الرائدة في صحافة الموبايل

” لست إباحية.. بل بائحة!”

ضمن المجموعة القصصية بعنوان “عاهرات.. ولكن ” بقلم الكاتبة والقاصة نادية الصبار، نقترح عليكم:

قصةقصيرة -2- بعنوان : “… لست إباحية.. بل بائحة!”

رابط القصة -1- “فاض الكأس وصاحت.. مطلقة ولست عاهرة “

جاءتني تلومني… تنوح وتبكي وتشكي أني تعسفت على قصتها ولم أكتبها كما حكتها ولا أنا حكت خيوطها كما هي سربلتها.. فكثر على الأقل وهم من محيطي ومحيطها يدرون علاقتنا ويعرفون تمام المعرفة ويعلمون علم اليقين، أني أنا من كتبت قصتها “فاض الكأس وصاحت.. أنا مطلقة ولست عاهرة”. بدأت تصرخ في وجهي: ” فضحتني، فضحتني يا سافلة”. لم أعر ذات الاهتمام المتوقع لسماع كلمة مماثلة، لأني لست سافلة، وكفى.. لكن؛ كان علي الرد، فهي ملهمتي وحق لها علي أن أرد.
استجمعت قواي التي خارت، ولملمت ما بقي من كرامة وقلت لها أنه بأحايين كثيرة ما يكون للكاتب أساليب “لعينة “، حتى لا نقول”بريئة “، في اللعب على الأوتار وملاعبة الحروف ومعانقتها حد الخلود والضجع إليها حتى النفور.. إنها غواية والملهمة راقصة وربما ساحرة وشيطان متلبس أو جنية أو مارد، يسكننا فيجبرنا على التملص ليس مما سمعناه وشهدناه، او حتى مما عشناه، بل التملص من هذا العالم الأرعن، من عالم المتناقضات لعالم الممكنات، فأنا لم أترجم يا عزيزتي الموقرة وغير العاهرة قصتك بإخلاص، ليس لأني لست مخلصة والكتابة عدوان… بل؛ لأنها وسيلة لترجمة، ليس “قصتك”، بل لترجمة قناعاتنا ككتاب من المفروض فيهم الإخلاص، ليس للقصص كما عاشوها أو سمعوها. بل؛ الإخلاص حد النسك لأرق  شديد رافقنا منذ الغواية الأولى، ومنذ ولادة “ولادة” التي تجيد ملاعبة الحروف فينا، ليست قصتك إلا زنادا ضغطناه فنكون كمن يشرب الجعة ليفرغ الجعبة. فنحن ك”ولادة” تمكن القاريء العاشق من قبلة يشتهيها وتبسط صحن خدودها لمن يبغيها. فلاهي قالت ما قاله ابن زيدون حين سمع ما قالت ولادة.. “أجمل الشعر أكذبه ” ولا هي سكتت بل أوقفتني وقالت أني ” إقطاعية”، احتكرت قصتها لأنسج على منوالها قصتي، فقلت: أني لست مثلها أهتم للتأويلات، فلو كنت كذلك، لما هممت بالكتابة، فالكتابة في حد ذاتها انتصار… والسرد بالنسبة لك تفريغ، دعيهم يأولون.. فمنذ زمن قررت أن أكون عاهرة حتى أكون بائحة.. فالعنوان الذي استفزك لا يعنيك في شيء، لست أنت العاهرة بل قلمي عاهر، ليس لأنه يبيع المداد للعباد، تا الله ما أنا أضع كلمي بالمزاد، ولكني أخذت على عاتقي الجرأة والتجرد والعصيان والتمرد.
فالعهر عندي؛ أن أتعرى من الحشمة، أن أكسر كل اللاءات بداخلي، أن أكتب بحرية ودون قيد.. لأن الكتابة ملاذي الأخير الذي أسكن إليه كلما أحسست بالضيق بين دهاليز سجون لا أبرحها إلا حين أكتب.
طيب، ولما استرلست بالوصف وذكرت ما لايجب أن يذكر، وصورتني للعباد ورب العباد كامرأة تهوى الجنس… استوقفتها وقلت لها ما له الجنس؟! … يجب أن نعشقه، هو رغبة فينا أحببنا أم كرهنا… فردت: لا وألف لا، ليس من حقنا التعبير عن هذه الرغبة البيلوجية فينا ولا هذا الاحتياج العاطفي القابع فينا، إن حققناه فنعم، وإن فشلنا فلا نكشف بلوانا، فأنا لست عاهرة حتى أزيح الستار وأكشف النقاب وأتكلم في الممنوع وأظهر المستور. فقلت لها يا ملهمتي ويا سيدتي، لست العاهرة وقصتك، بل أنا “كاتبة عاهرة “، أنا من تعرت وهي تسرد اقتباسات من تلابيب قصة؛ هي قصتك وقصة آلاف من النساء.
نحن بحاجة أنا وأنت لمساحة بوح، فلست إباحية أنا بل بائحة!… وشتان بين الإباحية والبوح، علي أن أكون عاهرة من أجل سيدات العالم وأن أتحدث في الممنوع، علي أن أقرع الطبول… كفانا صمتا!… كفانا نعيش دور المقموع!.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد