الرائدة في صحافة الموبايل

غفساي .. تنظيم ندوة حول زواج القاصرات بين القانون والممارسة

نظمت جمعية الزيتونة للتنمية والتضامن الاجتماعي بغفساي يومه السبت 03 أبريل 2021 بفضاءات المسبح البلدي بغفساي المركز، ندوة حول موضوع: “زواج القاصرات بين القانون و الممارسة”، من تأطير السادة:
عبد اللطيف الدراز باحث في سلك الدكتوراه بمسلك القانون وموثق عدلي لدى محكمة غفساي .
والسيدة : فاطمة بوبكر فاعلة سياسية وجمعوية ومستشارة بالجهة وعضوة المجلس المحلي البيبان.
وبحضور مجموعة من الفعاليات الجمعوية والسياسية والحركات النسوية المحلية..

واستهلت السيدة خديجة مريزق بصفتها رئيسة الجمعية أشغال هذه الندوة المحلية بكلمة افتتاحية ترحيبة للسيدات والسادة الحاضرون على تلبية الدعوة وتكبد عناء التنقل ، تناولت فيها السياق العام لتنظيم هذا اللقاء في ظل توالي صدور التقارير الوطنية والدولية التي تدق ناقوس الخطر حول تنامي ظاهرة تزويج القاصرات خصوصا على مستوى دائرة غفساي في السنوات الأخيرة و التي تحولت من استثناء إلى قاعدة، حيث تطرح إشكاليات عميقة على مستوى التطبيق الفعلي للقانون والأعراف والتقاليد الاجتماعية، في ظل وجود عدة قوانين ( المادة 20 و 21 من مدونة الأسرة). لا تحترم عقود الزواج التي يكون أحد طرفيها قاصرا. كما اعتبرت زواج القاصرات اغتصاب للطفولة في حد ذاته.
بعدها تطرق ضيف الندوة الاستاذ عبد اللطيف الدراز في مداخلته، لإشكالية تزويج الطفلات من خلال مقاربتها من زاوية الاتفاقيات والمؤتمرات الدولية، و المساطر الإدارية والمواد القانونية، وأضاف، أن مدونة الأسرة وإن وحّدت سن الزواج بين الجنسين وحددته في 16 سنة، إلا أنها أجازت وبشكل استثنائي النزول عن هذا السن بمقتضى مقرر قضائي معلل يبين مصلحة القاصر، وكذلك مراعاة الدين الإسلامي كمرجعية للدولة المغربية .بعد الاستماع إلى أبوي القاصر والقيام ببحت اجتماعي أو اجراء خبرة طبية،وأضاف المتدخل أن حصيلة تطبيق مدونة الأسرة كشفت الثغرات في المواد المتعلقة بزواج القاصر، بحيث أن المشرع لم يلزم المحكمة بالاستماع إلى الطرف القاصر، كما أن الطرف الراشد أو “الخطيب” يعتبر أجنبيا عن هذه المسطرة، والحال يفرض اعتباره طرفا رئيسيا، حيث أسفر هذا الإجراء في كثير من الأحيان عن اكتشاف حالات لعدم موافقة الفتيات القاصرات، كما أن عددا من المحاكم سنّت إجراء استدعاء الخاطب والاستماع إليه، والتنصيص على اسمه في مقرر الإذن بالزواج، تفاديا لمنح إذن قضائي مطلق، يمكن التحايل عليه؛ كما فرضت الاختصاص المحلي، معتبرا أنه وبالرغم من هذه القيود يبقى زواج القاصر في أحوال كثيرة محكوما عليه بالفشل وهو ما يبدو في كثرة النزاعات المترتبة عنه، من دعاوى نفقة، وتطليق وإهمال أسرة وشكايات طرد من الزوجية، وعنف زوجي، حيث تكتشف العديد من الفتيات وجود هوة بين تصورهن المثالي لمؤسسة الزواج والواقع الذي يعشنه، معززا طرحه بمجموعة من الوقائع التي تعيشها المحاكم.
ثم قامت السيدة فاطمة بوبكر بإغناء الندوة بعرض حول الممارسات الشائعة في المجتمع المحلي ، حيث أكدت على وجود حالات عدم احترام مصلحة للقاصر في الزواج، إذا لم يتم الاستماع إليها قبل خطبتها والوقوف على مدى التوافق في السن والفكر والطباع وعدد من التقارير والدراسات التي أرجعت أسباب تنامي الظاهرة إلى الفقر، وعدم المساواة بين الجنسين، وضعف إمكانية الحصول على التعليم، وخدمات الصحة الجنسية والإنجابية، و الخروج من متابعة الدراسة ونقص فرص العمل اللائقة.
وأضافت المتدخلة، أنه أمام هذا القصور في تطبيق مدونة الأسرة حاول القضاء المغربي التدخل وسد هذه الثغرات عبر عدة إجراءات إضافية، من بينها الاستماع الى الطرف القاصر على انفراد،.
ودعت السيدة المستشارة في نهاية مداخلتها إلى التعجيل بتعديل المقتضيات القانونية التي تؤطر الموضوع إما بمنع زواج القاصر بشكل نهائي بتثبيت القاعدة وإلغاء الاستثناء، أو على الأقل وضع حد أدنى لسن الزواج وتحديده في 17 سنة، وإحاطة هذا الزواج بضمانات قانونية تكفل عدم استعماله كوسيلة للتحايل على القانون، وتكفل أيضا الوقوف على المصلحة الفضلى للقاصر، ومن المقترحات التي قدمتها في هذا السياق تقييد الطلبات بالاختصاص المحلي، وتخويل النيابة العامة وكل من له مصلحة الحق في الطعن في حالة الاستجابة إلى الطلب واعتبار الطعن موقف للتنفيذ، والجمع بين الخبرة الطبية والبحت الاجتماعي، مقترحة منح فرصة أكبر للفتيات القاصرات بمتابعة الدراسة والتمتع بحقوق الطفولة و تجريم التحايل على المقتضيات القانونية المتعلقة بزواج القاصر، واعتباره اغتصابا للفتاة القاصر و تعسفا يعرضها للامراض الجسدية والنفسية والاجتماعية.

واختتم أشغال فقرة المناقشة التي استغرقت أزيد من ساعتين عرفت تفاعلا كبيرا بين المتتبعين من طلبة باحثين وأكاديميين وسياسين وجمعويين ومهنيي التوقيق والعدلية، حيث تم التأكيد على أن تزويج الطفلات مشكلة مركبة يختلط فيها البعد الاجتماعي بما هو اقتصادي وثقافي وقانوني، وبالتالي فإن إيجاد حلول آنية لها لا يمكن أن يتحقق بمجرد اللجوء إلى الحل التشريعي، وهو ما يفرض أيضا ضرورة التصدي للظاهرة أيضا عبر السياسات العمومية، وبالأخص الاهتمام بتعليم الفتيات ومحاربة التسرب المدرسي والنهوض بأوضاع الفئات الهشة، وتعزيز قدرات الفتيات من خلال الاهتمام بالتكوين والتعليم حتى لا يبقى الزواج هو البديل الوحيد المتاح للأسر الهشة للتخلص من أعباء الفقر. مع الخروج بتوصيات أهمها خلق مراكز الإستماع والإنصات وتفعيل دور المساعدات الإجتماعيات على مستوى العالم القروي للقيام بدورهن في هذا المجال.
وبعد أن استعرضت مجموعة من النقاشات التي دارت في الندوة خلصت الى أن زواج القاصر هو اشكالية تبرز الفجوة الموجودة بين النص والتطبيق، من جهة وبين النص القانوني والتمثلات المجتمعية والخلفية والموروث الثقافي من جهة أخرى بالنسبة للجهات المكلفة بانفاذ القانون، وأشارت الى ضرورة الحرص على إدماج الاتفاقيات الدولية و الخقوقية، مع ضرورة مواصلة الأبحاث والدراسات حول أسباب تفشي زواج القاصرات وسبل معالجتها.
واخيرا اختتمت الندوة باستراحة شاي على شرف الضيوف والحاضرين .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد