الرائدة في صحافة الموبايل

خاص.. الأسيرة المحررة “إسراء جعابيص” في حوار مع “دنا بريس”

شغلت قضية المناضلة الفلسطينية، إسراء جعابيص، الرأي العام العربي منذ عام 2015 بسبب ظروف اعتقالها وصمودها في وجه الاحتلال طوال فترة الأسر حتى نالت حريتها في تبادل أسرى فلسطينيين مع أسرى الاحتلال بعد السابع من أكتوبر، وتخلل هذه الفترة مناشدات لإخراج “أم المعتصم بالله” من الأسر، على الأقل مراعاة لظروفها الصحية مع الإهمال الطبي والصحي والإنساني، المعروف عن سجون الاحتلال.

نالت المناضلة المقدسية حريتها بعزيمة وشجاعة وصمود فلسطيني أصيل، وخرجت إلى العالم لتقدم تجربتها وتجربة أبناء وطنها في كتابين، الأول بعنوان “موجوعة” والثاني بعنوان “فضفضات”.

ومؤخرا تقوم السيدة جعابيص بجولة في عدة دول عربية لدعم نضال الشعب الفلسطيني، ومن خلال مؤسسة “سيدة الأرض” التي يترأسها المناضل الفلسطيني د. كمال الحسيني انطلقت من تونس، وكانت القاهرة المحطة الثانية للجولة، وهناك التقينا الأسيرة المحررة في لقاء خاص ومميز.

س : في البداية نرحب بحضرتك في مصر، وسعداء بتشريفكم لنا، ونتمنى لكم جولة موفقة. ما هي أبرز الأجواء التي رصدتموها في مصر؟

ج: أهلا وسهلا بكم وأنا سعيدة بهذا اللقاء معكم، وبإذن الله يكون لقاء متميز. في الحقيقة الأجواء في مصر تشهد حفاوة واستقبال دافئ.

س : هل اختلف انطباعكم قبل الجولة عن بعدها، ومعايشة هذه الأجواء عن قرب؟

ج : الحمد لله، الأجواء مع الشعب أجواء حميمية جدا، وقريبة من فلسطين في العادات والتقاليد مثل الشعب الأردني. ويربطنا وحدة الدم والمصير كما الدول المجاورة لفلسطين، وكذلك وحدة الفكر الثوري.

س: سبقت زيارتكم للقاهرة زيارة تونس، كمحطة انطلاق لهذه الجولة، فما أبرز ما جاء فيها، خصوصاً مع الموقف التاريخي للشعب التونسي، وشعوب شمال إفريقيا والمغرب العربي، في دعم القضية الفلسطينية؟

ج : في الحقيقة حرص الشعب التونسي بشكل مستمر على تبني القضية الفلسطينية، والحديث عن الشعب الفلسطيني ودعوته للتحرير وإقامة الدولة الفلسطينية، كما كانت مصر سباقة بإطلاق شرارة الثورة والتحرير في فترة الستينيات بقيادة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر و الرئيس الراحل ياسر عرفات.

س: باعتبار حضرتك أسيرة مقدسية محررة، نرجو أن تطلعينا عن شعوركم نحو المغرب، خصوصًا أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس هو رئيس لجنة القدس الحالي وقبله صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني؟

ج : أتوجه بالتحية للشعب المغربي من خلال منبركم، والمملكة المغربية على تواصل مستمر مع القضية الفلسطينية، ونقدر جهود العرش المغربي في دعم الصمود المقدسي.

س: من وجهة نظركم ما هي أهم معوقات أمام دعم الصمود المقدسي؟

ج : أهم عناصر دعم الصمود هو دعم صمود الشعب الفلسطيني في أرضه بحيث لا يتركها، مثلما يحدث في قطاع غزة، وما يواجهون من قصف وإبادة وتجويع وحصار وكافة أشكال المعاناة التي يكابدها الأطفال والنساء والعجائز، بالتالي أقل شيء نوصل لهم المساعدات الإنسانية والطبية للمحافظة على حياتهم أمام هجمات الاحتلال، منعا لمشروعات التهجير وحتى يبقوا في أرضهم صامدين.

س:نرجو أن تعطينا نبذة عن تجربتكم الخاصة في مجال الكتابة، وما فيها من معاناة خلال الأسر في سجون الاحتلال؟

ج : داخل المعتقل يتم ممارسة كل أشكال العذاب على الأسرى سواء جسدي أو نفسي، وكل أشكال العنف اللفظي و الضغط على جراح الأسرى والضرب إلى آخره، وذلك يشمل الأسرى رجالا ونساء.

وتبدأ معاناة الأسير منذ بداية فترة التحقيق حيث يتلقى إهانات وتهديدات وضغوط تمارس على الأسير ذاته، وتبدأ رحلة الأسير النفسية إما بالتماسك والنهوض أو السقوط، ومن هنا بدأت أطرح الأسئلة على نفسي مثل كيفية بناء ذاتي وكياني من جديد، وعن الصعوبات التي تعرضت لها.

رأيت بنفسي وحشيتهم وقسوتهم تجاه الأسرى الفلسطينيين، والتهديدات التي مارسوها نحوها، بداية كنت مهددة بالسجن 60 عاما، وكان تهديد بوضعي مع نساء قاتلات مجرمات لوضع الخوف في قلبي. كانت هناك محاولات تنمر مثل أن يأتوا بأجمل نساء من الحارسات للضغط على نفسيتي. كل هذه العوامل تضافرت مع بعض ودفعتني لخوض تجربتي الأولى في الكتابة عن أدب السجون.

ودخلت في تحدٍ مع نفسي أولا، ومع إحدى السجانات إني سأمسك القلم وأكتب. ومن هنا بدأ التحدي الكبير، فكل بداية قد تكون نهاية لمرحلة من الألم والمعاناة وبداية جديدة لحياة الإنسان والعكس صحيح فقد تكون نهاية الإنسان إذا استسلم لمخاوفه وأوجاعه.

وبدأت مرحلة الكتابة بعد فك الشاش عن يدي المصابة من الحادث، ووضعت نفسي أمام هذا التحدي، وخضت العديد من الصعوبات لأكون قوية في هذه المحنة. وفي إحدى جلسات المحاكمة سألني أحد أقاربي “ما بكِ؟” فقلتُ “موجوعة”، ومن هنا خرجت تسمية كتابي الأول بهذا العنوان “موجوعة”.

وهذه الكلمة شكلت تحدي بالنسبة لي لأنه بسبب كلمة تمت معاقبتي لمدة شهر ومنعي من الزيارات و و”الكانتين” ولهذا كان هذا العنوان، موجوعة، ليبقى عنوان صمود وتحدي بالنسبة لي في وجه الاحتلال الذي لن يفرض علينا ما نقول.

س : بعد تجربة “موجوعة” كان لكم تجربة حديثة مع أدب السجون بعنوان “فضفضات”، فهل تعتبر امتداد لإصدار “موجوعة” الأول؟

ج : كتاب “موجوعة” أول قنديل لإطلاق كتاباتي، وبعده “فضفضات” يعتبر تجسيد لتجربتي كأسيرة فلسطينية داخل سجون الاحتلال. حكيت عن أدب السجون، و هو أدب يحاكي الذات قبل المجتمع، معتمدا على ذكريات وتجارب الأسير ومعاناته.

تم إطلاق الكتاب عام 2023، و في تونس تم إطلاق “فضفضات” مؤخراً، وهو يعبر عن التخلص من الآلام والأحزان وكل شيء يسبب الضغط للأسير. وعلى الأسير أن يتحدث بما في داخله من الألم حتى يبدأ في تكوين حالة من الصمود وتحدي الظروف.

س : ما تقييمكم لتناول الكتاب والأدباء العرب للمأساة الفلسطينية الحالية وهل كان التناول قديمًا أفضل واكبر؟

ج : أنا أرى أن الكتابة تشكل حالة مقاومة، وكلما كنت تصيغ الشيء بأكثر إنسانية وواقعية كلما كان أفضل لشق طريق مقاوم. الفن أيضا يشكل حالة مقاومة سواء من خلال الغناء أو الرسم.

وهذه المؤثرات لها دور فعال في تشكيل البيئة الحاضنة للمقاومة، وبالتالي أكثر ما يخشاه الاحتلال هو التأثير على العقل وعلى الفكر، حيث أن التأثير على العقل يفوق تأثير الرصاصة، الرصاصة تقتل شخص، أما الكلمة أو الفن تغير مجتمع كامل.

س :في نهاية هذا اللقاء، ما هي الرسالة التي تودين توجيهها للكتاب والقراء المهتمين بالأدب الفلسطيني؟

ج: أود توجيه رسالة للكتاب والقراء، ولكل صاحب ضمير حي التركيز على الرسالة التي يدعم من خلالها الآخرين، و لكل صاحب ضمير ميت عليه إيقاظ ضميره الانساني، ونتمسك جميعا بالمبادئ والأخلاق، فكل ما نقدمه للغير يعود إلينا.

في نهاية هذا اللقاء لا يسعني إلا توجيه جزيل الشكر والتقدير للشعب الفلسطيني متمثل في شخصكم الكريم.

الشكر موصول لكم وللقراء والمتابعين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد