الرائدة في صحافة الموبايل

قصة الدعم المالي للأحزاب السياسية.. البداية كيف كانت؟!

نافع وديع، مهتم بقضايا التاريخ

في الجزء الثالت من مذكرات الجابري “في غمار السياسة ” يحكي لنا قصة طريفة حول الخلفيات التي وقفت وراء سن قانون دعم الأحزاب السياسية ماليا في حملاتها الإنتخابية.
بقدر ما تحملها هذه القصة من طرافة وغرابة ،بقدر ما تحيلنا في نفس الوقت على معدن رجالات السياسة أنذاك ودماثة أخلاقهم وقيمهم ، وهو الشيئ الذي نجده الآن مفقود في جل المؤسسات الحزبية وبكافة تلويناتها الإديولوجية.
في هذا السياق يحكي لنا الجابري عن قصة 120مليون سنتيم ، لمساعدة الإتحاد الإشتراكي في الحملة الإنتخابية! يقول :”قبيل إبتداء الحملة الإنتخابية التي أقيمت بمناسبة إنتخابات 16مارس 1977زرت المرحوم عبد الرحيم بوعبيد ذات صباح .قلت :«هل من جديد» تبسم وقال فعلاهناك جديد …لقد زارني إدريس البصري وزير الداخليه ومعه 120مليون سنتيم ،قال إنها له لمساعدة الحزب في تمويل حملته الانتخابية…. ثم واصل الاستاذ بوعبيد شرح القصة بالتفصيل للأستاذ الجابري وكيف أنه رفضها منه ، مبررا قراره أن الإتحاد لايقبل مساعدة مهربة .غير أنه إقترح فكرة إصدار مرسوم حكومي يلزم الدولة بمساعدة الأحزاب السياسية في حملاتها الإنتخابية …” . وهذا ما تحقق بالفعل في تلك السنة بفضل الإقتراح الحكيم من الأستاذ عبد الرحيم بوعبيد ، غير أن مسار التاريخ لايمكن التنبئ به مطلقا ، فعوض أن تستغل الأحزاب السياسية هذا الدعم المادي في مبادرات ومشاريع جاذة ووطنية ، بدأت توزعها كغنائم وتزكيات ريعية لهذا المنتخب أو ذاك. فأن يبدأ الدعم المادي ب 120مليون للحزب الواحد ويتحول اليوم بسرعة ضوئية لأرقام فلكية تعد بالمليارات دون أي إضافة تقدمها هذه الأحزاب ، فهذا شيئ لم يكن يتصور ولايخطر على بال حتى أكثر المتشائمين السياسيين أنذاك .
وبالرجوع لقصة الجابري فإن القصة لا تنتهي عند هذا الحد فقط ، بل سيكون لها ما بعدها بعدما يعي مناضلي الإتحاد الإشتراكي, بأن هذا الدعم كان مجرد وسيلة لتدجين الحزب وإدخاله لمسرحية الإنتخابات المزورة التي كان يشرف عليها إدريس البصري أنذاك .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد