الرائدة في صحافة الموبايل

رهانات تمازيغت بالمغرب (4/4)

أحمد رباص

في مجال الاتصال، أشار المستقيلان إلى أن “الأمازيغية ذات علاقة ضعيفة بوسائل الإعلام العمومي سولء كانت مرئية أومسموعة أو مكتوبة. هذا الحق في المواطنة في وسائل الإعلام بأنواعها طالبت به منذ فترة طويلة الحركة الثقافية الأمازيغية منذ ميثاق أغادير لعام 1991.
ومع ذلك، لم نشهد حتى عام 2004 اختراقا صغيرا في هذا المجال مع توقيع اتفاقية شراكة إطار بين وزارة الاتصالات و الجمعية المفربية للبحث والتبادل الثقافي. كانت هذه الاتفاقية تهدف إلى ترسيخ وتشجيع مكانة الثقافة الأمازيغية في مجال الإعلام والاتصال.
وهكذا، ابتداءً من 15 نوفمبر 2005، قامت القناة الأمازيغية في الإذاعة الوطنية بتمديد مدة بث برامجها بأربع ساعات من الساعة الثامنة صباحا حتى منتصف الليل بمعدل 16 ساعة يوميا. وهكذا مرت الإذاعة من 12 إلى 16 ساعة من البث اليومي ببرنامج أمازيغية متنوعة 100٪.
بالإضافة إلى ذلك، تم بشراكة مع وزارة الاتصالات، إنشاء لجنة دراسة مشتركة (ج م ب ت ث ووزارة الاتصالات) لتحقيق هدف زيادة دمج اللغة الأمازيغية في مجال التلفزيون الوطني.
بيد أنه لم يتم إنشاء قناة الأمازيغية حتى عام 2010. كانت هذه القناة التلفزيونية المغربية العمومية تهدف إلى تعزيز الثقافة الأمازيغية والحفاظ عليها في المغرب ومنطقة شمال إفريقيا.
وختتم البيان الصحفي بالحل الذي يطالب به المستقيلون للتخفيف من حدة هذه المشاكل، ألا وهو دسترة اللغة الأمازيغية.
وفي إطار رهانات دسترة الأمازيغية، نجد ان ممثلي الحركة الأمازيغية الذين يعتبرون أن الاعتراف بالهوية والثقافة واللغة الأمازيغية من قبل القانون الأعلى للبلاد يضمن حمايتها. ولم ترد الدولة على طلب الدسترة هذا إلا عندما اندلعت مظاهرات السخط التي أطلقتها حركة 20 فبراير.
في خطابه الذي ألقاه يوم تاسع مارس 2011، تناول الملك محمد السادس قضية الأمازيغية في سياق المراجعة الدستورية. ورأى البعض في ملاحظاته انتهازية سياسية خالصة ونوعا من إلهاء النشطاء الأمازيغ عن التقييم السلبي لدعم الأمازيغية (فشل تعليم الأمازيغية ، تحريم الأسماء الشخصية للأمازيغ ، خلق “إنشاء قناة تلفزية أمازيغية ضعيفة وصغيرة، إلخ).
سلطت النقاشات حول المراجعة الدستورية الضوء على تيارين مختلفين بشأن شكل الاعتراف بالأمازيغية في المغرب: من ناحية، هناك الذين يدافعون عن اللغة الأمازيغية كلغة وطنية. من ناحية أخرى، هناك مؤيدو الوضع الاعتباري للغة الرسمية.
تضمنت النسخة الأولى من النص الدستوري المقدم من الهيئة الاستشارية لمراجعة الدستور جملة واحدة تنص على أن “اللغة العربية واللغة الأمازيغية هما اللغتان الرسميتان للمغرب”. لكن مع اقتراب انتهاء المشاورات التي أجراها مستشار جلالة الملك محمد المعتصم مع الأحزاب، تم تعديل هذه الصيغة وتخفيفها بضغط من حزب الاستقلال وحزب العدالة والتنمية.
ويعتبر المتشددون الأمازيغ أن هذين الحزبين هما حزبان محافظان يدافعان عن مواقف يُنظر إليها على أنها مناهضة للأمازيغ.
أخيرا، أضفى النص الدستوري الذي تم تبنيه بعد استفتاء فاتح يوليوز 2011 الطابع الرسمي على الأمازيغية ، لكنه أفرغ هذه الصفة الرسمية من اي مضمون. تم تخصيص فقرتين منفصلتين لكل من اللغتين د، تنص على أن: “تظل اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة. وتعمل الدولة على حماية اللغة العربية وتطويرها وتعزيز استعمالها. وبالمثل، فإن الأمازيغية هي لغة رسمية للدولة، كإرث مشترك لجميع المغاربة دون استثناء. يحدد قانون أساسي عملية تنفيذ الطابع الرسمي لهذه اللغة، فضلاً عن طرق دمجها في التدريس وفي المجالات العامة للحياة العامة، من أجل تمكينها من تلبية اللغة الرسمية على المدى الطويل .
تبعا لذلك ، وحتى يكون إضفاء الطابع الرسمي على الأمازيغ فعالا، وجب اننتظار التصويت على قانون تنظيمي ذي صلة.
تباينت ردود فعل الفاعلين الأمازيغ في مواجهة النص الدستوري الجديد. اعتبر البعض إضفاء الطابع الرسمي على اللغة الأمازيغية إنجازا مهمًا للحركة الأمازيغية بعد سنوات طويلة من النضالات والمطالبات. في حين شجب آخرون هذا الشكل الرسمي باعتباره حلما كاذبا وانتقدوا اللغة التي كتب بها النص بحيث جعلته موضوع تفسيرات متباينة، على الرغم من أن النص الدستوري يجب أن يكون واضحا ودقيقا. كان البيان الصحفي الصادر عن المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات، بتاريخ 17 يونيو 2011، صريحا في هذا الصدد إذ رأى في إضفاء الطابع الرسمي على اللغتين العربية والأمازيغية في فقرتين منفصلتين إشارة إلى أن هناك بالتأكيد علاقة هرمية بين لغة رسمية أولى عربية وثانية أمازيغية.
ونظرا لأن اللغة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالهوية، فإن الفكرة التي ظهرت هي أنه، للأسف، يقسم الدستور الجديد المغاربة إلى فئتين متميزتين للغاية: مواطنون من الدرجة الأولى ومواطنون من الدرجة الثاني.
إن الاستحضار لقانون تنظيمي يحدد عملية تطبيق الطابع الرسمي لهذه اللغة وكذلك طرق دمجها في التعليم وفي المجالات ذات الأولوية في الحياة العامة دفع ببعض النشطاء الأمازيغ إلى طرح أسئلة معينة، مشروعة، بعد عقود من انتهاك كرامتهم وتدمير تراثهم الحضاري. هل سيضع هذا القانون التنظيمي الجديد كل شيء موضع تساؤل ويبدأ الأمور من الصفر؟ أم أنه سيأخذ بعين الاعتبار الإنجازات التي تحققت في السنوات الأخيرة خاصة في مجال التعليم رغم كل العراقيل بسبب عدم وجود حماية قانونية للغة الأمازيغية؟ كم من الوقت سيستغرق اندماج الأمازيغ؟ ماهو الحجم الذي ستأخذه ميزانيته؟
يبدو أن معركة أخرى أشد قسوة تنتظر المدافعين عن الأمازيغ. بدات هذه المعركة عندما حذر بيان المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات من نقطتين أساسيتين أخريين: عدم دستورية الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، على عكس المؤسسات الاستشارية الأخرى؛ وعدم احترام التسلسل الزمني في الجزء المتعلق بأبعاد الهوية المغربية “مع العلم أن الأمازيغ هو العنصر الأول والأصلي في كل هذه الهوية.
ونتيجة لذلك، دعا العديد من النشطاء الأمازيغ إلى اليقظة في مواجهة مستقبل غامض. هذا الموقف تم تلخيصه بشكل جيد في كلمات مريم دمناتي، الباحثة في (ج م ب ت ث) وعضو في المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات: “في هذا السياق، تم تشكيل لجان عمل في الأيام الأخيرة بين عدد قليل من الجمعيات الأمازيغية والأحزاب السياسية المتحالفة معها، مثل حزب التقدم والاشتراكية أو الحركة الشعبية لوضع خارطة طريق للإدماج الرسمي للغة الأمازيغية في المجالات العامة والإعداد لمحاربة القوى الأمازيغية المحافظة عن كثب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد