الرائدة في صحافة الموبايل

الوثيقة السياسية.. دعوة تصحيحية لمسار “الكتاب” أم “مسمار” في نعش الزعيم؟!

نادية الصبار – دنا بريس

تحت شعار “سنواصل الطريق.. مصالحة من أجل المستقبل”.. أطلقت أصوات معارضة من داخل المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية واللجان المركزية، مبادرة تصحيحية جاءت في شكل وثيقة سياسية من تسع صفحات، حررت بتاريخ 14 شتنبر الجاري، تدعو لمراجعة الذات والمصالحة مع مناضلي الحزب من أجل إعادة الحزب كحزب ذي مرجعية وطنية، تقدمية واشتراكية.

*عز الدين العمارتي منسق المبادرة وعضو المكتب السياسي لحزب “الكتاب” يوضح للرأي العام الوطني طبيعة المبادرة التصحيحية:

في تصريح خص به العمارتي جريدتنا دنا بريس يقول عنها أنها “خلاصة نقاش تم فتحه بين مجموعة من المناضلين من مختلف الأجيال، تهدف بالأساس إلى خلق نقاش سياسي وتنظيمي داخل الحزب من خلال الدعوة إلى مصالحة داخلية شاملة مقرونة بنقد ذاتي فردي وجماعي حسب المسؤوليات بكل روح رفاقية إيجابية تتوجه نحو المستقبل، لتقوية صفوف الحزب وإعادة الروح لهياكله التنظيمية والعودة للالتصاق بعوم المواطنات والمواطنين والتموقع في طليعة الحاملين لهمومهم والدفاع عنها على مختلف المستويات والواجهات، كما أنها مبادرة لا ندعي لها الكمال وتبقى مفتوحة على كل الآراء والأفكار الخلاقة للرفيقات والرفاق، وهي ليست موجهة ضد أحد بقدر ما نتوجه من خلالها للم الشمل والتوجه نحو المستقبل، لما فيه مصلحة الوطن والحزب. وقد اخترنا لها اسم ” سنواصل الطريق” إيمانا منا بضرورة تثمين ما راكمه الحزب طيلة 78 سنة من إيجابيات ومواصلة تعزيزها مع الوقوف على السلبيات أيضا وأخذ الدروس منها والتوجه نحو المستقبل على خطى ونهج الرعيل الأول بنفس جديد ومتجدد”.

*الوثيقة السياسية لمعارضي بنعبد الله تشيد بما حققه المغرب من كسب للرهان الديمقراطي:

أفتتحت الوثيقة بديباجة مستفيضة، تمت فيها الإشادة بما حققه المغرب من خلال كسبه للرهان الديمقراطي الكبير، والتنويه بالشعب المغربي على ممارسة سيادته الوطنية وحقه الدستوري، بتوجهه بكثافة نحو صناديق الاقتراع التي أفرزت نتائجها هزيمة نكراء لقوى الإسلام السياسي، البيجيدي، والذي بدا – حسب الوثيقة – عاجزا عن قيادة مشروع مجتمعي بديل.

كما كشفت نتائج انتخابات 08 شتنبر الأخيرة، عن هزيمة نكراء لقوى الإسلام السياسي “العدالة و التنمية”، بعد عجزه عن تقديم وقيادة مشروع مجتمعي بديل يتجاوز من خلاله انعكاسات السياسات النيوليبرالية العالمية على المغرب، خاصة بعد الأزمة المالية والاقتصادية العالمية لسنة 2008، ويحافظ على المكتسبات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوقية التي حققها خلال العشرية الأولى من القرن الحالي، وانحصار عمله على الخطابات الشعبوية وترديد شعارات محاربة الفساد دون القدرة الحقيقية على ذلك، مع تعميق الهشاشة الاجتماعية ومعاداة الطبقة المتوسطة.

ويتمثل فشل المشروع الانتخابوي للبيجيدي، تضيف الوثيقة السياسية التي بين أيدينا، (يتمثل) في التصويت العقابي الذي طال قيادة الحزب في شخص أمينه العام وعدد من قيادييه البارزين.

*الانتخابات في عيون الوثيقة السياسية:

اتسمت الانتخابات باستمرار الفساد وتفشي ظاهرة المال وشراء الضمائر وبشكل كبير بتعاقب نفس الوجوه على المشهد السياسي، في ظل بلوغ الترحال السياسي من اليمين إلى اليسار ومن اليسار إلى اليمين ذروته، وهرولة معـظم الأحزاب على تزكية أصحاب المال والجاه لضمان الحصول على مقاعد والاستمرار في المشهد السياسي بشكل مصطنع في انفصال عن قواعدها الحقيقية.

كما أظهرت نتائج الانتخابات بلقنة كبيرة ستستعصي معها مسألة التحالفات على أساس القرب الايديولوجي والسياسي مما قد ينتج مرة أخرى تحالفا هجينا، قد يعرقل إنجاز مهام المرحلة المقبلة، والمتمثلة أساسا في مسؤولية تنزيل مضامين النموذج التنموي الجديد.

وهنا يمكن استحضار مسؤولية الدولة وبجانبها كل الإرادات الوطنية الصادقة لتعبئة النخب والكفاءات والسهر علـى إقامة مؤسسات ذات مصداقية خدمة للصالح العام ودفاعا عن قضايا الوطن الأساسية، في وقت اشتدت فيه الأزمات والتهديدات.

ليبقى السؤال المطروح – تقول الوثيقة- هو مدى قدرة اليسار على إعــادة تملــك الإرادة السياســية لبنــاء ديمقراطــي حقيقــي، أمام هذا الزحف السياسي والانتخابي للـتوجه الليبرالي الذي يوظف تارة المال وتارة الدين للتأثير الاديولوجي على المجتمع وكبح وعيه الطبقي ومن تم عزيمته من أجل التغيير نحو الديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية.

*معارضو بنعبد الله يدعون لعقد مصالحة تاريخية كبرى مع جميع مناضلي الحزب من أجل إعادة بناء الحزب من جديد:   

صدحت أصوات معارضة من داخل حزب التقدم والاشتراكية تطالب بالتغيير وتصحيح المسار داخل الحزب، بعد ما فشل بمقاربته الانتخابوية. عبر استقدام متأخر لمرشحين من خارج الحزب، وفرضهم على القواعد الحزبية، في ضرب سافر لرصيد الحزب الانتخابي والنضالي الذي راكمه عبر سنوات، مما أفقده قبيل الاستحقاقات لمواقع انتخابية تاريخية، بعد الاستقالات الجماعية المتتالية التي عاشها. كل ذلك بسبب سوء التدبير والتقدير، وتغييب للديمقراطية الداخلية، ونتيجة للقرارات والمواقف الانتهازية وغير المسؤولة لقيادة “بنعبد الله”والتي جعلت الحزب في عزلة شعبية ومؤسساتية لم يعرف مثلها من قبل. ولولا القاسم الانتخابي وإلغاء العتبة لمني الحزب بهزيمة نكراء.

وبعدما يأست هذه الأصوات المعارضة، – حسب  العمارتي في التصريح الذي خص به جريدتنا دنا بريس.. من غياب الديمقراطية الداخلية وقمع وإبعاد كل من له رأي مخالف، حتى فقد الحزب خيرة مناضليه وأطره وأصبح متحكم فيه بشكل غير طبيعي من طرف الأمين العام مع صمت في مفهوم لقيادة الحزب..

*لماذا الدعوة التصحيحية مباشرة بعد الانتخابات؟!

في سؤال وجهناه لعز الدين العمارتي.. لما هذا التوقيت بالذات مباشرة بعد نتائج الانتخابات ؟ ولما لم تكن الدعوة لهذه الحركة التصحيحية من قبل؟!..
كان رد العمارتي: “هذه الوثيقة بدأ العمل عليها قبل عدة شهور من الانتخابات، ولكن لكي لا نتهم بالتشويش على الحزب أثناء الانتخابات ونرمى بالتهم الجاهزة من تخوين وغيره ولنقدم دعما لحزبنا في محطة هامة ارتأينا تأجيل إخراج الوثيقة إلى ما بعد الانتخابات.

فبعد الاستقالات الجماعية المتتالية التي عاشهاالحزب بسبب سوء التدبير والتقدير، وتغييب للديمقراطية الداخلية، ونتيجة للقرارات والمواقف الانتهازية وغير المسؤولة لنبيل بنعبد الله والتي جعلت الحزب في عزلة شعبية ومؤسساتية لم يعرف لها مثيل. – تقول الوثيقة -.
ولولا القاسم الانتخابي وإلغاء العتبة لمني الحزب بهزيمة شنيعة خلال هذه الانتخابات. مما يضع معارضي بنعبد الله  اليوم أمام مسؤولية وطنية وحزبية تاريخية تقتضي منهم تقويم الحزب الذي زاغ عن مساره وصون تاريخه وتحسين صورته، للاستمرار في خدمة الشعب والوطن انطلاقا من مرجعية الحزب كحزب وطني، تقدمي، اشتراكي.
وما يستدعي ذلك من فتح نقاش سياسي مجتمعي مع كل المؤمنين بالاختيار الديمقراطي ببلادنا وكذا فتح نقاش حول الوظائف الأساسية للمؤسسات ودورها في بناء الدولة العصرية الديمقراطية. وذلك حسب منطوق الوثيقة السياسية.

*سؤال تلوك به الألسنة.. هل تنذر الوثيقة بتصدع في الحزب وانقسام على نفسه؟!

كان لزاما علينا أن نطرح ختاما على العمارتي خلال تواصل جريدتنا دنا بريس معه؛ سؤالا بقيت ألسنتنا تلوك به منذ توصلنا بالوثيقة، ألا وهو: هل يمكن اعتبار هذه الوثيقة تنذر بتصدع داخل أركان الحزب وبإنقسام للحزب على نفسه أم هي استهداف لقيادته؟ فكان رده “أنه لا يمكن اعتبارها البثة تمهيدا للانشقاق من داخل الحزب، أو للإطاحة بقيادته، وإنما مبادرة تروم تقويم الاعوجاج من خلال النقد الذاتي لعدد من الاختيارات والقرارات التي تبنتها القيادة السياسية للحزب والتي كان لها انعكاس سلبي على تموقع الحزب في المشهد السياسي الحالي”

وأضاف: “لكننا نتأسف لرد فعل الأمين العام على هذه المبادرة الذي لا يليق بتاتا بزعيم حزب سياسي عريق، كما نتأسف لصمت قيادة الحزب وحكمائه اتجاه كل هذا.. مصلحة حزبنا تهمنا جميعا والدعوة للمصالحة الشاملة والنقذ الذاتي عبر وثيقة سياسية رصينة تحمل تحليلا واقتراحات عملية، كان من المفروض في حزب من قيمة التقدم والاشتراكية يدافع على حرية التعبير والديمقراطية أن تتجاوب قيادة الحزب والأمين العام على وجه الخصوص معاها بشكل ارقى”.

*تحصيل حاصل

فقط قمة تناقضات بالوثيقة التي تثني في ديباجتها على الرهان الديمقراطي وتصف العدالة والتنمية بالخذلان.. لتعرج بذات الوقت على واقع انتخابي موسوم بالفساد والمال السياسي وشراء الضمائر وطغيان الترحال السياسي من اليمين إلى اليسار ومن اليسار إلى اليمين وبلوغه الذروة. وهرولة معـظم الأحزاب على تزكية أصحاب المال والجاه لضمان الحصول على المقاعد والاستمرار في المشهد السياسي بشكل مصطنع في انفصال عن قواعدها الحقيقية، حسب ذات الوثيقة.

حتى لكأننا نخال الأحزاب كفرق لبطولة كرة القدم يلبس قميص انديتها الأجانب الذين استقطبتهم الفرق الكروية بمناسبة بطولة ما.. فكيف يمكن الحكم على نتيجة الانتخابات ونقول “تربع “للأول.. ونقول للثاني “مني بهزيمة نكراء “.. لعل النجاح وهذا واقع الحال يخضع كما تخضع الفرق الرياضية خلال الملتقيات لتكتيكات معلنة وأخرى غير معلنة أو ما يسمى بلغة السياسة “الكولسة”..

فكيف تصف “الوثيقة السياسية” الانتخابات والسلوك الانتخابي وبنفس الوقت تضرب عرض الحائط ما جاءت به في مقدمة الوثيقة وتتحدث عن عقاب سياسي للبيجيدي، لسنا ندافع.. فقط هي ملاحظة وجب بها الذكر.. ولعله ذا الخطاب الشيزوفريني الساند والذي درج لدى العامة والخاصة.. لذلك نتساءل إذا ما كان هذا التحليل المزدوج لا يحمل شيزوفرينية الغاية والهدف.. التصحيح والإطاحة برأس الزعيم.

















اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد