الرائدة في صحافة الموبايل

الصحافة رسالة لتهذيب الأذواق وليست مكبا لجمع ترهات الشوارع والأسواق!

كتب مرجان عبد الهادي

قبل سنوات وبالضبط قبل ظهور ما يعرف بالصحافة الالكترونية، كنت وبمعية مجموعة من الأصدقاء وعلى الرغم من حداثة السن نجتمع حول جريدة ورقية نتكبد الصعاب في سبيل تجميع ثمنها .وبمجرد أن تقع بين أيدينا نغوص في ثناياها ننهل منها الأخبار و الأحداث المتنوعة في كل المجالات من سياسة ورياضة وثقافة وحوادث…

نقلب صفحاتها بشغف، ولا نمل من إعادة قراءة المقالة الواحدة مرات وكرات نسبر أغوارها بدون ملل، وكثيرا ما توقفنا عند بعض المصطلحات الجديدة لنبحث عن معانيها مما ساهم في إغناء رصيدنا اللغوي و المعرفي ،ولطالما أثار إعجابنا الأسلوب الذي كتبت به بعض المواضيع، هذا ودون إغفال شبكة الكلمات المتقاطعة التي كانت تعتبر محطة للمتعة والإفادة والتنافس .

لكن وللأسف؛ اليوم وبعد أن أصبحت الجرائد الإلكترونية أكثر من سكان المغرب، تتسابق إليك الأخبار من كل صوب وحذب، وأول ما يثير انتباهك تلك العناوين التافهة والركيكة والمستفزة المصاغة بالعامية من قبيل :
فلان قطعو ليه لسانو ها علاش
الفنان الفلاني مغيكونش في رمضان ها كيفاش
حادثة بوقنادل وسرقة الصنادل
رونالدو كياكل الطنجية

وهذا التسيب جعل كل من هب ودب ينسب نفسه للجسم الصحفي، مما ساهم في إنتاج جيل من أشباه الصحفيين لا يفرقون بين المذكر والمؤنث، فقد قرأت لأحدهم :(نساء المغرب ما الذي أصابهم )
أما الأخطاء الإملائية والصرفية والتركيبية فلا يمكن حصرها لدرجة أنني أصبحت أبحث ضمن الموضوع الواحد عن بعض الجمل السليمة وليس العكس.

والمحزن في الأمر أن هذه الجرائد تحقق نسبا عالية من المشاهدة، وفي ظل هذا الوضع المخزي تحاصرني مجموعة من الأسئلة :
ما الذي حدث لينتكس الذوق العام للقراء بهذا الشكل؟ وما هي المعايير التي تختار بها هذه الجرائد الصحفيين ليلتحقوا بطاقم تحريرها؟ وهل نقل الخبر وصدقيته أهم من صياغته بأسلوب عذب يغازل العقول والقلوب؟ أم أن هذه الجرائد ليس أمامها خيار آخر لترويج مقالاتها وموادها الإعلامية؟

إن الحديث عن الحنين لأيام الجرائد الورقية لا ينبغي ان يفهم منه أنني أبخس الجرائد الإلكترونية، فهناك منابر إلكترونية محترمة تحترم ذكاء المتلقي وتسهم في نشر الوعي وتحارب الابتذال، لكنها لا تلاقي انتشارا واسعا بسبب عدم انغماسها في المنافسة على تحصيل أكبر عدد من المشاهدات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد