الرائدة في صحافة الموبايل

المنهج العلمي في السوسيولوجيا

بقلم الطالبة : القمية مريم

كيف انقطعت المعرفة العلمية عن المعرفة غير العلمية ؟

اهتم اغلب علماء الاجتماع و مند بداية تأسيسه بمسألة تجاوز المعرفة العلمية للمعرفة غير العلمية و اقامة القطيعة مع كل معرفة متجاوزة ومن اوائل من طرح هذه الفكرة هو اوغست كونت الذي يري بأن كل ميدان من ميادين المعرفة و العقل البشري بأكمله مر من ثلاثة مراحل اساسية في تطوره و سمى هذه المسالة “بقانون الحالات الثلاث” و يعني هنا ان قانون المراحل الثلاث هو قانون يحكم تقدم المعرفة التي مرت من المرحلة اللاهوتية ثم المرحلة الفلسفية ثم وصلت الى المرحلة الوضعية في سيرورة تجاوز كل مرحلة للمرحلة التي سبقتها.
كما ان المعرفة العلمية عامة و السوسيولوجية بشكل خاص تبنى من خلال احداث قطيعة معرفية مع الحس المشترك و المعرفة الشائعة وهذه العملية هي اساس تحقيق معرفة علمية وهي الفعل الذي يتم من خلاله تجاوز العوائق بلغة باشلارية و تخول لعالم الاجتماع احداث قطيعة مع المعارف التي لم يتوصل اليها بوسائل علمية.
يقول دوركهايم في هذا الصدد ان للقطيعة الابستيمولوجية اهمية خاصة في علم الاجتماع فهي الفصل بين الرأي العام الشائع و الخطاب العلمي و استبعاد الذاتية عن سيرورة البحث الاجتماعي و الفصل بين الحقائق و القيم.
فبالنسبة اليه عالم الاجتماع لا يتوقف عند ترديد الافكار غير الممحصة التي يتواراها الناس- الحس المشترك و المعرفة الشائعة- بصدد الضواهر الاجتماعية اذ ان عالم الاجتماع يتناول القضايا الاجتماعية بشكل مختلف لما تبدوا عليه للعامة.
فعالم الاجتماع يهدف الى الكشف عن حقائق وكل الحقائق تختلف مع الاراء العامة بشكل متفاوت.
ايضا يرى باشلاران العلم يمر بقفزات كيفية ينتقل بفضلها الى نظريات جديدة لا يمكن النظر اليها على انها استمرار للفكر السابق فتلك القفزات الكيفية تؤدي الى تحقيق قطيعة ابستيمولوجية بين الفكر العلمي و المعرفة العامية.
بالاضافة الى القطيعة الابستيمولوجية يشير باشلار الى مفهوم الصراع بين القديم و الجديد وهو بالنسبة اليه محرك التقدم العلمي فهو ناتج- اي هذا الصراع – عن ثنائية الخطأ والصواب فالحقيقة حسب باشلار لا تتحقق الا من خلال الحوار فهي علاقة جدلية تتم من خلال متناقضين اي الحقيقة واللاحقيقة ورفض المعرفة السابقة اذا فان الابيستيمولوجيا عند باشلار قائمة على النفي و العمل على تجاوز علم الامس و اقامة قطيعة معه ثم تصحيح اخطاء الامس اذ لا وجود لحقيقة بدون خطأ مصحح اي ان للخطأ دور مهم في تقدم المعرفة فتصحيح اخطاء معرفة سابقة فرصة للقيام بتدمير الخطا ثم ابداع تصحيح و اعادة بناء المعرفة اي ان المعرفة العلمية لا تقوم الا بنقد و تفنيد المعرفة السابقة ثم اعادة بناء معرفة بديلة بافكار بديلة و هذا المنطلق ينطبق على المفهوم العلمي ايضا فهذا الاخير لا يمكن ان يتكون الا من خلال تفنيد مفاهيم سابقة.
اذا فباشلار يرفض اي تصور علمي يعتبر نفسه كاملا نهائيا بل يري بان العلم بناء و يعاد فيه النضر باستمرار من اجل ايجاد الخطأ ثم تصحيحه فاعادة بنائه و احداث قطيعة ابيستيمولوجية مع ما تم تجاوزه اي هي عملية جدلية بين التدمير قبل الابداع و تصحيح اخطاء معرفة سابقة اولية و هذه العملية يطبعها الطابع الثوري للعلم و يحلينا هذا الاخير الى مفهوم الثورة العلمية.
الثورة العلمية عند توماس كون
ارتكزت نظرية كون حول الثورات العلمية على ثلاث افكار اساسية وهي ان العلوم ليست فردية,ليست واقعية و ليست تراكمية.
فقد انتج كون كتاب تحت اسم “بنية الثورات العلمية” ابرز فيه نظرته لسيرورة العلم حيث يرى ان تاريخ العلوم ليس تراكمي و مستقيم بل ان تاريخ العلوم يطبعه طابع الثورات و قد فصل في كتابه كيفية حدوث هذه الثورات فيما سمي بدورة كون.
يري كون ان التاريخ كله ثورات و ايضا تاريخ العلم كما ان هذا الاخير لا يمكن فهمه و شرحه بشكل فردي بل يكون فهمه بفضل المتحدات العلمية و باراديغماتها.
وتنقسم دورة كون الى ثلاث مراحل شبهها كون بدورة تغير الكرة الارضية عبر التايخ.
شبه المرحلة الاولى بمرحلة العصر الجليدي حيت يتميز باستقرار نسبي و الذي يمثل الباراديغم السائد الذي يفهم و يفسر من خلاله العلماء ظواهر العالم و يضعون القوانين ثم بعدها تاتي المرحلة الثانية التي تتميز بحدوث تغير طفيف و تحدث اضطرابات و عدم استقرار و ثمثل هذه المرحلة حالة التأزم فيقوم العلماء باجراء تجارب تتحدى القوانين السائدة يعجز الباراديغم عن تفسيرها اي بداية الثورة ثم المرحلة الثالثة حيث تبدا الامور بالاستقرار و التكيف مع الحالة الجديدة فيتم ايجاد باراديغم جديد و مجموعة قوانين جديدة فتبدا دورة جديدة حسب دورة كون.
اذا فمن منظور دورة كون فان تطور العلوم يمر من مرحلة استقرار نسبي في الباراديغم السائد الى مرحلة اضطراب وعدم استقرار اي بداية الثورة ثم مرحلة تكييف و ايجاد باراديغم جديد فتبدأ دورة اخرى.
اذا فان تاريخ العلم شهد تغيرات و ثورات و قفزات علمية من اهمها ما كشفه تيليسكوب غاليليه الذي ادى الى تغير نضرة العلم للارض و كذالك نظرية كوبيرنيك التي شكلت انقلابا في العلم زيادة على تطور العلوم…
اما فيما يخص الرؤى السوسيولوجية للعلم فقد تعددت فهناك من ماثل بين السوسيولوجيا و العلوم الاخري كالبيولوجيا و علم الميكانيك نذكر هنا دور كهايم خاصة و هناك من تحدث عن تطور العلم عبر مراحل كمثال” قانون المراحل الثلاث “عند كونت او عن طريق احدات قطائع مع ما تم تجاوزه علميا عند باشلار و كذلك عبر ثورات علمية –دورة كون- تؤدي الى تجاوز باراديغم الامس و بناء باراديغم جديد يتم تجاوزه عبر ثورة علمية
2 – المعيقات الابستيمولوجية – بيار بورديو

le sens pratique pierre bourdieu
1- 1 : التطبيق العملي من وجهة نظر بيار بورديو
بقلم : جيرار موجير
ترجمة أسامة البحري
وفقًا لبورديو ، “التطبيق العملي هو ما يسمح بالتصرف كما ينبغي دون وضع أو تنفيذ ضروري فهو عبارة عن قاعدة سلوك لا تنفصل اطلاقا عن مفهوم الهابيتوس الذي يشير إلى : ” الوظيفة الاجتماعية المرزكية في بنية سلوك الافراد ، و التي تذكرنا بشدة أن أفعالنا غالبا ما تستند إلى المعنى العملي أكثر من الحساب العقلاني” [11] [11] المرجع : le sens pratique ، ص. 78 .. “اي ان التفاعل كمفهوم عملي يعمل على إعادة تنشيط المعنى الموضوعي في المؤسسات” [12] [12] بيار بورديو ، Le sens Pratique ، مرجع سابق. ذكر ، ص. 96. ، ولكن “مبدأ الفهم العملي ليس وعيا معرفا ” [13] [13] بيار بورديو ، تأملات باسكالية ، مرجع سابق. ذكر ، ص. 78) فهو عبارة عن فهم بدون مسافة مع العالم ، اي انه مرتبط بعلاقة خارجية ، فالعادة اذن مرتبطة بالفهم العميق لهذا المعنى العملي للعالم ، بمعنى اخر هو عبارة عن هابيتوس يعيد انتاج ذاته في استمرار [14] [14] المرجع نفسه ، ص. 170 .. فعلى سبيل المثال الوكيل “يشعر في عمله أنه في منزله او في موطنه العالم و بما ان العالم عبارة عن هابيتوسات موجودة حتى في الطبقات العليا “[15] [15] المرجع نفسه ..” فانه يجد نفسه بطريقة اوتوماتيكية ، دون الحاجة إلى التأمل ، و بدون حتى التفكير يتفاعل مع الأشياء التي يجب القيام بها” […] والقيام “كما ينبغي اي في ظروفها و طقوسها التي تؤسس بنيتها ” [16] [16] المرجع نفسه ، ص. 171 .. بعبارة أخرى ، فإن الطابع المنعكس عن الخلفية العملية ناتجة عن التكيف ، لأنماط الإدراك ، والتقدير مع الواقع الاجتماعي ، و هذا ما يجعل منه عبارة عن هابيتوس يتفاعل مع الموقف ، وهذا التعديل الذي ، كما يحدده بورديو ، يحدث “في عملية عملية للتوقع شبه الجسدي” هو في حد ذاته نتاج “دمج هياكل واتجاهات العالم” [17] [17] المرجع نفسه ، ص. 166. ،اي نتاج ما يسميه فيتجنشتاين بمفهوم ” التعلم الاجتماعي” الذي يسمح له بتجنب الفخ المزدوج للاختزال السلوكي والآلية العقلية (“التعلم الاجتماعي” ، وفقًا لفيتجنشتاين ، له مكون من “التدريب” الذي يضع الأوتوماتيكية والروتينية) الذي ينتج ما يسميه علماء الاجتماع بمفهوم “التنشئة الاجتماعية
من هذا “التعديل” ، سأحتفظ بثلاث عواقب: العالم باعتباره “أمرًا مفروغًا منه” (المسلم به) ، (حب الضرورة الناتج عن الضرورة التي جعلت الفضيلة) ، وكلاهما مدرج في العلاقة بين الهابيتوس والعالم الاجتماعي الذي هو نتاجه وشعور المرء بمكانته الذي يأمر بالاهتمام بـ “البقاء في مكانه” ، لتجنب الاضطرار إلى “الشعور بالخارج” ، الشعور بالحدود الذي يحدد ما هو “بالنسبة لنا” أو “ليس لأشخاص مثلنا” [18] [18] بيار بورديو le sens pratique ، لو سينس براتيك ، مرجع سابق. ذكر ، ص. 220-221 ..
ثلاث ملاحظات أخرى على المعنى العملي قبل التفكير في “التفكير”
يرى بيار بورديو أن الارتجالات بالمعنى العملي “لا تذهب أبدًا دون حضور معين للعقل […] ، فهي شكل معين من التفكير العملي المسنبط من الهابيتوس ، اي التفكير بذكاء هابيتوسي في الموقف والعمل” [19] [19] بيير بورديو ، تأملات باسكاليان ، مرجع سابق. ذكر ، ص. 192- ويقر أيضًا بورديو بأن “الهابيتوس له إخفاقاته ، ولحظاته الحاسمة من الارتباك والتحول: يتم تعليق علاقة التكيف الفوري في لحظة التردد التي يمكن أن يتسلل فيها شكل من أشكال التفكير إلى هذا الحد. “ليس له علاقة بما للمفكر المدرسي” [20]
المرجع نفسه ، ص. 191-192 .. بشكل عام ، يكتب ، “الدرجة التي يمكن للمرء أن يتخلى فيها عن نفسه للآليات ذات المعنى العملي تختلف […] وفقًا للحالات ومجالات النشاط ، ولكن أيضًا وفقًا للوضع المشغول في الفضاء الاجتماعي “[21] [21] المرجع نفسه ، ص. 192 .. أتيت إلى “التفكير” وبشكل أكثر تحديدًا “التفكير”. بورديو ، الذي حارب من أجل “فرض الاعتراف الفعال (أي الذي أقرته المدرسة) بتعدد أشكال” الذكاء “” [22] [22] المرجع نفسه ، P. 97. ، يؤيد بلا شك وجهة نظر فتغنشتاين حول السؤال: “ظاهرة الفكر تغطي مجالًا واسعًا جدًا” (§ 110) ؛ “من كلمة” تفكر “، ليس من المتوقع أن يتم استخدامها بطريقة متجانسة بل العكس” (الفقرة 112) ؛ “نحن نتحدث عن الفكر فقط في ظروف محددة للغاية” (§ 130) [23] [23] Ludwig Wittgenstein ، Fiches ، تحرير G.E M. Anscombe و…. في قطبي هذه القدرة متعددة الأشكال ، يبدو أن الحس العملي و “التفكير” متنافيان: الحس العملي يستغني عن “التفكير” ، “التفكير” يضع المعنى العملي في التشويق. في الواقع ، ميز بورديو بين “المعرفة العملية” (“العقل المعقول” ، “الفهم الأول للعالم […] المرتبط بتجربة الاندماج في هذا العالم”) ، “المعرفة الواعية” (“التفكير” الفكر) و “المعرفة العلمية” (“التفكير ، والعقل الدراسي ، والعقل النظري”) [24]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد