الرائدة في صحافة الموبايل

محمود درويش.. “الشاعر الفيلسوف”

كتب نافع وديع

يعتبر الشاعر الفلسطيني محمود درويش آخر الشعراء العرب الملتزمين بالقضايا الإنسانية الكبرى ، بحيث أنه لم يكن شاعرا فحسب، بل كان مثقفا تنويريا وفي الآن ذاته مناضلا ثوريا، إضافة لإلتزاماته الأخرى بقضايا التحرر في دول العالم الثالت بقاراته التلاث. لقد كان محمود درويش أمام المحتل الاسرائيلي مقاوما وطنيا ومع الأمة العربية مناصرا قوميا وأمام العالم شاعرا إنسانيا، ينتصر للقضايا العادلة ويسخر شعره لتخليدها والتعريف بها.
كانت السلطات الإسرائيلية تهاب قلم هذا الشاعر الإستثنائي أكثر مما تهاب الجيوش العربية جميعها، نظرا لم كان يتميز به من تأثير على الشارع العربي وعلى الرأي العام الدولي، فهو لم يكن شاعرا مرتزقا يساوم عن ضميره أو عن وطنه وأمته العربية.. بل شاعرا صادقا مع نفسه ومع الخط الذي إرتآه لنفسه منذ البداية. إلتزامه بالقضايا السياسية والوطنية لبلاده لم يحل دون إهتمامه بالقيم الإنسانية الكبرى، فشاعرنا يعد من أكثر الشعراء العرب الذين كتبوا حول الحب والجمال والحياة والطبيعة، كأنهم موضوع واحد يهدف للإعلاء من قيمة الإنسان ومركزيته الوجودية.
في شعره لاتخفى تلك النسمات الجوانية التي تخاطب جوهر الإنسان ومطلقه الإلاهي، فكلامه يسبح دائما فوق المكان والزمان مصاحبا الإنسان في عالمه التجريدي.
فتسخير محمود درويش للأساطير الغربية والشرقية في الشعر لإيصال فلسفته الوجودية وتصوره لمجموعة من القضايا الإنسانية، لايسعنا إلا أن ننبهر ونندهش لهذه المعادلة التي قلة هم الشعراء من يجمعوا بينها، إذا إستثنينا بعض الشعراء الكبار كطاغور وبودلير وإقبال أو إليوت…وهؤلاء شعراء كان لهم رابط واحد يجمع بينهم هو الجمع بين العمق الفلسفي وجمالية اللغة الشعرية والحكمة الإنسانية، فهذه المعايير قلة من يجمعون بينها في تاريخ الشعر الإنساني.
ولهذا نحن نحن لم نكن خاطئين أبدا، بعدما أطلقنا على محمود درويش لقب “الشاعر الفيلسوف ” لأنه يستحق هذا اللقب وبإمتياز كبير.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد