الرائدة في صحافة الموبايل

البرنامج الانتخابي تعاقد اخلاقي أم إطلاق للكلام على عواهنه

كتبه عبد الهادي مرجان

تتنافس كل الاحزاب خلال موسم الانتخابات في تقديم برامج انتخابية و الترويج لها عبر كل القنوات المتاحة ، وقد تَصْرٍفُ في هذا الصدد أرقاما فلكية من الدراهم ،لطباعة المنشورات بملايين النسخ ، فضلا عن الحملات الانتخابية و ما يصاحبها من تدافع بين الفرقاء يصل حد الشجار لأجل ولوج الأحياء و توزيع الحد الأقصى من نسخ البرنامج الانتخابي .
ولكن الغريب في الأمر أن المجهودات المبذولة في توزيع البرنامج على الساكنة و تغطية أكبر رقعة جغرافية ممكنة ، تتلاشى أثناء إعداد تلك البرامج الانتخابية والتي تعتبر الحجر الأساس للعملية الانتخابية ككل .
إذ أغلب الأحزاب لا تولي عملية صياغة برامجها الانتخابية اهمية بل تحشوها بأي شيء دون مراعاة لذكاء المتلقي ،
إذ عند تصفح بعض تلك البرامج تجد المرشح لرئاسة المجلس يتوعد بإحداث قطب عمراني او مدينة جديدة بل حتى ملعب كبير بمواصفات عالمية .
في مقابل إسقاط قطاعات حيوية كالصحة و التعليم من حساباتهم .
و لعل هذا راجع إلى إغفالهم للمعنى الحقيقي للبرنامج الانتخابي باعتباره تعاقدا أخلاقيا بين المُنْتَخَبٍ و المُنْتَخِبٍ وجب اختيار مضمونه بعناية تامة و الاستعانة بأهل الاختصاص لاجل ذلك . عوض إطلاق الكلام على عواهنه لملئه بأي شيء لانه ضرورة حتمية وعبء وجب التخلص منه .
مما يخرج لنا برامج بعيدة عن الواقع و لا تلامس مناحي الحياة الأساسية للساكنة وغالبا ما تكون غير قابلة للتطبيق على ارض الواقع .
ويجعلها حبرا على ورق ، لتتعالى الأصوات ساخطة ومنتقدة بعد ذلك لعدم الالتزام بالوعود المقطوعة به واسحالة تنفيذها .
و لعل السبب الأهم الذي أنتج هذا الواقع الأعوج هو تنصل الأحزاب من قيام الدور الذي أناطه بها الدستور والمتمثل في تاطير منخرطيها ، مما جعلها عاجزة عن انتاج نخب قادرة على الإدلاء بأفكار واقعية قابلة للتطبيق وتداولها في إطار جو ديموقراطي لصياغة برامج متكاملة تكون من المواطن و إليه .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد