الثقافة في زمن كورونا عند لاميج
بلاغ صحفي
لم يكن للجمعية المغربية لتربية الشبيبة أن تبقى بمنأى عما يعتمل في الزمن الراهن، ليس فقط في العالم بل في المغرب أيضا، من فرض لحجر صحي وما خلفه من إرباك في العلاقات الأسرية والاجتماعية، وضغوطات نفسية وجسدية على الأفراد والجماعات، حتى وأن أردنا أن نتعايش مع تداعيات جائحة فيروس كورونا، وبحثنا عن كافة السبل القمينة لتخفيف وطأته علينا.
لاميج كفاعل مدني في الساحة الجمعوية آثرت أن لا تبقى في الظل، في موقع هو أقرب إلى المتفرج، بل ما كان يهمها كمؤسسة جمعوية مواكبة ومتابعة لهذا الفيروس المستجد، هو أن تنخرط أيما انخراط في ملء الفراغ الذي أحدثه الحجر الصحي وتبعاته من تباعد اجتماعي وعلائقي بين البشر.
من هذه الزاوية انبرت الفروع المشكلة للخريطة التنظيمية للجمعية إلى المساهمة بكل ما أوتيت من إمكانات تنظيمية وبشرية وعلائقية وتواصلية، من خلال تسطير سلسلة أنشطة متنوعة ومتجددة، تجيب على مختلف القضايا التي تشغل بال منخرطي الجمعيةـ وتضعها على مشرحة التحليل والتفسير في جميع اللقاءات المنظمة طيلة مدة فرض الحجر الصحي.
ولما كان من الاستحالة بما كان الاتجاه إلى وضع برمجة تتبع لجميع الأميجيات والأميجيين والمتعاطفين مع الجمعية والمشاركين والمشاركات في تأطير أنشطة لاميج التفاعل حضوريا مع ما سطر، فقد كان البديل الطبيعي للفروع هو تنظيم تلك الأنشطة بتوظيف كل ما تتيحه التكنولوجيات الحديثة من إمكانيات هائلة ومنصات للتواصل الاجتماعي عن بعد من قبيل: زووم، فايسبوك، واتساب..
وما من شك أن فروع الجمعية رامت من خلال هذه المشاركات تبيان ما تتوفر عليه لاميج من زخم كبير تزخر به، التي تعكس قوتها وقدرتها التنظيمية على التكيف مع وضعية استثنائية كالتي تعيشها بلادنا، ومن جانب آخر الإجابة على سؤال ملح طرحته الظرفية الحالية في ظل زمن كورونا، يتعلق بمدى أهمية المعرفة بكافة أطيافها وشغف بني البشر إليها، ودورها في تقريب المسافات، واستمرار الوشائج التنظيمية بين فروعنا قيادات محلية وجهوية ومنخرطين، وما يرتبط بذلك من أسئلة تهم قدرة التنظيمات الجمعوية على التأقلم مع هكذا ظرفيات مستجدة، والمحافظة على تواصلها وتفاعلها مع المستفيدين من خدماتها، ناهيك عن قدرة الفاعلين المدنيين على إعادة النظر في آليات وطرق تبليغ خدماتها في ظل ظرفيات استثنائية كالتي نحيا أطوارها حاليا، ذلك أن الأزمات والمنعرجات في التاريخ ” لا تمر دون أن تنحت تغييرات وتقلبات لا فقط في الزمن البشري، بل أيضا في آليات وطرق التفكير” كما قال إبراهيم القادري بوتشيش أحد المؤرخين المغاربة المعاصرين.
تأسيسا على ذلك، فإن البرمجة التي اعتمدت خلال هذه الفترة، وضعت نصب أعينها على تطارح العديد من القضايا والمجالات منها ما هو نظري معرفي، ومنها ما هو مهاراتي، ومنها ما هو تنظيمي يهم ذات الجمعية المغربية لتربية الشبيبة وكيفية الارتقاء بها والحفاظ على وهجها وإشعاعها في مختلف المجالات الجغرافية التي تحتضنها.
وعلى صعيد حقوق الإنسان بمختلف تفرعاتها كانت المواضيع على الشكل التالي: “الجائحة وحقوق الإنسان”، و “أية استراتيجية لحماية النساء من العنف أثناء الحجر الصحي”، و”العرائض كآلية لتنزيل الديموقراطية التشاركية”.
كما حظيت موضوعة المجتمع المدني وما يتصل بها من عمل تدبيري ومهاراتي، بقسط وافر في أنشطة الفروع، في هذا السياق نجد مواضيع: “الإدارة الرشيدة”، و”التطوع والعمل الاجتماعي قبل وبعد زمن كورونا”، و”تطور أدوار العمل الجمعوي” ونظرة على بعض التجارب الجمعوية”، و”القيادة الجمعوية وتدبير فرق العمل”، و”دور الشباب في مواجهة كورونا”، و “مواصفات الجمعية الناجحة”، و”التصوير الفوتوغرافي”، و “رهانات العمل الجمعوي حاليا”، و”مفهوم الجهوية داخل الجمعية”، و”راهنية التطوع في العمل الجمعوي”، و”مبادرات محلية للمجتمع المدني في زمن كورونا، فاس بنسودة نموذجا”، و” أدوار المجتمع المدني في عمليات التحسيس”، و”ورشات في الأشغال اليدوية”.
المسألة الشبيبية بالمغرب كان لها حضور وازن في السياق الثقافي الحالي داخل الجمعية، من خلال المواضيع التي طرحها أعضاء الجمعية، والأسئلة التي طرحت على معاول البحث والنقاش، وهكذا نجد :” الشباب والحريات العامة بين القانون والواقع” تأطير المحامية، و”الشباب ما بعد كورونا”، و”دار الشباب التفاعلية وأسئلة التأطير والتنشيط عن بعد”، و “الشباب والعمل الجمعوي”، و”التنشئة الاجتماعية”، و”سلوك الشباب وإشكالية التأمل” و”الشباب والتحولات الاجتماعية”، و”التشغيل الذاتي من الفكرة إلى المشروع”، و”سياسة الدولة في قطاع الشباب والطفولة”.
في شق آخر لامست أنشطة فروع الجمعية محورا آخر له أهميته القصوى عند فروعنا، ومن ذلك نجد: “الدراما المغربية وقضايا الشباب” تأطير الناقد بلال مرميد، و”نظرة على الكوميديا بالمغرب” تأطير الكوميدي أمين بلغازي، و “المسرح المغربي بين الفرجة والإبداع” و “الفن في خدمة القضايا الإنسانية” تأطير عضو المكتب الوطني الفنان أمين ناسور، و “الفن والحقيقة والجمال” تأطير السيد سعيد آيت باجا، و “سهرة سينمائية مسار ناقد سينمائي” تأطير السيد بوبكر الحيحي، و “سهرة زجلية” من تنشيط الزجال إدريس بلعطار.
بعض الفروع احتفت بالقضية الفلسطينية وتطوراتها الحالية التي تهدد مستقبل هذه القضية التاريخية للعرب والمسلمين وكل أحرار العالم، وكان الموضوع هو لقاء تفاعلي موضوعه كان: “صفقة القرن تصفية للقضية في ظل الحصار والتطبيع” تأطير الفاعل السياسي والمدني يوسف بوستة.
وارتباطا بتطورات الحجر الصحي في ظل جائحة كورونا، كان لمسألة الاشاعة حضور في نقاش بعض الفروع عبر موضوع تناول :” محاربة الأخبار الزائفة، أي دور للإعلام المواطن” تأطير عضو اللجنة الإدارية والإعلامي حسن بنزلا.
باقي مواضيع النقاش كانت عبارة عن قضايا مختلفة ومتنوعة من حيث مضامينها، تمحورت في شق منها على الجانب الصحي في هذه الفترة ك” قضايا صحية” تأطير رضا الأسمر، و”تأثير الحجر الصحي على أنشطة الأطفال وتفاعلاتهم” و”المواكبة النفسية للتخفيف من تبعات الحجر الصحي”، و”ذاكرة مدن”، وقضية “التعليم عن بعد”، و”إدارة مشاعر التوتر والقلق أثناء الحجر الصحي” تأطير لطيفة سارة، وأية آلية للتعايش خلال الحجر الصحي” ، و”جائحة كورونا وانعكاساتها على مخزون الدم”، و”مغاربة العالم وفيروس كورونا”.
ما يمكن قوله في نهاية هذا المقال، أنه كانت هناك كثير من الموضوعات (ج موضوعة) أثارتها فروع الجمعية، سواء على صعيد الموضوعات والقضايا التي أثارتها الجائحة على المستوى الوقائي والفلاحي والصحي بشكل عام، أو على صعيد باقي القضايا التي تشغل بال شابات وشباب الجمعية المغربية لتربية الشبيبة، باعتبارها قضايا محورية ورئيسية في الزاد المعرفي لكل الأميجيات والأميجيين.
إن هذه الحزمة من الأنشطة عن بعد من شأنها أن تعزز إمكانيات وقدرات البقاء أحياء ليس بالمعنى البيولوجي للحياة، بل بالمعنى الممارساتي في الميدان، كما من شأنه أن نجعل فروعنا بشبابهم وشاباتهم على تواصل دائم فيما بينهم، وبين محيطهم مع العاطفين على هذه الجمعية التاريخية والعريقة، والمقتنعين بخطها النضالي تربويا وثقافيا بمدن وقرى هذا الوطن العزيز علينا.