الرائدة في صحافة الموبايل

حنان رحاب: ليلى بنعلي.. هل نحن أمام استهداف للحياة الخاصة؟!

اصدرت بعض الصديقات في الحركة النسائية، تدوينات وبيانات تضامن مع الوزيرة ليلى بنعلي باعتبار صفتها الحكومية “وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة”، وهو التضامن الذي يندد بما سماه تجاوزات تعرضت لها السيدة الوزيرة على وسائل التواصل الاجتماعي بسبب صورة زعمت صحف ومواقع مشهورة أسترالية وبريطانية أنها تجمعها برجل الأعمال المعروف أندرو فورست، فيما نفت الوزيرة ذلك في بلاغ صدر عن وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة.

وإن كان طبيعيا، بل ومطلوبا أن تقوم الحركات النسائية بواجبها في التصدي لكل الممارسات المهينة والحاطةبكرامة النساء، وخصوصا ما تعلق منها بالجرائم الإلكترونية، والتي يجب أن تكون كل المواطنات بإزائها متساويات في الحماية وفي التضامن وفي الدفاع عن حقوقهن، بغض النظر عن الصفة التي يشغلنها، لأن الصورة التي انتشرت في مواقع التواصل والاجتماعي، والتي تم نسبها للوزيرة، توجد مئات الأشباه والنظائر لها على مواقع التواصل الاجتماعي لنساء بسيطات، يتعرضن للتنمر الإلكتروني، ومنهن من تسببت لها تلك الصور في مشاكل عائلية ومهنية، بل منهن من كانت خاتمتهن الانتحار، ومع ذلك فإن حجم الحماية لهن والتضامن معهن يبقى ضعيفا مقارنة بما تتمتع به الشخصيات العمومية ذات النفوذ الرمزي أو المادي.

غير أن ما يمكن أن يشكل نقطة خلاف مع بعض المواقف المعبر عنها تضامنا مع ليلى بنعلي، ليس هو تصديها للدفاع عن الوزيرة، إذا ثبت أن ثمة استهداف لها باعتبار النوع الاجتماعي، فذلك مما لا يمكن الخلاف حوله، ولكن السؤال: هل الانتقادات التي وصلت حد السخرية كانت بسبب النوع الاجتماعي؟

لا أعتقد ذلك، فبتحليل لأغلب المنشورات ذات الصلة، سنجد التبئير على صفتها الوزارية، وليس على كونها امرأة، وهو نفس ما قام به العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي حين تم نشر صورة الوزير السابق للتشغيل محمد يتيم برفقة مدلكته بباريس، فهل استهدف يتيم لكونه رجلا؟

إن انتقادات وتعليقات وحتى سخرية رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الحالتين، كان بسبب شبهة استغلال الموقع الوزاري في أمور شخصية، سواء قام به وزير أو وزيرة، وبالتالي فإن إشهار ورقة استهداف النساء للتغطية على تصرف لا يليق بمسؤول حكومي، أو لتحريف النقاش عن شبهة تضارب المصالح، يصبح تمييعا للنضال ضد الوصم بسبب النوع الاجتماعي.

وقد سقط بعض المدافعات عن الحياة الخاصة للوزيرة في تناقض، فهم من جهة يعتبر أن الصورة ليست للوزيرة تماهيا مع بلاغ النفي الصادر عن وزارتها، ومن جهة أخرى يدعون إلى اتخاذ الإجراءات في حق من سمتهم المتورطين في تقاسم معلومات شخصية، فهل ما “ارتكبه” رواد مواقع التواصل الاجتماعي هو فبركة أخبار زائفة بغرض التشهير؟ أم هو استغلال لمعطيات شخصية؟

وينجم عن هذا سؤال آخر: هل إذا ثبت أن الصورة للوزيرة، فهل والحالة هذه أننا أمام تدخل في الحياة الشخصية؟

إذا اعتبرنا أن الأمر يدخل في الحياة الخاصة، وأننا من منطلق حداثي لا نعتبر القبلة مسا بالأخلاق الفاضلة مثلا، فكان يجب الانتباه أن السيدة الوزيرة المنتمية إلى حزب حداثي في بلاغ نفيها أدانت ذلك السلوك في الشارع العام، واعتبرته مسا بمكارم الأخلاق، وبالتالي أدانت كل النساء الذين وجدن في مثل ذلك السياق الحميمي.

غير أن الممارسات الفضلى في سلوك المسؤولين في العالم كله، بما فيه الدول الأوروبية تضع فصلا بين السلوك المقبول من كافة المواطنات والمواطنين، وبين واجب التحفظ الذي يلزم أن يسير وفقه المسؤولون، وبالتالي فإن مشهدا مثل ذلك غير مقبول من مسؤول وزاري، ويصبح محط شبهات أكبر إذا كان مع شريك يفترض أن له مصالح مع الجهاز الذي تشرف على تسييره الوزيرة.
وبالتالي فإن الأمر غير متعلق باستهداف الوزيرة لأنها امرأة، بل بأسئلة مشروعة.
هل أخلت الوزيرة بواجب التحفظ، وبمدونة السلوك المفروض الالتزام بها من طرف الوزراء في الفضاءات العامة، لأن الصورة في شارع وليس في مكان خاص؟
هل هناك تضارب للمصالح، خصوصا أن الصحافة الأسترالية والبريطانية كتبت أن الوزيرة عضو في المجلس الإداري لإحدى شركات أندرو فوريست، وفي نفس الوقت هناك صفقات بين وزارتها وبين تلك الشركة؟

لقد نفت الوزيرة أنها ليست صاحبة الصورة،  في بلاغ لم يصدر عنها بصفتها الشخصية، بل صدر عن وزارتها، وكنا ننتظر أن ترفع دعوى بموقع “دي أستراليان”، وخاصة أنه تحدي بيان النفي، واستمر في نشر ادعاءات أخرة أكثر تفصيلا، كما أن الملياردير وشركته لم يصدرا أي بيان نفي، بل تحفظا فقط على العبارات المستعملة في المقالات التي تتابعت حول هذا الموضوع.

كما أن بلاغ النفي كان غامضا وملتبسا بخصوص شبهات تضارب المصالح، ولم يقدم ما يفند ما جاء في المقالات التي تحدثت عن هذا التضارب في المواقع الأسترالية والبريطانية.

لا يمكن إقصاء احتمال أن يكون الأمر هو تصفية حسابات لجهة ما مع الملياردير الأسترالي، ولا يمكن كذلك إقصاء احتمال أن يكون هناك استهداف كذلك لمشاريع المغرب المتعلقة بالطاقات البديلة، والتي يعد أحد روادها عالميا.
لكن كل هذا لا ينفي أن الأسئلة والشكوك المحاطة بهذا الموضوع تتطلب الرد القضائي الحازم في حال التأكد من سلامة موقف الوزيرة، وتتطلب تقديم المعطيات التي تفند الادعاءات السالفة، لأنه بغض النظر عن دوافع المواقع الاسترالية والبريطانية، فإن ما يهم هو صحة الوقائع من عدمها، لأن الأمر أكبر بكثير من استهداف شخصي للوزيرة، بل له تداعيات على الأمن الطاقي، جاذبية المغرب للاستثمارات الخارجية، وعلى هيبة المؤسسات الوطنية وتحصينها من احتمالات توظيف تدبيرها لخدمة مصالح خارجية لشركات أو دول.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد