الرائدة في صحافة الموبايل

الصحافي ياسر أروين.. عندما تُفتض بكرة صاحبة الجلالة في بلدي

تصوروا معي لو أن محاميا تعرض للسب والشتم والقذف بكلام نابي، أثناء قيامه بواجبه المهني أمام أعين السلطات الأمنية، ماذا كان سيقع؟

تصوروا معي لو أن أستاذا تعرض للسب والشتم والقذف بكلام نابي، أثناء قيامه بواجبه المهني، أمام أعين السلطات الأمنية، ماذا كان سيقع؟

تصوروا معي لو أن شرطيا، تعرض للسب والشتم والقذف بكلام نابي، أثناء قيامه بواجبه المهني، أمام أعين المسؤولين، ماذا كان سيقع؟

تصوروا معي، لو أن موظفا أومستخدما كيفما كان نوعه وقطاعه ومهمته، تعرض للسب والشتم والقذف بكلام نابي، أثناء قيامه بواجبه المهني، ماذا كان سيقع؟

على الأقل، كانت ستتحرك النقابات ونشطاء التواصل الاجتماعي والحقوقيون، دفاعا عن من تعرض للإهانة، وكان المجتمع المدني سيدخل على الخط، ويهدد بمقاضاة الجاني حتى أمام مؤسسات المجتمع الدولي.

هذا، إن لم تنتصب إدارة الضحية كطرف في القضية، وترفع دعوى قضائية ضد المعتدي، ويتحول الضحية إلى بطل بين زملائه ولدى الرأي العام…

وكانت الدنيا ستقام ولا تقعد، حتى يحاسب الجاني أو على الأقل تتخذ في حقه إجراءات تأديبية، أو يتابع قضائيا…

كل ما سيقع من ردود أفعال، سيكون إيجابيا ومحمودا، بل مطلوبا، دفاعا عن شرف المهنة التي ينتمي إليها الضحية، وعن قداسة الخدمات التي يقدمها، باعتباره جزءا من منظومة المؤسسة، الجهاز أو القطاع أو الدولة، ولنا أن نسميها كيفما نشاء.

وكان الجسم الصحافي بالمغرب، كله سيهب هبة رجل واحد ويحول الملف إلى قضية رأي عام، وسيضغط الجميع من أجل محاسبة الجاني.

مناسبة هذه المقدمة الطويلة العريضة، هي صدمتنا الكبيرة جراء ما تعرض له أحد الزملاء الصحافيين، من سب وإهانة وقذف بكلام مبتذل، يندى له الجبين، من طرف مستخدم بإحدى فرق كرة القدم، بعد خسارة فريقه ونزوله إلى دوري الدرجة الثانية.

وتوفر شريط مصور، يظهر المستخدم وهو يوجه أسلحته “الزنقاوية” إلى صحافي ذنبه الوحيد أنه يحمل آلة تصوير، أو هاتفا نقالا ويقوم بواجبه المهني، ليتعرض إلى هجوم بشع وغير مبرر، استعملت فيه عبارات العضو الذكري وما جاورها…وهنا نشير إلى أن الحادثة تعني في دول أخرى معاقبة المستخدم وفريقه ورجال الأمن الحاضرين الذين لم يحركوا ساكنا…

والخطير في الأمر من وجهة نظرنا، أن ما وقع، وقع أمام مرأى ومسمع من رجال الشرطة، الأمر الموثق في الشريط/الفضيحة، حيث مستخدم مكلف بأمتعة فريق “المغرب التطواني” الذي انهزم وخسر مكانته في دوري الأضواء، كال من السب والقذف والتهم، وقال في حق الصحفي ما لم يقله مالك في الخمر، ورجال الأمن بمختلف رواتبهم، يتفرجون وكأن المستخدم له حماية خاصة وحصانة تعفيه من المتابعة…

عودة إلى مقدمتنا، فعندما يقع ما تصورناه وهو أمر وقع وعايناه، تنطلق الأقلام الصحفية وتدين وتنتقد… لكن وبما أن الأمر يتعلق بابن جلدتنا فلا أحد تكلم أو حتى علق، أما بالنسبة للحقوقيين والمحامين ورجال السلطة القضائية، فلم يعيروا اهتماما للموضوع، فلا شيء وقع غير إهانة السلطة الرابعة أو صاحبة الجلالة…فهي الجدار القصير الذي يتخطاه الجميع بكل سهولة، وتلصق به جميع التهم والموبقات دون أن يتحرك أهلها أو ينبسون بكلمة…

قد يقول قائل أن الضحية لم يكن صحافيا، ولا يتوفر على البطاقة المهنية الموقعة من طرف “يونس مجاهد” رئيس “المجلس الوطني للصحافة”، وغير منتم لـ”النقابة الوطنية للصحافة المغربية”، التي يرأسها الزميل “عبد الله البقالي” الذي تظاهرنا أمام المحكمة الإبتدائية بالرباط، عندما استهدفه وزير داخلية سابق، وجفت حناجرنا بالشعارات المتضامنة معه، وبالمناسبة لا أعرف حتى إسم الصحفي المعتدى عليه أو المؤسسة الإعلامية التي يشتغل بها.

لكن هذا القول مردود عليه، على اعتبار أن المستخدم المكلف بأمتعة فريق “المغرب التطواني”، لم يسب ويستهدف الصحافي الضحية فقط، بل هاجم الجسم الصحافي برمته، واستعمل كما قلنا سابقا عضوه الذكري وأصابع يده، واتهم الصحافيين بالشذوذ الجنسي… وهنا ندعو القراء والمهتمين إلى مراجعة الشريط المصور الذي أستحيي شخصيا من نشره، لما يحمل من كلمات نابية كافية لوحدها لإدانة المعتدي.

بالمناسبة، لن أعاتب المحامين والحقوقيين ونشطاء التواصل الاجتماعي ورجال الشرطة، رغم أن قضاياهم وملفاتهم نتبناها دائما وبشكل موضوعي، وننشرها على جميع الجرائد والمنصات التي اشتغلنا فيها ونشتغل فيها…ولن ننزه الحقل الصحافي ونقول إنه يضم الملائكة…إنه يضم الشياطين والمرتزقة وأصحاب رؤوس الأموال، الذين لا تربطهم أي علاقة بصاحبة الجلالة، بل يضم تجار مخدرات ومبيضي الأموال وهلم جرا، وهذا تفصيل سنعود إليه لاحقا متى سنحت الفرصة.

بالمقابل، وكصحافيين مهنيين، مارسوا المهنة لأزيد من 20 سنة في الظل، ودون مزايدات أو متاجرة بالملفات والقضايا الوطنية، ودون بحث عن الأضواء والشهرة وبزهد يشهد عليه القاصي والداني…نقول كفى لقد وصل السيل الزبى…توصلنا بالشريط الصادم بعد تصويره بدقائق، وارتأينا عدم التعليق عليه على أمل فتح تحقيق في الواقعة، ودخول مجلسنا الوطني ونقاباتنا بكل تلاوينها وانتماءاتها أو مظلاتها السياسية إن صح التعبير على الخط، لكي لا نتهم بالتسرع أو بسبق الأحداث…دون جدوى…فأين هو مجلس “مجاهد” ونقابة “البقالي”؟، ألا يدخل في اهتماماتهم ما وقع…

أليس من حقنا عليكم كصحافيين وكمهنيين، أن تدخلوا على الخط وتدافعوا عن كرامتنا التي مرغت في التراب، وعن بكرتنا التي افتضت على مرأى ومسمع منكم مرات عديدة، ولا نريد هنا التفصيل لأن الوضع لا يسمح، لكنه سيسمح في القريب العاجل، لأنه كما قلنا وصل السيل الزبى.

هل نغادر هذا الوطن، الذي ارتأيناه جميلا ويسعنا جميعا، لنمارس مهنتنا المقدسة وحقوقنا الكونية في بقعة أرضية أخرى خارج الحدود، تسمح لنا على الأقل بالتحرك في الحدود الدنيا المتعارف عليها دوليا وإنسانيا.

ليست لدينا أي مشكلة مع النقابة أو المجلس، فمعظم قادتها أصدقاء لنا وعشنا معهم لحظات حزن وفرح، بل وتقاسمنا معهم هموم الوطن وآماله، وحاورناهم في منابر ورقية، وقت لم يكن وجود أو حديث عن شيء إسمه الإعلام الإلكتروني أو البديل، ولا زلنا نتواصل معهم…لكن ما وقع في الماضي القريب أكبر منا ويسائلنا جميعا ويحرجنا كثيرا، فلا خير في أمة أهينت صحافتها وافتضت بكرتها…

في الختام، أتوجه بصفتي كصحافي مهني وباسمي الشخصي، وأناشد “عبد النباوي” الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للقضاء، الذي جمعتنا به محطات حقوقية عدة عندما كان يشغل منصبا حساسا في وزارة العدل وعندما أصبح رئيسا للنيابة العامة، واحترمنا تكوينه العالي وبهرنا بمقارباته القانونية لأوضاع البلاد، و”الداكي” الذي سبق وتقاطعنا معه خلال مزاولته لمهنته بمحكمة سلا بعد نشرنا لخبر حول ملف يتعلق بتورط بعض المحسوبين على جسم القضاء في ملفات فساد، وأفحمنا بكل صراحة بعد تواصلنا معه عبر وسيط صديق بحججه وأدلته الدامغة، و”الحموشي” الذي سبق ووجهنا له انتقادات لاذعة ومقالات نارية، عند تحمله مسؤولية إدارة حماية التراب الوطني، وتجاوب معنا في أحلك الظروف وأبان عن تقبله للنقد، وعن شخصية رجل الأمن الجديد…أناشدهم جميعا وأتوجه إليهم لفتح تحقيق في النازلة المشار إليها لحماية السلطة الرابعة، أو صاحبة الجلالة، أو المهنة المقدسة، التي لن يستقيم أي بناء ديمقراطي بدونها.

عندما تُفتض بكرة صاحبة الجلالة في بلدي بمباركة السلطات والنقابة والمجلس الوطني..مناشدة إلى “عبد النباوي” و”الداكي” و”الحموشي”

كتبه ياسين أروين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد