الرائدة في صحافة الموبايل

علاقة وزارة العدل بالمهن القضائية

ذ. حسن حلحول

خرج السيد وزير العدل بتصريحات، أثارت نقاشا كبيرا في أوساط المحامين، فكل ينادي بما لديه من ملاحظات، منها ما يدخل في إطار العتاب واللوم، او ما يدخل في تعييب ما صدر عنه بخصوص الضريبة وقانون المهنة.

فمنهم من قال ان الوزير الزميل تنكر لأمه وجودها، ومنهم من كفره وهو بني جلدتهم، ومنهم من جعله ممن لم يكن له أي دور في تسيير الشأن المهني.

هذا التحليل الشخصي، كله هذا لا قيمة له، إذا ما نظرنا بنيويا إلى اختصاصات وزارة العدل في علاقتها مع المهنة الحرة عامة ومهنة المحامين خاصة ، فهذا المدخل هو الذي سيرقى بنا كمحامين المعتبرين من صفوة ونخبة المجتمع، فهم عندما ينتقدون لا ينتقدون من خلال المعيار الشخصي الذي يخص الحياة الشخصية للفرد ، او من با إحداث جرح شخصي، وهذا المعيار لا يفضي إلى أي نتيجة، وانما ينتقدون من خلال المعيار القانوني والموضوعي، من أجل اصلاح الأقوال الرديئة بالحوار الهادئ ما استطعنا، ولا نتعرض للشخص من هو ومن يكون ، ما الوزير الزميل ذ.عبد اللطيف وهبي إلا محام، سبق من قبله وزراء محامين تعاقبوا على كرسي وزارة العدل، فعلوا في المحاماة ما لم يفعله “هولاكو” في العرب ، أمثال الأساتذة بوزبع والناصري والرميد وغيره والقائمة طويلة.

فبالرجوع الى قانون استقلالية القضاء وانفصالها عن السلطة التنفيذية التي من خلالها عرف الجهاز القضائي تغييرا بنيويا وجذريا عندما تم تقسيم جسم القضاء إلى سلطتين مستقلتين، إحظاها سميت “السلطة القضائية”، والأخرى “رئاسة النيابة العامة” ، في الوقت الذي لم يلتفت إلى مهنة المحاماة لتساير هذا التغيير، مما جعلها تتخلف كثيرا عن الركب وتخلق ارتباكا في قطاع حيوي في المجتمع من باب انها مهنة ءات رسالة شريفة في الدفاع، فكان حري أن يتم فتح ورش مهنة المحاماة مع المحامين، ومن ثم مع من يمثلهم إبان المخاض والتغييرات التي عاشها الجهاز القضائي، من أجل التفكير جديا في إحداث المجلس الوطني الأعلى للمحامين، كبديل حقيقي، ومن ثم دسترته ليصبح مؤسسة دستورية، ليشرف على كل ما يخص المحاماة، بدءا بالمسائل التنظيمية والمباراة، وطرح مشاريع قوانين تخص المهنة، وذلك بشراكة مع الرئيس المنتدب لدى السلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة.

وأما إذا بقي حال المحاماة بالنسخة القديمة وبأجهزتها الكلاسكية، ومؤسساتها التي أكل عليها الدهر وشرب، فإنها ستبقى المشاكل على حالها، بل ستتفاقم المشاكل والمثبطات، إلى مالا يحمد عقباه.
ربما إن السيد وزير العدل أراد بحواره الصحفي أن يخلق لنفسه، مكانة مرموقة إلى جانب الوزارات الأخرى المهمة، قياسا على فكرة الكوجيطو الديكارتي: “أنا أصرح، إذن أنا موجود”، وهي تصريحات نارية تثير الجدل من أجل الجدل، ولا تطرح ا بدبل علاجي للأمراض المزمنة لمهنة المحاماة، فاختصاصاته الوزارية لا تربطه بمهنة المحاماة إلا بالخير والإحسان، ولا علاقة له بها على الاطلاق، باستثناء ما يتعلق بتقديم مشروع قانون المهنة إلى المؤسسة التشريعية لا غير، ليرفع يده، كون مهمته الوزارية تكمن في أداء دور الوسيط أو المنسق فقط، مما يتعين عليه ترك المحاماة لحماة المهنة للدفاع عنها داخل البرلمان ، فلله الحمد لدينا الكثير من الوزراء والبرلمانيين المهنيين، كرئيس الجمعية الرجل الصنديد ، ونقباء الشرفاء كالنقيب عبابو وغيره من الزملاء الذي اعتذر عن عدم ذكر اسمائهم، ليدافعوا عن مهنة المحاماة .

فليعلم المحامون أن التغيير في بنية عقل المحاماة قادم لا ريب فيه، وقد آن الأوان لمسألة التغييرها تشريعا و مؤسسات، من باب أن كل شيئ تغير من حولنا، فاختيار النقيب في المراحل القادمة مؤسس على معايير غير المعاييرالمعمول بها الآن، فالوقوف على الاطلال غير مجد.
إن التعبئة والتواصل البناء بين المحامين وطقاتهم، بات ضرورة ملحة في الوقت الراهن، ومن ثم إبعاد ومحاربة كل فكر إقصائي ضيق، من أجل خلق وإحداث إطار قوي ومؤسسة بديلة تتمثل في المجلس الوطني للمحاماة، له حضور قوي ومتوازن مع المؤسسات أخرى الشريكة ، ولن يتأتى ذلك إلا بدسترة المحاماة والتنصيص على مقتضياتها المظرقة والعملية في الوثيقة الدستورية، فلا قضاء قوي بدون محاماة قوية دستوريا، تعبر عن تطلعات مغرب قوي، مع الأخذ بمقترحات كل غيور عن المهنة، بعيدا عن الذاتية والشوفينية الضيقة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد