الرائدة في صحافة الموبايل

عبدالسلام الحاتمي: المجتمع المدني المغربي بإسبانيا يلعب دورا مفصليا عقب أزمة ” المغاربة العالقين بالخارج” ولا زال التأطير مستمرا.

ـ حاوره : عبدالعالي الطاهري.

ـ مع استمرار الوضعية الوبائية المرتبطة بفيروس كورونا في أغلب الدول الأوروبية،مع مايعني ذلك من تأزم للأوضاع السوسيواقتصادية لساكنة دول الاتحاد الأوروبي، ما هي قراءتكم لتبِعات وتداعيات هذا الوضع ؟

ـ ـ في البداية اسمحوا لي أن أتقدم بجزيل الشكر لمؤسستكم الإعلامية على هذه المبادرة القيمة.وجوابا على سؤالكم، فإنه من الطبيعي
أن تكون الأوضاع الإقتصادية والاجتماعية للمواطنين في جل الدول الأوروبية قد تأثرت بتبِعات هذه الوضعية الوبائية العالمية، و لو بشكل متفاوت، وذلك حسب الإجراءات التي اتُخذت في كل بلد على حدة. فعلى سبيل المثال في إسبانيا، فإن أكبر
الظواهر التي باتت تُلفت الانتباه، هي وجود كثرة المحلات التجارية المعروضة للكراء أو للبيع بعد إفراغها من طرف التجار
السابقين ما يعني توقف أنشطتها الاعتيادية، كما تم توقف الإنتاج في عدد كبير من المصانع في ميادين مختلفة.دون نسيان أحد أهم
القطاعات المحورية داخل النسيج الاقتصادي الإسباني، يتعلق الأمر بقطاع السياحة والفنادق الذي تأثر بشكل كبير بل و عرف انهيارا شبه كلي، بعد توقف حركة وفود السياح الأجانب على مختلف المدن السياحية الإسبانية
العديدة والكثيرة،زد على ذلك قطاع الخدمات الذي تضرر بدوره وفقد إيقاعه الطبيعي و مردوديته داخل الدورة الاقتصادية.
و من الطبيعي أن يكون لهذا الانهيار الإقتصادي تداعيات سوسيواقتصادية وتبعات سلبية، ساهمت في العديد من الانتكاسات، وعلى رأسها ارتفاع معدلات البطالة بين الساكنة النشيطة، ما أفرز شرائح اجتماعية هشة غير قادرة على تسديد نفقاتها اليومية، في أُفق
تغطية كل احتياجاتها ومستلزماتها الأسرية، ما نتجَ عنه اضطرابات نفسية وصحية لدى العديد من المتضررين من تداعيات جائحة كورونا.

ـ من موقعكم كفاعل سياسي وجمعوي بالديار الأوروبية وخاصة بإسبانيا، ما هو تقييمكم للتأثيرات الاقتصادية والاجتماعية لهذه
الجائحة على المغاربة المقيمين بإسبانيا،منذ بداية تفشي الوباء حتى اليوم ؟

ـ ـ من البديهي أن يكون لهذه الأزمة المرتبطة بالحالة الوبائية العالمية لفيروس « كوفيد19 »، العديد من التأثيرات الكبرى على
المواطنين المغاربة المقيمين بإسبانيا، فقد تأثروا بدورهم كسائر المواطنين وبدرجات متفاوتة وذلك حسب النشاط المهني لكل واحد
منهم. إذ نجد من بينهم الوافدين الجدد والشباب في وضعية غير نظامية وهي الفئة الأكثر عرضة للتشرد وخصوصاً مَن لا أهل ولا
أقرباء لهم يساندونهم ويدعمونهم في ظل هذه الأوضاع، ما يجعلهم يتوجهون إلى مراكز توزيع الوجبات الغذائية والمبيت بها.وهنا
أؤكد على الدور الكبير والمفصلي الذي لعبته فعاليات المجتمع المدني المغربي بإسبانيا، على مستوى تأطير وتوجيه فئات عريضة
من المغاربة المقيمين هنا بإسبانيا، خاصة في فترة بروز أزمة المغاربة العالقين بالخارج، والذين كان أغلبهم في في زيارات عائلية أو استشفائية أو رحلات عمل، حيث أصبحوا عالقين خارج بلدانهم بعد فرض حالة الطوارئ والحجر الصحي في أغلب بلدان العالم ومن ضمنها المغرب، حيث عملت هيئات ومنظمات المجتمع المدني المغربية بالديار الإسبانية وبتنسيق مع السفارة المغربية بالعاصمة مدريد وكذا مختلف القنصليات المغربية، على تغطية الاحتياجات الأساسية لنسبة كبيرة من هؤلاء العالقين ( التغذية، الرعاية الصحية وخدمات
أخرى…)، إلى حين تحسن الأوضاع وتمكنهم من العودة إلى الوطن الأم المغرب و لله الحمد.

ـ أظهرت الوقائع المرتبطة بتفشي وباء كورونا، أن بعض الدول اختارت الأرزاق بدل الأرواح، أو بمعنى آخر جعلت الأفضلية
للاقتصاد على صحة مواطنيها. في أية خانة يمكن تصنيف إسبانيا في هذا السياق ؟

ـ ـ لقد اتخذت الحكومة الإسبانية قرار فرض حالة الطوارئ منذ بداية تفشي الوباء العالمي « كوفيد-19 »، وهو القرار الذي شمل أغلب الأنشطة الاقتصادية ما عدا القطاعات الأساسية من بينهم الصحة والتغذية، ما جعلها تخصص
أكبر ميزانية في تاريخ البلاد لتغطية جميع رواتب العمال وكذلك التعويضات ذات الصبغة الاجتماعية لفائدة الشركات والمهنيين
الذين شملهم الحجر الصحي، وهو القرار الحكومي الذي زاد من الضغط على ميزانية الدولة، هذه الأخيرة التي لا زالت تُدبر تبعات وآثار الأزمة العالمية التي بدأت أولى ملامحها بإسبانيا ابتداء من سنة 2008. و في ظل ما بات يُصطلح عليه بالموجة الثانية من جائحة كورونا، والتي بدأت بإصابة العديد من الدول الأوروبية وفي مقدمتها فرنسا و إسبانيا، أصبحت الحكومة الإسبانية أمام تحديات تدبيرية أكبر مع دخول الاقتصاد في هذا البلد في مرحلة جديدة من الانكماش بل ربما الانتكاس لا قدر الله، ما سينعكس بالقطع على العديد من القطاعات المهنية وبالتالي على أغلب مكونات المجتمع الإسباني
ومعهم الأجانب المقيمين بهذا البلد الأوروبي.

ـ من المعلوم أن الحكومة المغربية قد وضعت برنامجا استعجاليا لمواجهة التبعات السلبية بل الكارثية لهذه الجائحة العالمية
( صندوق مواجهة آثار جائحة كورونا نموذجاً).. ما هي أهم مظاهر استفادة الجالية المغربية المقيمة بإسبانيا من هذا البرنامج الاستعجالي ؟

ـ ـ نعم الحكومة المغربية وضعت برنامجاً استعجالياً لمواجهة الجائحة عن طريق خلق صندوق التضامن، وهو أمر نَوَّهنا به كثيرا لكونها مبادرة بأبعاد إنسانية تضامنية وازنة، كل ذلك بهدف التخفيف من آثار الحجر الصحي، الذي اتخذته المملكة المغربية على غرار أغلب دول العالم، وحسب علمنا فإن هذه التدابير لم تشمل مغاربة العالم،خاصة على مستوى إطلاق برامج لتأطير وتوجيه المتضررين من الجالية المغربية جراء هذه الأزمة الصحية
العالمية، وأخص بالذكر هنا المواطنين المغاربة في وضعية هشة وغير نظامية قانونيا، علاوة على الفئة التي وجدت نفسها في فترة من فترات إقرار الحجر الصحي حاملة لصفة «المغاربة العالقين بالخارج ». وعلى العموم فإن مبادرات المجتمع المدني المغربي
هنا بإسبانيا قد لاقت استحسانا وتنويها كبيرين من لدن الجالية المغربية، بعد أن تمكنت بفضل الله تعالى وكذا تضافر الجهود من تدبير أصعب فترات الجائحة وعملت على الخروج من هذه الأزمة بأخف الأضرار.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد