهمة الانفصال و التخابر مع عدو خارجي؟
و على ذكر التخابر مع عدو خارجي، يلفت الأستاذ جمال انتباهنا إلى تلك الوفود الصحراوية التي كانت ولا زالت تسافر من مطارات الداخلة والعيون والدار البيضاء نحو الجزائر لحضور مؤتمرات و لقاءات ومهرجانات الپوليساريو، ثم تعود سالمة عبر مطار الدار البيضاء دون أي ازعاج.
ونحن نندد بسياسة الكيل بمكيالين، علينا ألا ننسى أن في المؤتمرات الأخيرة للپوليساريو كان يتم الإعلان عن مواطنين مغاربة قاطنين بمدن الصحراء المغربية بصفتهم ممثلين لأجهزة ومؤسسات الپوليساريو بعلم السلطات الأمنية بهذا الأمر، ولم يتابع أي واحد منهم بتهم الخيانة والانفصال والتخابر مع عدو خارجي. لهذا لا داعي لأن نتفاجأ غدا بلقاءات يحتضنها أحد فنادق العيون ويعقدها أعضاء هذه الهيئة مع ممثلي الأمم المتحدة و مقرري لجانها وربما مع مبعوثي الاتحاد الأوروپي. ومن المحتمل أن تتم تغطية هذه اللقاءات من قبل وسائل إعلام وطنية و دولية.
في ختام تدوينته، يدعونا جمال العسري إلى النظر للنصف الآخر من الكأس والجانب الإيجابي من هذه المصيبة، إيمانا منه بأن كل نقمة قد تخفي نعمة. لهذا هو متفائل مما حصل مؤخرا، و لا ينظر إلى تأسيس أمينتو حيدر و رفاقها لما سموه ب”الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي ” نظرة كارثية. قد تكون هذه الهيئة وخروجها للوجود نعمة للمغرب و نقطة لصالح الوطن ولصالح دفاعنا عن مغربية الصحراء وتشبثنا بوحدة الوطن. هو متأكد مما يقول. فإن كانت الهيئة في ظاهرها ضد الوطن، فهي في باطنها خدمة للوطن و لوحدته الترابية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد