الرائدة في صحافة الموبايل

موقف البيت الأبيض الداعم لمغربية الصحراء شوكة في حلق الجزائر

لعل دعم الحلفاء عموما والولايات المتحدة الأمريكية خصوصا، لملف الصحراء المغربية، شوكة عالقة في حلق الجزائر، فكلما تقدم المغرب خطوة، لاسيما بعد أن جدّد البيت الأبيض موقفه الداعم لمغربية الصحراء، ارتفعت نبرة الرفض من الجارة الجزائر، وتوسّعت حدة الغضب في خطابها السياسي، وكأن الاعتراف الأمريكي لا يهدد فقط ورقة “تقرير المصير”، بل ينسف سردية كاملة ظلت تصوغ بها الجزائر مقاربتها الإقليمية منذ عقود.

في بيانها الأخير الصادر عن وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، والذي تحصل موقعنا دنا بريس على نسخة منه، مثال صارخ على هذا التململ. إذ لم تُخف الجزائر “أسفها الشديد” لما وصفته بانحياز واشنطن، وذهبت إلى حد التشكيك في انسجام هذا الموقف مع موقع الولايات المتحدة كعضو دائم في مجلس الأمن، بل وتلميحها إلى أنه يضرب في العمق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

فما الذي يزعج جارتنا بالضبط؟ ولماذا يبدو موقف الجزائر أقرب إلى ردّ فعل دفاعي كلما تحركت الرباط بخطوة إلى الأمام في ملف “الصحراء المغربية”؟

بعيدًا عن لغة الخشب، يدرك القائمون على القرار في الجزائر أن الزمن الأممي لتصفية الاستعمار قد مضى، وأن القرارات التي تستحضرها بياناتها الرسمية – مثل القرار 1514 – لم تعد تحكم لوحدها منطق العلاقات الدولية. فالعالم اليوم لا يسير بقوة القرارات المؤرشفة، بل بحركية التفاهمات والتحالفات والتوافقات والاعترافات المتبادلة. وفي هذا السياق، نجح المغرب في أن يفرض رؤيته كأمر واقع مدعوم بواقعية سياسية تتقاطع مع مصالح شركائه، وعلى رأسهم الولايات المتحدة.

على ما يبدو؛ تخوض الجزائر معركة خطاب أكثر مما تخوض معركة ميدان وتتشبث بمرجعية قانونية، بينما يتقدم المغرب بخطوات محسوبة في الدبلوماسية الاقتصادية والأمنية والدولية. وفي الوقت الذي تُراهن فيهالجزائر على “تأنيب ضمير أممي”، تراهن الرباط على إعادة تشكيل ميزان القوى بما يعيد تعريف الملف وفق منطق جديد، لا يعارض الشرعية الأممية، بل يعيد قراءتها ضمن معطيات اللحظة.

ثمّة سؤال لا مفر منه في هذا السياق: هل تراهن الجزائر فعلاً على تسوية النزاع، أم أن إبقاءه مفتوحًا جزء من هندسة توازن إقليمي ترى فيه حضورها الاستراتيجي؟ وهل تكفي بيانات الشجب لفرملة قطار دولي بات يميل أكثر إلى مقاربة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية؟

هذا وأن البيان الجزائري لا يخاطب الخارج، بل يوجَّه إلى الداخل أيضًا. رسالة مزدوجة تروم الحفاظ على ثوابت الدعاية الرسمية، واحتواء الارتباك الذي يحدثه التمدد المغربي في الأوساط الدولية.

ولعل الحقيقة الوحيدة الثابتة في الملف برمته، أن الصحراء المغربية لم تعد مجرد أرض متنازع عليها، بل جزء لا يتجزأ من السيادة المغربية، وجسر إلى التموقع الجيوسياسي، وما فتئ جلالة الملك محمد السادس أن أكد فيما مناسبة ذلك، وكان آخرها بالذكرى 46 للمسيرة الخضراء المظفرة، حيث جاء في نص الخطاب: “مغربية الصحراء حقيقة ثابتة، لا نقاش فيها، بحكم التاريخ والشرعية، وبإرادة قوية لأبنائها، واعتراف دولي واسع”. وأضاف جلالته: “المغرب لا يتفاوض على صحرائه، هذه القضية لم تكن يومًا ولن تكون أبدًا مطروحة فوق طاولة المفاوضات، إنما نتفاوض من أجل إيجاد حل سلمي لهذا النزاع الإقليمي المفتعل.” وبه انتهى الكلام ووجب الإبلاغ.

    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد