الرائدة في صحافة الموبايل

جيش السيسي ينتصر على البحرية الفلسطينية..!

العلامة أحمد الريسوني

الجيش المصري – الذي أصبح جيشا للسيسي وشركائه – يوصف عادة بأنه أقوى جيش في المنطقة، وقوامه حوالي مليون عسكري..

هذا الجيش العرمرم الجرار، حقق صباح يوم الجمعة المنصرم نصرا جديدا يضاف إلى سجله الحافل بقتل الأفراد والمواطنين المدنيين العُـزَّلِ، في أماكن عملهم، وفي شوارعهم، وحتى في بيوتهم.. لقد قضى هذا الجيش على البحرية الفلسطينية، التي كانت مكونة من ثلاثة صيادين فلسطينيين، فقتل الثلثين منهم، وأسِرَ الثلث الباقي..! وهكذا وضع حدا للخطر الكبير الذي كان محدقا بمصر وبجيشها العظيم!!

فقد أعلنت نقابة الصيادين الفلسطينيين عن مقتل صيادَين اثنين، وإصابة شقيقهما الثالث، بنيران الجيش المصري، قرب الحدود البحرية مع مصر يوم الجمعة.

وكتب رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية في صفحته على فيسبوك قائلا: “يوم حزين على شعبنا، ننعي بألم شديد الصيادَين الشابين محمود وحسن الزعزوع شهداء لقمة العيش، رحمهما الله وألهم عائلتهما الصبر والسلوان ومنّ بالشفاء على شقيقهما المصاب”.

وقد زعم الجيش المصري، وهو جدير ألا يصدق، بأن قارب الصيد للصيادين الفلسطينيين الثلاثة كان قد تجاوز الحدود البحرية بين مصر وقطاع غرة..

 ولنفرض أن هذا الزعم الباهت صحيح، ولنفرض أنه لا يجوز للصيادين ملامسة المياه المصرية، أمَا كان بالإمكان توجيه تنبيهات أو تحذيرات لهؤلاء الصيادين؟ أما كان بالإمكان تحريك زوارق حربية مصرية في اتجاههم، لدفعهم إلى التراجع عن مياه مصر المقدسة؟ أما كان بالإمكان حتى اعتقالهم والتأكد من حقيقة أمرهم..

إن هذا السلوك العسكري للجيش المصري، إنما يكشف بوضوح عن العقيدة الجديدة التي تُشحن بها عقول المجندين المصريين، عقيدةِ الاستخفاف والتحقير للفلسطينيين، تماما كما هو الشأن مع “الغلابة” المصريين، مقابل المهابة والتعظيم والتوقير للعدو الصهيوني، ولكل ما يمتُّ إليه بصلة.. 

تصوروا لو تعلق هذا الحادث بزورق عسكري إسرائيلي، وكان يحمل عسكريين مسلحين، وليس مجرد ثلاثة مدنيين، هل كان يجرؤ أحد من جنود السيسي أو من ضباطه، أن يطلق عليهم النار ويقتل منهم أحدا..؟! إن قتل آلاف المصريين والفلسطينيين أهونُ عليهم وأسلم لهم، من قتل إسرائيلي واحد!! هذه هي العقيدة الجديدة للنظام المصري وجيوشه.

ويبقى الجانب الأسوأ والأخطر هو: كيف ينسلخ بعض الناس من دينهم وإنسانيتهم، وكيف يَغرقون في وحشيتهم وهمجيتهم، وكيف تتجمد أو تموت أفئدتهم وأحاسيسهم.. إلى حد أن يعمدوا إلى إزهاق الأرواح البريئة الطاهرة، قصدا وعمدا، دونما أي موجب ولا شبهة ولا تعلَّة لهذا القتل؟!! مع أنني لا أشك في أن أقدس الأرواح وأغلاها في هذا العصر هي أرواح الفلسطينيين..

ثم كيف بنا – يا حسرة على العباد – إذا كان القاتل مسلما، والمقتول مسلما؟! ألم يصل إلى هؤلاء المجرمين القتَلة أي صدى من قوله تعالى{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93]؟ ومن قوله سبحانه{مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32]؟ ومن قول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: (لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يُصِبْ دما حراما)؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد