الرائدة في صحافة الموبايل

20 غشت.. ثورة على من؟!

عبد الله الجباري

يخلد المغاربة كل سنة حدث ثورة الملك والشعب، وهي الثورة العارمة التي وقعت سنة 1953، بعد نفي الملك الشرعي محمد الخامس، ووضع السلطان الدمية محمد بن عرفة، ومبايعته من قبل ثلة من المغاربة بقيادة العملاء الذين كانوا سادة الميدان حينذاك.

لكن الذي يُتداول حول هذه الحادثة التاريخية، هو أن المستعمر الفرنسي أقدم على نفي الملك، وأن المسألة في المحصلة هي صراع ثنائي بين المغاربة والفرنسيين، أو بين الوطنيين والملك من جهة، وبين الاستعمار الفرنسي من جهة ثانية.

والذي لا يستحضره الكثيرون، هو أن فرنسا كانت على علم تام بالموقع الرمزي والتقدير الاستثنائي الذي يحظى به السلطان في صفوف الحركة الوطنية وعامة الشعب، لذا لم تضع في أجندتها مسألة نفي الملك أو عزله عن العرش، رغم الصعوبات التي كانت تعترضهم بسببه.

فمن الذي اقترح فكرة عزل السلطان؟

ومن الذي دافع عنها؟

ومن الذي عبّأ لها القاعدة الشعبية؟

بالرجوع إلى الكتب الصادرة عن هذه المرحلة، يتبين أن فكرة عزل السلطان ليست فكرة فرنسية، وليست من إبداع الإقامة العامة بالرباط، كما لم تُستورد من باريس.

فكرة عزل السلطان وتعويضه بسلطان بديل هي فكرة “مغربية”، فرضها أصحابها على المستعمر الذي اضطر إلى تنفيذها. ولعل أول من فكر في عزل السلطان هو الشيخ عبد الحي الكتاني، وقد راودته الفكرة سنة 1948، حيث توجه إلى مدينة القنيطرة لمقابلة جورج سبيلمان، وطالبه بالتعجيل بخلع السلطان وتنحيته. 

هذا المطلب له دلالة خاصة، لأن الكتاني –بذكائه الاستثنائي- وجهه إلى سبيلمان بالخصوص، لأنه أحد صناع السياسة الاستعمارية بالمغرب، حيث كان من أهم الخبراء المبرزين لدى السلطات الفرنسية، الجامع بين الصفتين العلمية والعسكرية، 

بعد ذلك، تبنى في الخمسينيات فكرة عزل السلطان الباشا الجلاوي والشيخ عبد الحي الكتاني، ولسنا ندري من المبادر لها، ولا نستطيع منح “براءة” الاختراع لأحدهما، لكن الثابت أنهما من الذين “تعاونوا على الإثم والعدوان” في هذه المسألة وفي غيرها.

اجتمع بتاريخ 20 مارس 1953 بمراكش كل باشوات المدن الكبرى، إضافة إلى عشرين قائدا، لتحرير عريضة تمهد لسحب الشرعية من السلطان محمد الخامس. وقد صدرت هذه العريضة في فترة حرجة بين فرنسا والسلطان الذي رفض لها مشروع ظهير البلديات، ورغم ذلك فإن فرنسا لم تتبن هذه العريضة، ولم تستعملها ضد السلطان لتضغط عليه، وقد صرح جاك دي بليسون الذي كان ينوب عن الجنرال كيوم بأن هذه العريضة “العدائية لا تستحق أن تؤخذ بعين الاعتبار، وأن لا يد للسلطات الفرنسية فيها”. كما صرح وزير الخارجية الفرنسي للجنرال كيوم بقوله: “ليعلم الجميع علم اليقين أن الحكومة الفرنسية تستبعد هذه السياسة من جملة ما يمكن أن تنهجه استبعادا كليا”.

في ظل الصراع بين الإقامة العامة والسلطان، اشتد عود المتمردين، واجتهدوا في التعبئة الشاملة ضد الملك، وقد عبّرت وثيقة وزارة الخارجية الفرنسية الخاصة بنازلة نفي الملك المعروضة على البرلمان بأن “مظاهرات القواد المغاربة وشيوخ الزوايا قد توالت بإيقاع سريع”، وتفيدنا هذه الوثيقة بالمسوغات التي بنى عليها المتمردون ضرورة عزل السلطان، وهي كالآتي:

** خروج السلطان ابن يوسف عن جميع العهود الدينية والمواثيق الإسلامية التي تجب عليه أمام الشعب.

** انتماء محمد الخامس للأحزاب المتطرفة جعلته يمشي بالبلاد نحو الهاوية. (المقصود بالأحزاب المتطرفة حزب الاستقلال وغيره من التنظيمات الوطنية، وقد سبق للجلاوي أن صرح للملك سنة 1950 بأنه سلطان حزب الاستقلال وليس سلطانا على المغرب، كما رفض محمد الخامس سنة 1951 البراءة من حزب الاستقلال مما جعل مجموعة من الفرسان تطالب بعزله).

** تبنى السلطان سياسة جعلته ضد جميع رجال المغرب العاملين، واتبع طريقا مخالفا للقواعد الدينية.

بناء على هذه المسوغات الثلاثة، طالب هؤلاء المتمردون من السلطات الفرنسية عزل السلطان، وتعويضه “بمن يستحق” ذلك.

بما أن المسوغات دينية في الأساس، كان لا بد لها من تعبئة دينية قوية، وهو ما تبلور في مؤتمر الطرق الصوفية المنعقد بفاس في أبريل 1953، وهو المؤتمر الذي ترأسه عبد الحي الكتاني، إضافة إلى الحضور الشرفي للجلاوي، وحضره ممثلو الطرق الصوفية من شمال إفريقيا، إضافة إلى مسلمين فرنسيين، وألقيت فيه “كلمات معادية للسلطان” بحسب ما ورد في وثيقة وزارة الخارجية. وتفيدنا جريدة الوداد أن المؤتمر حضره أكثر من 1300 شخصية، وحضره “لابارا” رئيس الناحية الفاسية، وقد “مدح الكتاني في هذا المؤتمر سياسة فرنسا في المغرب، فيما أكد لابارا على ضرورة عقد مثل هذه المؤتمرات لأنها تجسد سياسة التسامح الديني التي تنهجها فرنسا في مستعمراتها فيما وراء البحار”. 

انتبه محمد الخامس إلى خطورة هذا المؤتمر “الديني”، ورفع بعد يومين من انعقاده احتجاجا إلى المقيم العام، ثم أرسل رسالة استنكارية إلى رئيس الجمهورية، بيّن فيها أن المؤتمرين ليست لهم أي صلاحية في المجال الديني، مطالبا فرنسا في نفس الوقت بالحياد، ومحملا إياها مسؤولية عريضة المتمردين.

لم يتراجع المتمردون المغاربة، وجمعوا للعريضة أنصارا كثرا، وهو ما أخطرت به الإقامة العامة وزارة الخارجية بباريس، فلم يكن من وزير خارجية فرنسا إلا أن راسل الإقامة العامة بتاريخ 16 ماي 1953 مذكرا إياها بشروط معاهدة الحماية، وأن الموقف من العريضة يجب أن يكون متطابقا معها، وإذا استحضرنا تاريخ المراسلة، وأنها لا تنفصل عن حادث العزل إلا بثلاثة أشهر، تبين لنا أن فرنسا لم تكن متحمسة بالفعل لعزل السلطان.

بعد ذلك، تولى الجلاوي تسليم الإقامة العامة العريضة رسميا، وبيّن له أن الدوافع الوطنية والدينية هي التي تحركهم، وأن العريضة دليل على وعي الشعب ضد عاهل “ينهج سياسة خطيرة على مصالح البلاد العليا، ويتبع سلوكا منافيا لمبادئ الإسلام”.

استقبل السلطان المقيمَ العام بعد عشرة أيام من تسلم العريضة، وقدم له احتجاجا شديدا عليها، وفي اليوم الموالي، أنكر في بلاغ رسمي على الباشوات والقواد الذين عينهم بظهائره خروجهم على الحكم المركزي، وأنه لا يمكنهم الحديث باسم السكان الذين لا شأن لهم في تعيينهم.

بعد سجال بين أنصار الملك وأنصار القواد، وصل المتمردون إلى وقت السرعة القصوى في شهر غشت، لأنهم كانوا عازمين على تنصيب الملك الجديد بالموازاة مع عيد الأضحى، وكانت أول خطوة في المرحلة الأخيرة، توقيع 330 قائد مغربي لوثيقة منحوا فيها الصلاحيات السياسية “للرجل الفذ” الباشا الجلاوي، والصلاحيات الدينية لعبد الحي الكتاني، ملتمسين من فرنسا “تحرير شعبنا من متطرفي حزب الاستقلال”.

ونظرا لعدم تحمس فرنسا للعزل، ذهب الجلاوي إلى الأمام لإحراج فرنسا، فصرح يوم 30 يوليوز في الدار البيضاء بأنه “على جميع المؤمنين خلع طاعة السلطان، أما فرنسا فهي أدرى بما عليها القيام به”.

ونظرا لحساسية الظرف، فإن الجلاوي اضطر إلى القيام بجولة مكوكية للتعبئة الشاملة ضد السلطان، وكانت على الشكل الآتي:

4 غشت: توجه إلى أغادير.

5 غشت: حل بمراكش.

6 غشت: توجه إلى خريبكة.

7 غشت: توجه إلى الرماني.

8 غشت: كان في أدجير من بلاد زايان.

9 غشت: أطر نشاطا بصفرو.

10 غشت: توجه إلى تازة.

11 غشت: كان بتروال قرب وزان. ومنها توجه في نفس اليوم إلى المهرجان الضخم الذي أقيم بالضريح الإدريسي بزرهون حيث أطره رفقة الكتاني.

13 غشت: كان بمراكش مع أنصاره أيضا، وكان الكتاني حاضرا معه.

إذا استحضرنا البنية التحتية للطرق إذ ذاك، وإذا استحضرنا البعد الجغرافي للمناطق التي رحل إليها في ظرف وجيز وبشكل يومي، نعلم الجهد الكبير الذي بذله الجلاوي للتعبئة والتأطير ضد السلطان وضد الشرعية.

وبموازاة هذه الرحلة المكوكية للجلاوي، كانت لعبد الحي الكتاني رحلة مكوكية موازية، وسنعتمد على تاريخ تغطيتها الصحفية من خلال جريدة السعادة.

31 يوليوز: أطر نشاطين في كل من خريبكة وواد زم، واستُقبل في هذه الأخيرة استقبال الملوك.

1 غشت: حلّ بأبي الجعد.

9 غشت: حل بوجدة رفقة الجلاوي، ورافقتهما 347 سيارة تحمل 350 قائدا. 

وتوجه في جولته إلى بني مسكين أيضا.

13 غشت، كان بمراكش رفقة الجلاوي. وبقي بها إلى أن بايعوا ابن عرفة، وكانت له أنشطة بالمدينة، منها زيارته لضريحي أبي العباس السبتي والقاضي عياض يوم 17 غشت، وكان مصحوبا في هذه الزيارة بالجلاوي.

ووصل الكتاني في تعبئته ضد السلطان إلى الجنوب، وقد ورد في كتاب “تجاوزات جيش التحرير الجنوبي” أن عبد الحي الكتاني توجه إلى تزنيت ونواحيها على رأس بعثة تجمع التوقيعات على لائحة نصرة ابن عرفة.

وهكذا توجه الكتاني رغم كبر سنه إلى مناطق نائية، وجال في ظرف وجيز بين وجدة وتزنيت، مما يدل على “إخلاصه” في هذا العمل التعبوي ضد الملك. 

أما المقيم العام، فقد التقى ممثله –كما تخبرنا الوثيقة المشار إليها- الجلاوي يوم 7 غشت، وأخبره هذا الأخير إلى أنه يعمل على استصدار القرار بالإطاحة بالملك، لكن دي بيلسون أوضح له “أنه لا يمكن التفكير في آفاق خطيرة كهذه دون الأخذ برأي الدولة الحامية”. وهذا الجواب يدل على أن فرنسا لم تتبن أطروحة نفي الملك أو عزله إلى حدود 7 غشت، أي قبل أقل من أسبوعين من وقوع الحادثة، وأن القرار هو قرار القواد والشيوخ بزعامة الجلاوي والكتاني.

نظرا لعدم حماسة فرنسا لأطروحة المتمردين، حاول الجلاوي والكتاني الضغط على فرنسا، فكانا طيلة شهر غشت يتوجهان “إلى فرنسا بنبرة أكثر تهديدا يوما بعد يوم، وفي 8 غشت طالبا في استجواب مع جريدة لي بيتي ماروكان بتركهما وشأنهما لاختيار سلطان جديد، مؤكدين أن الحركة مجرد تعبير على إرادة الشعب المغربي ومطالبين السلطات الفرنسية بعدم وضع أية عراقيل أمامهما، وإلا حسبما أضاف الشريف الكتاني: “فإننا سنتهم الحكومة الفرنسية بالتحالف مع الحركة الجمهورية الشعبية والشيوعية ضد ديننا الوطني””.

وفي 13 غشت، نشرت جريدة القيامة تصريحا تهديديا آخر للكتاني، مفاده أن “فرنسا إن لم تباشر عزل السلطان، فإننا سنواجهها كخصوم لها أمضى وأخطر من الاستقلاليين”.

اجتمع الرجلان الجلاوي والكتاني يوم 13 غشت مع أغلب القواد والباشوات في مهرجان ضخم بمراكش، وكان اللقاء حماسيا، صرح فيه القواد بأنهم لن يرجعوا إلى بلدانهم دون عزل السلطان، لأنهم –إن لم يعزل- سوف لن تبقى لهم مكانة أمام السكان، كما أنهم سيخشون قراراته معهم إن بقي جالسا على العرش. لذلك صاروا كتلة متراصة، ورغم تقديم السلطان تنازلاته للمقيم العام، فإن الفرنسيين لم يستطيعوا إحداث شرخ في صف القواد.

وكان المجتمعون في غاية الحماسة، وصدرت عن بعضهم ممارسات غاية في الغرابة، لدرجة أن القائد مالك بن لحسن بتارودانت سجد أمام الكتاني وبايعه وخلع بيعة محمد الخامس.

في هذا الجو لجأ الجلاوي إلى الضغط على فرنسا، فسرب إلى وسائل الإعلام خبرا مفاده أن مبايعة السلطان الجديد ستجري يوم 14 غشت صباحا. هنا، وقبل الحادث بستة أيام، أسرعت وزارة الخارجية الفرنسية بإصدار أمرها للمقيم العام لكي يقابل الجلاوي في الدار البيضاء، وأن يترك ممثليه في مراكش لتفريق القواد.

وبعد مفاوضات بين الأطراف، قدم القواد تنازلا بسيطا، واشترطوا عدم الدعاء للسلطان في مناطقهم، لكن الجلاوي استمر في خطته، وأعلن مبايعة ابن عرفة في مراكش، وبمجرد ما علم الجنرال كيوم بالأمر، أمر بالوقف الفوري لباقي المراسيم، ولم يعترف أحد بالسلطان الجديد.

رغم هذا الموقف الصادر عن المقيم العام، فإن الجرائد نشرت يوم 16 غشت أن البيعة تمت تحت إشراف المقيم العام، مما يعني الارتباط القوي للجلاوي بوسائل الإعلام، وأنه كان يضغط بها على السلطات الفرنسية.

بعد الإعلان عن هذه البيعة، وقعت اضطرابات في مدن متعددة، وسقط ضحايا، في هذه الظروف الشائكة، حاول الجلاوي الضغط على فرنسا، ونهج معها سياسة لي الذراع، فصرح يوم 18 غشت بأنه إن لم تتخذ فرنسا قرارات حازمة، فإن فرنسا لن تجد لها بعد مكانا في المغرب، وأنه سينقذ المغرب ولو كلفه ذلك التنكر لصداقته مع فرنسا الغالية عليه. 

استمرت الإقامة العامة في محاولة الوساطة بين الطرفين، واجتمع الجنرال كيوم بالجلاوي يوم 20 غشت على السادسة صباحا، وفي السابعة صباحا أخبر باريس بأن الباشا لا يتزحزح موقفه قيد أنملة.

هنا قررت الحكومة الفرنسية في الدقيقة التسعين الترجيح بين الفريقين، فقررت ترجيح فريق المتمردين لاعتبارين اثنين، أولا: لقوتهم مقارنة مع الفريق الآخر. ثانيا: اعتبارا للخدمات التي قدموها لفرنسا، مع استحضار أنهم أكثر المغاربة وفاء لفرنسا كما صرحت بذلك وثيقة وزارة الخارجية.

في هذا اليوم التقى المقيم العام كيوم بالملك محمد الخامس، وعرض عليه التنازل على العرش، لكنه أبى، وفضل مغادرة التراب المغربي دون أن يسجّل عليه التاريخ أنه تنازل عن العرش، فغادر البلاد على الساعة الرابعة مساء.

هنا انطلقت الثورة العامة والهبّة الشعبية ضد هذا القرار، فكانت ثورة ضد الإدارة الاستعمارية، وكانت ثورة أيضا ضد عملائها قادة التمرد، خصوصا الكتاني والجلاوي، حيث ووجها بمحاولات متكررة للاغتيال من قبل الفدائيين، وقد أصيب الكتاني بجروح جراء اصطدام متعمد بين شاحنة وسيارته، كما تعرض بعض المقربين منه للاغتيال.

وبالإضافة إلى رد الفعل المادي تجاه هؤلاء المتمردين، تبنى المغاربة ثورة أخرى ضد هؤلاء، وهي ثورة تتبنى الاغتيال الرمزي وليس المادي، حيث جعلوا رمزية الجلاوي والكتاني سببا لاعتبار كل القواد وكل الزوايا من العملاء، وهذا تعميم مُخل غير صحيح، لأن مجموعة من القواد لم يكونوا على وفاق مع الجلاوي، كما أن بعض القواد كانوا يقدمون خلف ستار خدمات للوطنيين، ومنهم من كان يُفَلْتر قرارات الدولة الاستعمارية ولا ينفذها بكل تفاصيلها، أما الزوايا الصوفية فعرفت أيضا شيوخا ومريدين مقاومين للاستعمار، ومنهم من تبنى الموقف الثالث، وهو الصمت والانعزال، ولم يقاوم ولم ينخرط في التمرد على السلطان.

ومن تجليات الثورة الرمزية وصف العائلة الكتانية كلها بالخيانة، وقد وقع في هذا التعميم عدد غير يسير من الباحثين والمتتبعين، والحق أن بالعائلة الكتانية عددا لا يستهان به من الوطنيين، منهم الشيخ محمد المهدي وأخيه الشيخ محمد الباقر، وهما ابنا أخي عبد الحي الكتاني، وكانا معارضين له، نابذين لمنهجه، إضافة إلى الأستاذ إبراهيم الكتاني وغيرهم.

وعموما، فثورة 20 غشت هي ثورة متجددة، يجب أن نحدد بوصلتها في الاتجاهات الصحيحة، فكما خاض أجدادنا ثورة ضد الاستعمار، وثورة ضد عملائه، فإن المغاربة اليوم في حاجة ماسة إلى تحديد بوصلة ثورتهم المعاصرة، حيث تكون ثورة ضد الاستعمار بتجلياته الحاضرة، وثورة ضد عملائه الذين يسعون في ترسيخ قيم الاستعمار في المجتمع وتهميش قيم الوطن وثوابته.

كما أن هذه الثورة تفرض علينا أن نحافظ على جذوتها، وذلك بعدم تزوير التاريخ، وإظهار العملاء مظهر الوطنيين، إضافة إلى رفض تمجيد وتعظيم خونة الوطن، وخلع بعض أوصاف الفخامة والعظمة عليهم، فإن في ذلك نوعا من التلبيس والتدليس على الشعب الذي هو العنصر الأساس في هذه الثورة، ولعل فضح تلبيسات هؤلاء هي نوع من أنواع الاستمرارية لهذه الثورة المباركة.

رحم الله شهداء الوطن، ورحم الله ثواره الأحرار.   

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد