الرائدة في صحافة الموبايل

جماعة الصباح بين إخفاقات الماضي وإرهاصات المستقبل

عبد الهادي مرجان

عرفت جماعة الصباح منذ نشأتها سنة 1992 تعاقب أربعة رؤساء من أبناء القبيلة الأمر الذي يفسر وبكل جلاء المعيار الأساسي للانتخاب والمتجلي في الانتصار لابن القبيلة ، والذي هو في كل الأحوال ابن العمومة ، ولا يمكن عدم نصرته أمام (البراني).
ولعل الحرب التي شنت على أحد الأساتذة الجامعيين إبان ترشحه في ولاية سابقة خير شاهد .
وفي ظل هذا الوضع لا يمكن الحديث عن الكفاءة ، و أيضا لا يمكن محاسبة المنتخبين و مطالبتهم بعرض منجزاتهم لأن هذه المنجزات لم يكن معلنا عنها إبان الحملات الانتخابية ، بل ما كان يُطلب هو مد العون لابن عمومتهم بمنطق : (عاونوا ولد عمكم ) .
ومع تأسيس مركز الجماعة المتمثل في تجزئة السلام سنة 1996 عرفت البنية الديموغرافية للجماعة تغيرا جذريا ، إذ أصبحت التجزئة تضم أكبر كثافة سكانية غالبيتهم لا تنتمي إلى القبيلة ، كما أنها أصبحت تقرر في مصير ثلث المجلس بمعدل ثمانية مقاعد .
و نتج عن هذه الوضعية ظاهرة غريبة تتمثل في استعانة بعض المرشحين بالسماسرة في محاولة لاستمالة الناخبين و توجيه العقل الجمعي ، وذلك بترسيخ أفكار غبية تجاوزها الزمن مفادها أن الرئاسة لا بد لها من صاحب الأموال (مول الشكارة) ، وكأنه سيخصص جزء من ماله لضخه في ميزانية الجماعة .
و للأسف الشديد انتشرت هذه الأفكار انتشار النار في الهشيم متغذية من الهشاشة الاجتماعية وتدني منسوب الوعي لدى أغلبية الساكنة .
و مع تشييد ثانوية عبد الله ابراهيم التأهيلية بتجزئة السلام خلال الولاية الانتدابية السابقة ، والتي أعتبرها حسب رأيي الشخصي أهم إنجاز في تاريخ الجماعة ، بدأ مستوى الوعي يرتفع خاصة في صفوف الشباب ، الذين بدؤوا يفدون على الجامعات و المعاهد العليا ، هذه الصحوة زكاها انتشار شبكات التواصل الاجتماعي ، حيث وجد فيها معظم الشباب ملاذا للتعبير عن قضاياهم و مشاكلهم والإدلاء بتصوراتهم إزاء تدبير الجماعة وكل ما يهم الشأن المحلي .

واليوم وفي ظل كل هذا الصخب و التحول الذي تشهده الجماعة خاصة و الإقليم عامة ، تقف جماعة الصباح في مفترق الطرق ، لتكون معتركا لخصوم سياسيين كانوا إلى وقت قريب حلفاء فوق العادة .
فهل يؤدي هذا الصراع إلى إفراز نخبة قادرة على لم الشتات و رأب الصدع للخروج بالجماعة من المنطقة المظلمة من التاريخ على الصعيد التنموي ؟ نخبة نظيفة لا تحركها المصالح الشخصية و تحمل مشروعا تنمويا وتصورا شموليا يراعي خصوصية المنطقة الاجتماعية و الاقتصادية . أم أن هذا الصراع لا يغدو أن يكون حربا لا أخلاقية تستعمل فيها كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لإبراز شخص يوظف مجموعة من الأشخاص كانوا جزء من أزمة الأمس للترويج له ولعب دور الوسيط بينه و بين الساكنة .
في هذه الحالة سنكون أمام اجترار أخطاء الماضي وإعادة استنساخ التجارب السابقة مما قد يجر الجماعة إلى طريق اللاعودة ، و سيكون له الوقع الخطير على مستقبلها . لذا على الشباب أن يكون واعيا بحساسية المرحلة وأن يتحمل مسؤوليته شياتجاه جماعته و أن يفرض على المرشحين المفترضين احترام ذكائه من خلال تقديم أشخاص أكفاء
و برامج تنموية واقعية وقابلة للتطبيق .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد