الرائدة في صحافة الموبايل

المجال الحضري والقروي “برزخان لا يبغيان “.. فأين سؤال التنمية؟!

كتب نافع وديع

مغرب مزدهر، مغرب الكفاءات، مغرب الإدماج، مغرب الإستدامة.. شعارات رفعها النموذج التنموي الجديد الذي جعل من المواطن المغربي محور إهتماماته وإنشغالاته. لست هنا أشكك، لكن؛ ثمة واقع مرير طافح على السطح..

فأي مواطن نعنيه، وهل لمواطن العالم القروي في التنمية الحقة نصيب؟!.. لا يمكن البتة الحديث في هذا المقال عما يعانيه هذا الأخير  منذ عقود خلت  من التهميش والإقصاء، لكنه على الأقل حاضر جدا وبكثافة عند كل انتخابات وبكل المشاريع التنموية، لدرجة أصبح معها مواطن هذا العالم الذي يسمونه “قروي “، مجرد أداة للإستهلاك الإعلامي والمساومات الحزبية والنقابية.

فعن أي تنمية للعالم القروي من أجل مواطن قروي مندمج في محيطه وقادر على مسايرة روح العصر؛ نتحدث؟!

تعتبر التقارير الدولية امنظمة الفاو FAO لعام 2015؛ أن 80 في المائة من فقراء العالم يقطنون العالم القروي، ولا يستثنى المغرب من ذلك. أما فيما يتعلق بالتقارير والإحصائيات الوطنية فيكفي أن نتوقف عند ما جاءت به المندوبية السامية للتخطيط أو المجلس الأعلى للحسابات حتى نفزع للخلاصات، فالتمدرس والصحة والاقتصاد والثقافة والرياضة.. ومجالات أخرى حساسة جدا،لم يكن للمواطن القروي أي حظ فيها أو نصيب.

إن مواطني العالم القروي، لم يطرحوا يوما سؤال التقسيم العادل للثروة أو خرجوا يوما يطالبون بحقوقهم أو حرضوا على العنف أو تجاوزوا القوانين.

المتتبع البسيط يلحظ أنه طوال عقود من الزمن كانت الساكنة القروية منشغلة بكسب قوت يومها والحفاظ على أمن واستقرار أسرها، حتى إذا ما فشلت في التامين الغذائي وذلك أضعف الإيمان، غادرت في صمت مساكنها نحو المدن أو نحو الضفة الأخرى.

إن أول شعار رفعه ثوارالثورة الفرنسية؛ أن الناس جميعا سواسية أمام القانون، ولكن الواقع يؤكد عكس ذلك وأن الثوار أخطأوا التقدير، فحتمية الجغرافيا والطبيعة تقول أننا غير متساوين، فهناك فرق كبير بين مواطن نشأ في العاصمة الرباط وآخر نشأ في بادية بالريف أو بالشرق أو بالشاوية، فلا التعليم نفسه، مع غياب أماكن الترفيه، وأما التغذية فينهج أصحابها سياسة الكفاف والعفاف والغنى عن الناس، والتقشف العمد بعيدا عن السياسات أو التوصيات، بل هو أسلوب حياة، أما التطبيب فلا داعي للحديث، فلا زال الولوج إلى الحق مستحيل.

فالإختلافات بين العالمين تفوق مد البصر، عالم المدينة وعالم القرى والبوادي والمداشر برزخان لا يبغيان ولا يلتقيان، ومن رسخ هذه التفاوتات، الإرث الاستعماري من جهة والدولة من جهة أخرى بالدرجة الأولى والمسؤولون المحليون بالدرجة الثانية والساكنة  بالدرجة التالثة، التي تنتخب أشخاصا يفتقدون للحد الأدنى من الكفاءة وتحمل المسؤولية والغيرة على أبناء جلدتها.

فسؤال التنمية بالعالم القروي، يسائلنا جميعا ويسائل الضمير الكوني بصفة عامة، كما يطرح علينا مفارقة محرجة ومخجلة، مفارقة تعتبر المواطنين عموما متساوين في كل الحقوق والواجبات، وبكل يوم وشهر وسنة وعقد؛ تتوسع الهوة بين المجالين الحضري والقروي وتزيد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد