لقاء بنون النسوة يلامس شغاف الكتابة وتجربة النشر برواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان خلال المعرض الدولي للنشر والكتاب
دنا بريس – كريم محمد الجمال
شهد رواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ضمن فعاليات الدورة الحالية للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، تنظيم جلسة حوارية استثنائية، جمعت الإعلاميات الرائدات: أسمهان عمور، سميرة مغداد، ومونية المنصور.
نظمت هذه الفعالية بشراكة بين منتدى الإعلام والمواطنة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وأدارتها الإعلامية نادية أبرام، وسط حضور نوعي من إعلاميين وأطر الإذاعة والتلفزة المغربية، بينهم فاطمة الإفريقي وإدريس الإدريسي، والناشر طارق السلايكي، والكاتبة الصحافية نادبة الصبار، المحامي يوسف بوش، إلى جانب عدد من الفاعلين الثقافيين والحقوقيين.
تميز اللقاء بتبادل تجارب ثرية في مجالات الكتابة والنشر، حيث استعرضت الإعلاميات المشاركات مساراتهن المهنية وتحولاتهن نحو عوالم التأليف.
تحدثت سميرة مغداد عن إصدارها الجديد “شيء مني”، الذي يجمع مقالات وتجارب شخصية امتدت على سنوات من العمل الصحافي، خصوصًا في مجلة “سيدتي”. وأكدت أن علاقتها بالكتابة بدأت منذ الطفولة، قبل أن تتوج مسيرتها في بلاط صاحبة الجلالة بإصدارها الأول، معربة عن امتنانها لهذه المبادرة الداعمة للإعلاميات والكاتبات.
أما أسمهان عمور، فسلطت الضوء على تجربتها في إصدار “نكاية في الألم”، مشيرة إلى الانتقال من التواصل عبر المايكروفون إلى التعبير عبر الكلمات المكتوبة، مؤكدة على أهمية الحضور النسائي القوي في المشهد الثقافي الوطني، ووجهت رسالة أمل قائلة: “خذوا الفرح واتركوا الألم لي”.
من جهتها، قدمت مونية المنصور قراءة تحليلية حول الإعلام التلفزيوني المغربي عبر دراستها الموسومة بـ”التلفزيون المغربي وصناعة القيم”، حيث وقفت عند دور الإعلام في ترسيخ القيم الاجتماعية وسط التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم، مشددة على أن أزمة القيم لم تعد محلية بل صارت معضلة كونية، مع إبراز أهمية الدراما في صناعة الصور الذهنية لدى المجتمعات، وضرورة اضطلاع التلفزيون المغربي بمسؤوليته الاجتماعية في هذا السياق.
وبلهجة مفعمة بالمشاعر والصدق، رسمت نادية الصبار في تعقيب لها صورة حيّة للكتابة، لا باعتبارها مجرد مهارة أو حرفة، بل كفعل مقاومة وصراع وجودي مع العالم وقسوته. تحدثت فيه عن الكتابة باعتبارها حاجة داخلية ملحة، تلازم الكاتب منذ البدايات الأولى، وتدفعه دفعًا لأن يلبي نداء الحروف المتمردة داخله.
وبهذا النفس الصادق، عبرت نادية الصبار عن معاناة الكاتب في رحلة تشكيل النصوص، حيث يقف دائمًا على تخوم التمزق بين ذاته وبين الآخرين. حيث تحدثت عن التحول الذي يعيشه الكاتب وهو يكتب نصه مرتين: مرة وفاءً لنبضه الداخلي، ومرة استجابة لشغف المتلقي وانتظاراته، مشبهة إياه بـ”الحاوي الذي يلعب على الحبلين”، في محاولة مستمرة لإرضاء الذات والقارئ معًا.
هذا ولم تغفل الكاتبة نادية الصبار الإشارة إلى التحديات التي تواجه الصحافي والمثقف اليوم، حيث تساءلت في ختام مداخلتها عن قدرة الفعل الإعلامي والثقافي على الصمود أمام سطوة التفاهة والإغراءات السهلة. وأكدت أن الالتزام باالارتقاء بالذات الكاتبة وسموها رغم كل الصعاب، يظل التحدي الأخلاقي والفكري الحقيقي الذي يمنح العمل الإعلامي معناه ووجوده.