خطوة متقدمة نحو إدراج القفطان المغربي ضمن قائمة التراث الثقافي لليونسكو وقطع الطريق أمام محاولة التطاول عليه!
هيئة تحرير دنا بريس
اقترب المغرب من تحقيق خطوة جديدة في مجال حماية تراثه الثقافي، بعد أن استكمل بشكل رسمي ملف تسجيل “القفطان المغربي” ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، وفق ما أكدت مصادر رسمية من وزارة الثقافة المغربية.
ويشمل الملف، الذي تم إعداده بعناية، مختلف المكونات المرتبطة بفن وصناعة القفطان، من تقاليد ومعارف ومهارات، إلى الحرف اليدوية المرتبطة بإنتاجه عبر جهات المملكة. وتم توثيق أنواعه المحلية المتعددة، من “الكسوة الكبيرة” الفاسية، إلى “نطع” سوس، ومخمل وجدة، وسقلي الرباط، وتطوان، وشفشاون، وعيون الصحراء، في إطار رؤية شاملة تعكس غنى وتنوع هذا اللباس التقليدي المغربي.
وفي تصريح سابق للسيد سمير الدهر، السفير المندوب الدائم للمغرب لدى اليونسكو، شدد على أهمية حماية التراث الثقافي من محاولات التوظيف السياسي أو الاستغلال غير المشروع، مؤكداً أن مسألة ملكية التراث لا تدخل ضمن اختصاص اليونسكو، بل تُعالج في أطر قانونية دولية أخرى. وأوضح أن الهدف من تسجيل مثل هذه العناصر في قوائم اليونسكو هو تعزيز التقارب الثقافي بين الشعوب، لا تغذية النزاعات.
ويعزز الملف المغربي ترشيحه بكم كبير من المعطيات الميدانية والمرجعية، من بينها جرد تفصيلي للأزياء التقليدية التي تندرج ضمن مفهوم القفطان، كـ”التكشيطة”، و”المنصورية”، و”القميص”، و”الجبادور”، و”القندورة”، وغيرها. كما يتضمن إشارات دقيقة إلى ما يُعرف بـ”الشدة” بمختلف تسمياتها الجهوية، مثل الشدة الطنجاوية، والتطوانية، والوجدية، بالإضافة إلى رموز أخرى كـ”الدفينة” و”التوقيتة الرباطية”.
وكان المغرب قد رصد في مارس 2023 محاولة جزائرية لتسجيل أحد أنماط القفطان المغربي، المعروف بـ”نطع”، ضمن تراثها الوطني، ما دفعه إلى التريث والتعجيل باستكمال الملف المغربي، وتقديمه بشكل متكامل ودقيق. ومن المنتظر أن يتم عرض الملف على أنظار اللجنة الدولية المختصة خلال اجتماعها المقرر في ديسمبر 2025.
يُذكر أن وزارة الثقافة المغربية كثفت في السنوات الأخيرة جهودها لتثمين التراث الوطني غير المادي، عبر التسجيل لدى الهيئات الدولية، لحمايته من أي لبس أو ادعاء خارجي، ودعمه بمسوغات تاريخية ومجتمعية ومهنية دقيقة.
تجدر الإشارة أن القفطان المغربي أكثر من مجرد زي تقليدي؛ إنه مرآة لهوية ضاربة في الزمن، وذاكرة نسجتها قرون من الإبداع والتنوع الثقافي. وفي زمن تتقاطع فيه الجغرافيا بالرمزية، وتتنازع فيه بعض الدول على سرديات الانتماء، يشكّل القفطان أحد أبرز رموز الخصوصية المغربية التي لا تقبل التأويل أو التزوير. وإذ يحتدم النقاش الثقافي بين المغرب والجزائر حول أحقية هذا الإرث، فإن محكمة التاريخ، بشهاداته الحية ووثائقه الموثقة، تظل وحدها الفيصل العادل في حفظ الأمانات الحضارية من محاولات التشويه أو السطو الرمزي.