الرائدة في صحافة الموبايل

“نعيمة زاكورة “..


الصبية البريئة التي وُجدت هيكلا عظمياً وشعراً وملابس فقط على رأس جبل قاحل أجرد. من قتلها؟ كيف قُتلت؟ هل القاتل وحشٌ بشريّ أم حيوانيّ؟هل اغتُصبت؟ لحدّ الآن لا ندري.
أحد أقاربها صرّح أن الطفلة نعيمة رحمها الله كانت مصابة عقلياً.
مدة غيابها فاقت الأربعين يوماً حتى وجدها راعي القرية.
رحم الله نعيمة وأسكنها فسيح جناته وألهم والديها الصبر والسُّلوان. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
على هامش هذا الحادث المأساوي، طفَت على السطح مواضع جانبية تمّ التركيز عليها حتى طغت على الفاجعة نفسها.
المقارنة بين فاجعة نعيمة وفاجعة عدنان، زاكورة والمغرب المنسي، العنصرية المقيتة المُفتعلة والتي لا أظن أن المغاربة متلوّثون بها إلى حدّ إثارتها. فبحمد الله تعالى المغاربة ليسوا عنصرين ولا يعتبرون لون البشرة ميزة ولا أي شيء من هذا القبيل إلا ما نَدَرَ ممَا لا يُلتفت إليه.
إعلامياً، أرى أن تغطية الحادث قد تمّ بواسطة التلفزة الوطنية ومنابر أخرى فضلاً عن منصات التواصل الاجتماعي.
غير أن هذا الحادث المأساوي له ما بعده. فصور الفقر المدقع والتهميش الفظيع للمنطقة لم يعد مقبولاً في المملكة الجديدة. طنجة وزاكورة كلتاهما مدينتان مغربيتان لا فرق بينهما من حيث الحقوقُ والواجبات … وهما العنصران الأساسيان لتشخيص روح المواطَنة.
لكن الفرق بين طنجة وزاكورة من حيث الحضارة والعمران والشغل والتنمية فرقٌ يُعدّ بالسنوات الضوئية.
ليس هناك مغرب نافع وآخر غير نافع. أنا أرفض هذا المبدأ. ولئن كان حقيقة في واقع الحال، فهي حقيقة ناتجة عن الفعل البشري ليس غيرَ. وإلا فالمغرب كله نافع، ومنفعته متنوعة وغنيّة. زاكورة تزخر بمنتوج سياحي هائل، واحات النخيل والثمور، الطبيعة المتميزة، مواسم الصيد، الصناعة التقليدية المحلية، الأهالي المِضيافون الكرماء. أركان أصيلة لجعل المنطقة نامية.
وإن كنتُ أنسى فلا أنسى زيارتي الوحيدة لزاكورة سنة 1969 صحبة صديقين فرنسيين كانا أستاذين في مدينة الحاجب وكنت أنا حينها سنة تخرجي من مدرسة المعلمين بالرباط. كنا نحن الزملاءَ الثلاثة في جولة في الجنوب المغربي على متن سيارة R4 “حسنة الصيت” وبالضبط في واحة بين زاكورة وورززات والتقينا هناك بسائحتين فرنسيتين مسِنّتين. بادرناهما بالتحية فما فتئت إحداهما تردد على مسامعنا (mais c’est le paradis ici)
(ولكن، إنها الجنة هنا)
كانت هذه نظرة الأجنبي لزاكورة والنواحي قبل نصف قرن من الزمن؟ (الجنة) فكيف هي الآن نظرة صاحب الأرض هناك، هل هو راضٍ أم ساخط؟ هل المنطقة جنة أم نار؟ وهنا السؤال.
وكتبه محمد الفزازي رئيس الجمعية المغربية للسلام والبلاغ.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد