الرائدة في صحافة الموبايل

رهانات تمازيغت بالمغرب (4/1)

أحمد رباص

استحقت الهوية الأمازيغية التي طالما تجاهلتها الدولة المغربية، منذ عام 2001 اعترافا مؤسسيا تجسد في إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والإدماج (الجزئي) للغة الأمازيغية في المدرسة العمومية ووسائل الإعلام. يبدو أن خطاب الملك الذي ألقاه يوم 9 مارس 2011 كان خطوة جبارة على الدرب الذي أدى إلى الاعتراف الدستوري بالأمازيغية.
تتبع هذا السلسلة من المقالات عملية صياغة هذا المطلب الهويتي من قبل الحركة الأمازيغية ويوثق لمختلف الرهانات والنقاشات الحالية حول تطور المسألة الأمازيغية: الاعتراف مقابل الاسترداد؛ التوحيد والمرور إلى الكتابة؛ اللغة “الوطنية” مقابل اللغة “الرسمية”.
في المغرب، يعود ظهور المطلب الأمازيغي إلى نهاية الستينيات وبداية السبعينيات. وفي هذا الوقت توحد المثقفون (من الطبقة الوسطى الحضرية والمتعلمة) والمنظمات الثقافية النقابية فيما بعد تحت اسم “الحركة الثقافية الأمازيغية”، وبدأوا يناضلون من أجل الارتقاء باللغة والهوية الأمازيغيتين. كان عليهم إعادة تعريف الأمة المغربية على ضوء التعدد الثقافي. وحتى ذلك الحين، كانت العقيدة الرسمية للهوية المغربية، المكونة من العروبة والإسلام، تنطلق من التجانس الثقافي.
على مستوى بناء الهوية الخطابية، يسلط المثقفون الأمازيغ الضوء على تبني اسم مشترك. يختارون مصطلح “أمازيغ” ويرفضون رفضا قاطعًا تسمية “البربر” التي تعتبر قدحية وتحقيرية. رمزية الاسم مهمة في هذا التعيين الذاتي حيث تصحح المجموعة الاجتماعية التي تبني هويتها الأسماء التي يعينها الآخرون وترفضها. لاحظوا، مع ذلك، أنه في بداية الجهر بمطلبهم، خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، كانت كلمة “البربر” هي التي استخدمها المثقفون الأمازيغ في أغلب الأحيان.
يفسر السياق السياسي في ذلك الوقت الذي كان مغلقا أمام أي حرية تعبير وكذلك هشاشة الحركة الناشئة هذا التكتيك. لم يتم استخدام مصطلح “الأمازيغ” بشكل صريح إلا في الثمانينيات.
المفهوم الآخر الذي استمد منه خطاب الهوية الأمازيغية نقاشاته في أيامه الأولى هو “الثقافة الشعبية”. بالنسبة للمثقفين الأمازيغ، فإن تعزيز الثقافة الشعبية يعني تعزيز الثقافة البربرية. سمحت هذه الفكرة المركزية للحركة الناشئة بالتأكيد على أهمية التراث الشفوي كجزء من التراث المغربي.
ومع ذلك، ظلت النقطة الأهم هي التركيز على الأمازيغية كلغة. ردا على المعارضين الذين يعتبرون اللهجات البربرية أدنى من اللغة العربية المقدمة على أنها لغة القرآن والبلاغة، يعتمد المثقفون الأمازيغ، الذين يتكون جزء كبير منهم من اللغويين، على تعريفات اللغة المقدمة من قبل لغويين معترف بهم على الصعيد الدولي لإثبات أن معيار الكتابة في تعريف اللغة نابع من رؤية أيديولوجية. اللهجة ليست لغة بدون نظام كتابي، لكنها لغة فشلت سياسياً.
مر المطلب الأمازيغي بعملية طويلة من بناء الهوية على مستوى الخطاب (الإنتاج اللغوي، الأدبي، الأيديولوجي)، على مستوى التنظيم (الجمعيات، التنسيق، التدويل) وعلى مستوى المطالبات (من الثقافية إلى السياسية) .
إليكم، في ما يلي بعض الإشارات التاريخية.
في عام 1967، تم إنشاء الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي في الرباط. وقد حددت لنفسها أهداف الترويج للثقافة والفنون الشعبية والقيام بأعمال جمع وتسجيل التقاليد الشفوية. كان اختيار اسم الجمعية عملا استراتيجيا. تجنب مؤسسوها كلمة “أمازيغ” وأكدوا على الطابع الوطني “المغربي” للجمعية.
في ذلك الوقت، اتسمت سياسة المغرب المستقل حديثًا بالرغبة في بناء الوحدة الوطنية والقطع مع المفهوم الاستعماري للتقسيم العربي/الأمازيغي. كان الحديث عن البربر من المحرمات لأنه كان مرادفا للاستعمار والهجوم على مقومات الوحدة الوطنية.
(يتبع)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد