الرائدة في صحافة الموبايل

هل المواطن الغربي حرٌّ في اختياره الانتخابي؟

معركةُ الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية هذه الأيام معركةٌ حامية الوطيس. طرفاها المتصارعان هما الحزبان الجمهوري والديموقراطي… والساحة هي الإعلام. والأسلحة هي الأقلام والكاميرات والميكروفونات والحواسب والقنوات التلفزية والجرائد والمواقع الإلكترونية والملصقات والهواتف وغير ذلك…
والأموال … الكثير من الأموال والإنفاق بسخاء…
ومن يجلب إلى خندقه جهابذة الإعلام وعمالقة الأقلام… ومن يملك القنوات التلفزية الضخمة ويدير لصالحه البرامج السياسية والادعائية بمهارة…والجرائد اليومية المتميزة ومئات المواقع الإلكترونية وجيوش من النشطاء وقنوات النفوذ…
والمستهدف هو عقل المواطن.
من يغلب إعلامياً يكسب الانتخابات. سواء كانت رئاسية أم برلمانية أم غير ذلك.
غير أن هذه المعارك الانتخابية ليست موسمية كما هي في بلدان العالم الثالث “المستمتع” بتخلفه. بل هي تواكب برامج الحزب السياسية والاقتصادية وغيرهما طوال الوقت. المعارضة من جهة والأغلبية من جهة أخرى… أما في زمن الانتخابات فالمعارك تحتدم بكثافة ويمر الجميع إلى السرعة القصوى كلما اقتربوا من صناديق الاقتراع ولامسوا ساعة الحسم.
في هذه المعارك الطاحنة يتخندق المفكرون والخبراء وعلماء السياسة والاقتصاد والقانون والحقوق على وجه الخصوص… يتخندق بعضهم في جبهة هذا الحزب ويتخندق آخرون في جبهة الخصم… الأفكار والتحليلات والدراسات والاستنتاجات وغير ذلك… كله وقود محرك لعجلات السياسة ودواليب الاقتصاد.
وهنا يتمّ استحضار الملفات الضخمة والقضايا الحساسة الخارجية والداخلية وتثار مواضيع هائلة من قِبل الحرب على الإرهاب والأمن القومي والعلاقات الدولية لا سيما مع بؤر التوتر والحروب… والقواعد العسكرية المنتشرة في القارات… وبيع الأسلحة والطاقة والبطالة والهجرة السرية والعنصرية والأسرة والتعليم والصحة الخ…
الأدمغة العالمة هنا هي من تُحْدث الفرق. وكل الضربات متاحة ومشروعة… ضربات فوق الحزام وتحت الحزام وعلى القفا… وتفتيش في الحياة الخاصة للمنافس الخصم للوصول إلى أي فضيحة في حياته – ماليةً كانت أم خلقية – من أجل استغلالها قصد التخلص منه.
ناهيك عن بعض التزوير خلافاً لما يعتقده بعضنا من نزاهة الانتخابات الأمريكية. يقول الرئيس ترمب نفسه معلقاً على التصويت بالبريد مثلاً بأنه (يفتح المجال أمام “التزوير” ) ناهيك عن الأخطاء الإدارية والتقنية… التي قد تؤثر على النتيجة النهائية…
والسؤال الآن: هل رأي المواطن الأمريكي حرّ مبنيّ على قناعة ذاتية أم أن الآراء تُصنع له صنعاً وتُوجّه إليه معلبةً جاهزة للاستهلاك عن طريق كل ما ذكرته آنفاً من رجال وأموال وإعلام…
وفي المقابل فإن هناك مواطنين تختلط عليهم المفاهيم وتتضارب لديهم التصورات من كثرة ما يرونه ويسمعونه من تجاذبات الفرقاء وتناقضاتهم فيعزفون عن التصويت ابتداءً.
الانتخابات في أمريكا ومعها أوروبا قل فيها ما تشاء… لكن لا تقل لي بأن المواطن هناك حرّ والاختيار حرّ والرأي حرّ.

كتبه محمد الفزازي رئيس الجمعية المغربية للسلام والبلاغ

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد