الرائدة في صحافة الموبايل

اللمسة البيانية في قول الله تعالى حول الحج: (مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا.)

ذ.عبد الله مشنون

من الأمور المربكة في العقل المسلم؛ حينما تجده (كالأطرش في الزَّفَّة)؛ لا يميز بين المعاني والأبعاد الكامنة وراء بعض القضايا. وذلك بسبب ارتفاع جرعة العاطفة؛ وارتفاع منسوب حب مغاربة العالم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه إلى يوم الدين.
فبمناسبة موسم الحج لهذا العام؛ تعالت أصوات وكتابات مندهشة ومستغربة؛ ولغط كثير حول غلاء تكلفة الحج؛ خاصة في صفوف الجالية المغربية مغاربة العالم؛ الذين لا يبخلون في إغداق مصاريف إضافية على والديهم وأقاربهم مساهمة في زيارة الأماكن المقدسة من أجل أداء فريضة الحج.

وبكل أمانة سوف نعيد نشر إحدى ما كتب حول الموضوع؛ لكن حتى نحن في إيطاليا تلغراف؛ ومعنا الكثير من مغاربة العالم؛ لنا موقف وتساؤلات حول نفس الموضوع.

كتب أحدهم: “إسطنبول ومكة المكرمة تبعدان عن المغرب بنفس المسافة؛ ما يعني أن الرحلة من الدار البيضاء إلى مكة ذهابًا وإيابًا لا يجب أن تتجاوز في المعدل؛ 7000 درهمًا.. (دير نتا 10000 درهم).
لارام تزعم أن الطائرة في موسم الحج تذهب مكتظة ممتلئة بالحجاج وترجع خاوية الوفاض؛ وفي الإياب تذهب فارغة تمامًا وترجع ممتلئة بهم..
جميل .. أسيدي حنا غادي نخلصو ليها الرحلة ذهابًا وإيابًا مرتين باش تبقى مرتاحة.. بمعنى أن الكلفة المضاعفة ستكون: 10000 × 2؛ أي 20000 درهمًا!!

دابا بغينا نعرفو (وهادا من حقنا كمواطنين) كيف يصرف مبلغ 63000 ألف درهم لي كتأخذه الدولة مقابل تكاليف الحج؟
فإذا كانت الرحلة تكلف: 20000 درهم .. والإقامة (5 أشخاص يتقاسمون بيتًا واحدًا في فنادق بعيدة عن الحرم وغير مصنفة) على الأكثر ستكلف: 200 درهم يوميًا؛ أي حوالي: 7000 درهمًا طول مدة الإقامة؛ (دير نتا 10000 درهم)،
و مصاريف الأكل 150 درهم في اليوم (أغلب الحجاج يتركه لرداءته)، وهو ما يعني: 5000 درهمًا في المجموع، بدليل آخر فضيحة للممول المصري الذي حمل الوزارة مسؤولية اقتناء وجبات رخيصة عندما احتج عليه الحجاج المغاربة،
ومصاريف النقل في الحافلات بين جدة ومكة والمدينة نديرو ليها مبلغ 2000 درهمًا وهو بالطبع رقم مبالغ فيه لكن لا حرج…
نضيف أيضًا كلفة التلقيح والتي لن تزيد عن: 1000 درهم.
وكلفة المرشدين نديرو ليها: 1000 درهم لكل حاج.
إذن في المجموع لدينا:

  • كلفة الطائرة: 20000 درهم.
  • كلفة الإقامة: 10000 درهم.
  • كلفة الأكل: 5000 درهم.
  • كلفة النقل: 2000 درهم.
  • كلفة التلقيح: 1000 درهم.
  • كلفة المرشد: 1000 درهم.
  • والكلفة النهائية لكل حاج مقابل 35 يوم من الإقامة في الديار المقدسة ستكون في حدود: 36000 درهمًا.
    والدولة تأخذ حوالي: 64000 ألف درهم!!
    فأين هو الفرق ديال: 28000 درهم؟
    أليس من حقنا كمواطنين معرفة مصير أموالنا؟ واعتمادًا على أية طريقة تصرف وتنفق وخصوصًا أن وزير الأوقاف خرج في أكثر من مناسبة يقول أن الدولة ليست مستعدة للإنفاق على الحجاج!؟”

لكن حينما نشجب أو ندين ارتفاع أو غلاء تسعيرة الحج؛ فالغلاء بالنسبة لمن؟ هل بالنسبة للفقراء والمحتاجين ؟ أم بالنسبة للأغنياء والذين إستطاعوا اليه سبيلًا؟
في سورة آل عمران؛ يقول تبارك وتعالى: (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ. وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا. وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا. وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ.) الآية: 97.
ومادام الكلام بلغة الأرقام؛ فحتى نحن لدينا عملية حسابية بسطة على النحو التالي: فوفق الاحصائيات لموسم الحج لهذا العام:

  • 15392 حاج؛ وحاجة هي حصة المغرب المخصصة له من نسبة موسم الحج لهذا العام.
  • الثمن المحدد هذه السنة هو 63800 درهم عن كل حاج؛
  • المجموع هو: (98200960) أي ما يعادل: [982مليون درهم]
  • تكلفة بناء مستشفى هو :40 مليون درهم (24 مستشفى)
  • تكلفة بناء مدرسة: 11مليون درهم (89مدرسة)
  • تكلفة شراء شقة في السكن الاقتصادي ب؛ 25 مليون سنتيم (3928 شقة سكنية للأرامل والمطلقات واليتامى والأسر في وضعية صعبة وفقر وهشاشة)

هذا لا يعني أننا كمغاربة العالم؛ أو في موقع إيطاليا تلغراف؛ لنا موقف من الفرائض؛ ولكن هي مجرد تدبر في قوله تعالى المبني على شرط الاستطاعة. (مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا.) ونعتقد أن الغني له الاستطاعة؛ ولن نكن له لا أولياء ولا نصيرًا.
وبالتالي فإن استئصال الوعي المزيف؛ يعتبر إحدى المقدمات الضرورية لصنع المجتمعات ذات الفاعلية.

*إعلامي وكاتب صحافي من مغاربة العالم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد