الرائدة في صحافة الموبايل

أسير ببطء.. لكنَّني لا أسير إلى الخلف أبداً

بقلم أحمد المهداوي

حكمةٌ بالغة تلك التي تفتَّقت عن مخيلة أبراهام لينكولن، الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة الأمريكية؛ والتي تبرز مسار الرجل المتعثر، والمليئ بخيبات الأمل، والمحاولات المتكررة من أجل بلوغ مرامه البعيد.
لكن لولا أنَّه صدَّق رؤاه ولا أقول رؤياه لأن ثمة فارقا بين الرؤيا بالمعنى الديني، والرؤى بالمعنى السياسي،
فلو لم يكن في سابق العهد مؤمناً إيماناً قوياً بأن ثمة طريقاً يسير فيه نحو غايته المنشودة لما كان أبراهام لينكولن تلك الشخصية المعروفة عند القاصي والدَّاني.
وعلى نفس الدرب أراودُ رؤاي البعيدة،
ولست متسرعا إلى بلوغ ما أريد بقدر ما أهتم بالطريق المؤدية إلى الهدف،
فليست السعادة بلوغ ما نناشده ونأمله، وإنّما السعادة حقا في المحاولات المتكررة للوصول؛
فالعبرة تتجلى بالأساس في البطء مع الثبات لا في السرعة مع الإخفاق.
تماماً،
كما في قصة السلحفاة والأرنب -ولا أظن أن وقائع القصة تخفى على أحد- حيث اغتر الأرنب بسرعته غير آبه في المقابل لعزم السلحفاة،
ونسي أو تناسى أن البُطء مع الثبات على بلوغ الهدف أولى من الاستعجال مع ارتكاب الأخطاء الجسيمة المؤدية إلى خسارة كل شئ في نهاية المطاف.
لم تكن سرعة الأرنب لتثني عزم السلحفاة على الوصول إلى خط النِّهاية على الرَّغم من بطء الحركة،
فقد توقفت السلحفاة برهة لتفكر في خطة مناسبة؛ تتناسب وإمكانياتها وقدراتها على عكس الأرنب الذي خاض السباق بطريقته المعتادة مع الكسل المرفوق بالغرور.
فالقصة أعلاه لا تعدو سوى أن تكون تجسيداً عملياً لمقولة أبراهام لينكولن “إنَّني أسير ببطء، لكنَّني لا أسير إلى الخلف أبدا”،
فمادام الهدفُ المنشود قد رُسمت طريقه،
وتبينت ملامحه فليس ثمة قلق من “فارق السُّرعات” بقدر ما يهم الثبات على السير قُدماً نحو الغاية المنشودة بعزم، وليست عبقريَّة النجاح سوى بلوغ الهدف بعد سلسلة طويلة من الإحباطات والفشل،
ففي السِّياسة: لكي تبلغ ما تصبو إليه تحتاج لطموحٍ قوي، وإرادةٍ أقوىٰ.. وإنَّك لن تفشل إلا إذا انسحبت.


اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد